كريتر نت – متابعات
جسدت التكنولوجيا طوق نجاة المحاصيل الزراعية في هولندا، حيث استعان المزارعون بطائرات مسيرة في شكل روبوت صنعتها “باتس إندور درون سوليوشنز”، وهي شركة ناشئة تعمل على تطوير أنظمة الطائرات المسيرة لتعقب آثار الحشرات والقضاء عليها.
مونستر (هولندا) – أشعل مزارعون هولنديون حرب المسيرات لمحاربة عثة القز التي أضرت بالمحاصيل، حيث مثلت التكنولوجيا الزراعية الحديثة المتجسدة في طائرة مسيرة التي تعمل كروبوت حلا للقضاء على الحشرات التي تهدد بتلف المحاصيل الزراعية.
وقام المزارع الهولندي في حقل نبات الرشاد، روب بان، بشراء مساعدين ذوي تقنية عالية لقتل العثة التي أصابت محصوله الزراعي، وهي طائرات مسيرة بحجم راحة اليد تبحث عن العث الذي ينتج يرقات يمكنها مضغ محاصيله وتدميرها.
وقال بان في مقابلة صحافية في صوبته الزراعية “محاصيلي فريدة من نوعها لا يتم رشها بالمواد الكيميائية ولا أريد فعل ذلك”. تقوم شركته “كوبرت كريس” بتصدير الشتلات والنباتات والزهور العطرية إلى المطاعم الراقية في جميع أنحاء العالم.
وكان بان متحمساً للاستعانة بالتكنولوجيا المبتكرة في صوبته الزجاجية، لذا لجأ إلى شركة “باتس إندور درون سوليوشنز”، وهي شركة ناشئة تعمل على تطوير أنظمة الطائرات المسيرة التي تعمل كروبوتات داخل صوبته لإضافة طبقة أخرى من الحماية لنباتاته.
وبالرغم من أن الطائرات المسيرة أساسية، إلا أنها تقودها التكنولوجيا الذكية بمساعدة كاميرات خاصة تفحص المجال الجوي في الصوبات الزجاجية. وتقتل الطائرات المسيرة العثة على الفور وتدمرها في الجو.
وقال كيفن فان هيك، كبير المسؤولين الفنيين في شركة “باتس” “ترى الكاميرات العثة وهي تطير بالقرب من الطائرات، ثم توجّه الكاميرا الطائرة نحو العثة لتقتلها”.
ولم يكن هناك أي عث أثناء زيارة وكالة أسوشيتيد برس مؤخرًا للصوبة، لكن الشركة نشرت مقطع فيديو يُظهر كيف يتم قتل العث على الفور بواسطة طائرة مسيرة.
وتشكل الطائرات المسيرة جزءًا من مجموعة من أنظمة مكافحة الآفات التي يستخدمها بان في صوباته الزراعية التي تشمل أيضًا الحشرات الأخرى والمصائد الفيرمونية وحشرات النحل الطنان.
ونشأ نظام الطائرات المسيرة من بنات أفكار طلاب سابقين من الجامعة التقنية في دلفت الذين فكروا في الفكرة بعد أن تساءلوا عما إذا كانوا قادرين على استخدام طائرات مسيرة لقتل العث الذي يحوم في غرفهم في الليل.
التمييز بين الحشرات
المنتج الجديد لا يزال في مرحلة التطوير، لكنه حقق نتائج جيدة جدًا بطريقة ذاتية ودون تدخل بشري للقضاء على عثة القز
يقول بان إن نظام التحكم في الطائرات المسيرة ذكي بما يكفي للتمييز بين المخلوقات النافعة والضارة. وأضاف “أنت لا تريد مثلاً أن تقتل الخنفساء، لأن الخنفساء مفيدة جدًا وتحارب حشرات المن. لذا تقتل هذه الطائرات الحشرات الضارة وليست النافعة. وفي بعض الأحيان تكون بعض أساليب المكافحة الجيدة باهظة الثمن، مثلاً أدفع 50 سنتًا على الأقل مقابل نحلة واحدة، لذلك لا أريدهم أن يقتلوا نحلتي”.
ولا تزال الشركة الناشئة تعمل على إتقان التكنولوجيا. يقول الرئيس التنفيذي لشركة باتس، برام تيغمونز “لا يزال المنتج في مرحلة التطوير، لكننا نرى نتائجاً جيدة جدًا. نستهدف العث ونقوم بقتله بطريقة ذاتية دون تدخل بشري. أعتقد أن هذه خطوة جيدة إلى الأمام”.
ويقول بان كذلك إن النظام لا يزال بحاجة إلى تحسين. وأضاف “أعتقد أنهم ما زالوا بحاجة إلى تصنيع المزيد من الطائرات المسيرة. أعتقد أنه يمكنهم ملء هذه الصوبة بحوالي 50 طائرة مسيرة صغيرة، ومن ثم سيكون هذا مفيداً جداً”.
بالنظر إلى هذه المتغيرات حيث باتت التكنولوجيا ركيزة أساسية في مختلف المجالات نتبين مدى تغلغل الأتمتة في كل المجالات حتى في تفاصيل الحياة اليومية للناس فلم تترك الابتكارات التقنية الجديدة أي ميدان بمنأى عنها لتكون إيجابياتها الكثيرة مفتاحا لكل الأبواب المغلقة وحلا سحريا لكل المشكلات المستعصية.
وفي سياق متصل كانت التكنولوجيا منقذ النخيل من سوسة النخيل الحمراء حيث تم في وقت سابق الاستعانة بالتكنولوجيا عبر إطلاق تطبيق السوسة الحمراء للهواتف المحمولة، والذي يستخدم لجمع البيانات الأساسية عند فحص أشجار النخيل ومعالجتها.
وساهم ذلك في ترسيخ التكنولوجيا لميزتها الأبرز باعتبار أنها في خدمة كل شيء حتى في تفصيل دقيق وخاص مثل مواجهة سوسة النخيل الحمراء.
وإلى جانب عثة القز تمثل حشرة السوسة الحمراء خطرا على قطاع نخيل التمر كآفة رئيسية عابرة للحدود تصيب نخيل التمر وجوز الهند ونخيل الزينة. وظهرت أول إصابة بها في جنوب آسيا، ثم أخذت في الانتشار بسرعة في جميع أنحاء العالم، من أميركا اللاتينية والشرق الأدنى وشمال أفريقيا إلى حوض البحر المتوسط.
وتعتبر هذه الآفة هدفا لتدابير الطوارئ في الاتحاد الأوروبي نظرا لتسببها في أضرار واسعة النطاق لنخيل التمر وتؤثر على الإنتاج وسبل عيش المزارعين والبيئة.
وساهم ضعف إجراءات الحجر الصحي وصعوبات الكشف المبكر عن المواد النباتية المصابة بسوسة النخيل الحمراء في الانتشار السريع لهذه الآفة، التي لم تتم مكافحتها بفعالية رغم الجهود المبذولة والموارد المقدمة من الدول والمنظمات.
وعمل خبراء وباحثون على سبر أغوار هذه المعضلة التي أضحت تؤرق منتجي التمور مما استوجب مكافحة سوسة النخيل الحمراء ومعالجة التحديات الناتجة عنها على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.
وفي هذا الإطار، نظمت الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، مؤتمر وزراء الزراعة للدول المنتجة للتمور في أبوظبي منذ عامين وذلك بهدف وضع استراتيجية إطارية لاستئصال سوسة النخيل الحمراء وكذلك إنشاء صندوق ائتمان لتنفيذ هذه الاستراتيجية بمساهمة من الدول المتضررة من حشرة السوسة ا
الزراعة الذكية
تطور منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أدوات بسيطة، ولكنها مواكبة للتكنولوجيا وفعالة لمساعدة المزارعين على مراقبة ومجابهة آفة النخيل الحمراء بطريقة أفضل، فتطبيق السوسة الحمراء للهواتف النقالة يستخدم لجمع البيانات الأساسية عند فحص أشجار النخيل ومعالجتها.
ويتم طيلة سنوات بناء منصة عالمية لرسم خرائط البيانات الميدانية والتحليلات من أجل اتخاذ قرارات أفضل. ويجري الجمع بين الاستشعار عن بعد وتقنية الذكاء الاصطناعي لرسم خرائط أشجار النخيل من أجل تحسين مراقبة انتشار سوسة النخيل الحمراء.
وخلال دورة عام 2019 منحت جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، عن فئة الدراسات المتميزة والتكنولوجيا الحديثة مناصفة لكل من الباحثة هدى بدري محمد علي من جمهورية ألمانيا الاتحادية والباحث مارك ألفريد تستر من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بالمملكة العربية السعودية.
وركز البحث حينها على تحديد الواسمة الجينية الجزيئية المرتبطة بالجنس والمستخدمة للتمييز بين أشجار نخيل التمر الذكور والإناث. وكانت هذه المشكلة الإحيائية موضوع محاولات عديدة خلال العقد الماضي.
وعملت الباحثة على تطبيق نهج جيني نسبي، وباستخدام أداة تقصي التسلسل الموضعي الأساسي مع التسلسل الجيني لنخل التمر. كما اكتشفت أنه يمكن استخدام التغيرات الفردية متعددة الأشكال للنيوكليوتيد المرتبطة بالجنس في التمييز بين ذكور نخيل التمور وإناثها في مرحلة زرع البذور بهدف زيادة التحسين وتمهيد الطريق لزراعة نخيل التمر لأغراض تجارية من خلال البذور.
أما الباحث مارك ألفريد تستر فقد أطلق تقنيات لزيادة تحمل المحاصيل الحالية للملوحة. ويقدَّر استهلاك المياه للزراعة في الشرق الأوسط ما يفوق 80 في المئة. ويتضح أن كثيرا من استخدامات هذه المياه غير مستدام، حيث يتعرض المخزون الجوفي من المياه للاستنزاف السريع. ومن بين الإسهامات المطروحة لخفض الطلب على المياه الجوفية، ومن ثمَّ الإبطاء أو حتى إيقاف استنزاف هذا المخزون، هو استخدام المياه المالحة في الزراعة بدل المياه العذبة قدر الإمكان.
الطائرات المسيرة الذكية تعمل بمساعدة كاميرات خاصة تفحص المجال الجوي في الصوبات الزجاجية وتقتل العث على الفور وتدمرها في الجو
مع ذلك، يجب استخدام الماء المالح بعناية للحد من آثاره السلبية على بنية التربة والطبقات الصخرية المائية السطحية. وبالرغم من ذلك، توجد الكثير من البيئات التي يمكن إدارة الري بالماء المالح فيها بشكل جيد؛ إذ يمكن تطوير الأنظمة الزراعية المعتمدة على الماء المالح في البيئات الخاضعة للسيطرة، كالبيوت الزجاجية.
وفي برنامج تستر البحثي، تُطبق هذه التقنيات لزيادة قدرة المحاصيل الحالية على تحمل الملوحة (كالأرز والشعير والطماطم)، وتسريع عملية استزراع النباتات التي تتمتع بمستويات كبيرة بالفعل من تحمل الملوحة مثل نبات الكينوا.
واستهدف تستر وزملاؤه نبات الكينوا بوصفه نباتا يتحمل الملوحة وله إمكانية كبيرة للنجاح في الشرق الأوسط، حيث سيوفر الماء الآسن غير المستخدم حاليا الفرصة لنمو النبات بشكل مستقل وبجودة عالية، هذا بالإضافة إلى إتاحة الفرص للزراعة الابتكارية في الشرق الأوسط.
وجرى استزراع الكينوا بشكل جزئي، ولكن ما زال بها الكثير من السمات التي تحتاج إلى التحسين لتصير من المحاصيل الكبرى.
وكأساس لدراساته الجينية، قاد تستر اتحادا دوليا من الباحثين لإنتاج أول تسلسل عالي الجودة لجين الكينوا، ونشر هذا العمل في العام الماضي في دورية نيتشر.
وتم تمديد هذا البحث بواسطة الدراسات الميدانية المكثفة في 10 دول، منها الإمارات العربية المتحدة، حيث يوجد من سلالة الكينوا ألف نوع يجري استزراعها وتحديد سماتها الظاهرة.
وتستخدم هذه الدراسات الميدانية الطائرات المسيرة، والتي تلتقط الصور التي تخضع للتحليل باستخدام خوارزميات معقدة تتضمن تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأعيد ترتيب تسلسل الجين في جميع سلالات نبات الكينوا التي تُستزرع حاليا، الأمر الذي سيوفر موردا جينيا غير مسبوق من الكينوا عالميا. وإمكانية إحداث أثر بليغ على الزراعة في المنطقة.
نظام التحكم في الطائرات المسيرة ذكي بما يكفي للتمييز بين المخلوقات النافعة والضارة حيث لا يقتل الخنافس المفيدة
أما الباحث جوليان شرودر من الولايات المتحدة، الفائز مناصفة بجائزة فئة الشخصية المتميزة في مجال النخيل والتمر والابتكار الزراعي مع الباحث عبدالباسط عودة إبراهيم من العراق، فيتعلق بحثهما بآليات نقل الإشارة والمسارات التي تتوسط مقاومة إجهاد البيئة (اللاأحيائي) في النباتات، ولاسيما الاستجابات لارتفاع ثاني أكسيد الكربون والجفاف وإجهاد الملوحة وإجهاد المعادن الثقيلة.
ويترك هذا الإجهاد اللاأحيائي تأثيرات سلبية كبيرة ويقلل من نمو النبات وإنتاج الكتلة الحيوية على الصعيد العالمي. ويعد هذا الإجهاد البيئي ذا صلة أيضا بتغير المناخ وتوسيع الأراضي الصالحة للزراعة المتاحة لتلبية احتياجات الغذاء والطاقة لنمو البشر المتزايد.
واكتشف الباحث شرودر بروتينات مرتبطة بثاني أكسيد الكربون وآليات تتوسط استجابات النباتات لارتفاع ثاني أكسيد الكربون المستمر في الغلاف الجوي وتغيرات تركيز ثاني أكسيد الكربون في الأوراق، ووجد أنه يمكن استخدام البروتينات المرتبطة بثاني أكسيد الكربون لزيادة كفاءة استفادة النبات الفورية من الماء.
وأعلنت الإمارات العربية المتحدة خلال مؤتمر وزراء الزراعة للدول المنتجة للتمور دعم صندوق الائتمان الدولي المخصص لمكافحة سوسة النخيل الحمراء بـنحو 2 مليون دولار وقدمت ليبيا 250 ألف دولار وتضاف هذه التمويلات إلى الإعلان السابق للمملكة العربية السعودية بتقديم دعم بقيمة 2 مليون دولار و0.1 مليون من سلطنة عمان.
كما التزمت الفاو بتقديم ما قدره 4.2 مليون دولار من برامج دعم فني استراتيجي بناء على طلب الدول، وهو دعم يضاف إلى آخر سابق بقيمة 9.1 مليون دولار تم تقديمه بين عامي 2016 و2019. وقررت المنظمة العربية للتنمية الزراعية المساهمة بـنحو 100 ألف دولار تخصص لمكونات بناء القدرات والتشارك المعرفي.