كريتر/ إرم نيوز
ظلت العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين اليمنية، المتمثلة في حزب الإصلاح، وبين جماعة الحوثي، محل جدل والتباس، بفعل العداء المعلن من جهة، والسياسات المتقاطعة على أكثر من مستوى من جهة أخرى.
خطوط التماس السرية بين الطرفين، والتي تبدأ من المنهجية السياسية القائمة على الولاء العابر للحدود، أخذت مؤخرًا تبرز للعلن في دعوات متسارعة للتصالح تدعمها قطر، ولم تكد الناشطة الإخوانية توكل كرمان، تطلقها حتى تلقفتها جماعة الحوثيين في صنعاء، لتتوج بفتح مكتب لقناة بلقيس، التابعة لحزب الإصلاح في العاصمة المحتلة من طرف المليشيات.
التقارب السريع
المشهد الأخير أثار أسئلة كثيرة لدى اليمنيين، والمتابعين للملف، حول سرعة هذا التقارب بين طرفين يعلنان أنهما في حرب، الأمر الذي يعيد للأذهان تهم “ازدواجية المواقف” التي كثيرًا ما نعت بها إخوان اليمن.
توكل الكرمان التي تحاول الظهور في دعواتها الأخيرة كناشطة مستقلة عن حزب الإصلاح، حتى لا يكون الأمر مصالحة رسمية وعلنية بين الإخوان والحوثيين، يبدوأنها لم تقنع طيفًا واسعًا من اليمنيين، بذلك، إذ رأوا أن “جلباب الحياد لا يناسب تاريخها الطويل في التنظير والترويج لجماعة الإخوان المسلمين”.
وقرأ هؤلاء في فتح مكتب لقناة بلقيس بالعاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، واستضافة الفضائية قبل ذلك لمحمد البخيتي القيادي البارز في الجماعة، “محاولة جديدة من الناشطة الإخوانية لخلق معادلة خاصة، تجعل تيارها حاضرًا بشكل علني في كل الجبهات”.
ومن خلال هذا الطرح تأمل الجماعة أن “ترسخ أقدامها في المشهد اليمني، في أي مصالحة قادمة، قد تنبثق عن الجهود الأممية، وذلك بوجودها في الشرعية وخصومها معا بشكل علني، الأمر الذي يتيح لها التأثير في المشهد”.
ولتحقيق هذا المكسب تحاول كرمان التي تدعمها قطر “أن تحيد علاقاتها بحزب الإصلاح، وهي تنسق علنًا مع الحوثيين، بينما يعلن الحزب الانخراط في جبهات القتال، إلى جانب السلطات الشرعية، والتحالف العربي”.
مشهد مثير للريبة
واستحضر نشطاء يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، وهم يعلقون على الحدث، كيف أن توكل كرمان كانت إلى فترة ليست بالبعيدة، تدعو اليمنيين لقتال الحوثيين، قبل أن تتحول اليوم إلى التنسيق معهم، في مشهد “مثير للريبة”.
ويؤكد النشطاء أن “الانقلاب العلني الذي وقع في توجهات توكل كرمان، يكشف أنها تحرك من قبل قطر، التي أعلنت دعم الحوثيين والحرب على التحالف العربي ” على حد تعبير أحدهم.
وكتب حساب باسم “تحيا الجمهورية اليمنية”: الذي سيصدق توكل كرمان مجددًا. يعتبر أغبى من عرفته البشرية. اليوم تدعوكم للتحالف مع الحوثي. وبالأمس دعتكم للقتال ضد الحوثي. أتدرون لماذا؟ لأنها لاتفكر إلا في نفسها وفي تحقيق مكاسب شخصية فقط. توجهها قطر كما تريد وكل شيئ بثمنه. حاولوا مرة واحدة تفكروا بعقولكم.مش بعقل توكل المادي..”.
وكتب المحامي محمد المسوري: “والله لو يحدث تغيير في سياسة قطر. على طول. توكل كرمان بعدهم بعدهم. ماهمها لاوطن ولا شعب لأنهم في نظرها مجرد سلعة تتاجر لهم.
نكاية في المملكة والإمارات توجهها قطر كما تريد كالسيارة يعبوها وقود وهي تفحط دون أن تنظر لا يمين ولا يسار ومش مهم تدوس من داست. يعلم الله متى سينتهي الوقود؟”.
ويقول متابعون للشأن اليمني، “إن هذه المحاولات من الصعب أن تنجح، خاصة مع علاقة توكل كرمان المعروفة بدولة قطر، ومع وجود تراكمات، تثير الشك حول دور الإخوان في جبهات القتال التي يتواجدون بها، ضمن قوات الشرعية، ما يجعلهم تحت المجهر”.
التراكمات التي أثارت الجدل حول دور الإخوان في الشرعية، والتي يسلط التقارب الأخير الضوء عليها، تمتد من ركود جبهات القتال الموكلة لهم، وعدم تنفيذ الأوامر العسكرية، إلى الضلوع في ملفات الفساد المالي، بصرف مبالغ طائلة دون وجود سند قانوني لذلك.
ومن آخر التهم التي وجهت للجماعة بهذا الخصوص، اتهام السلطة المحلية في تعز لخالد فاضل، قائد محور المقاومة بالمحافظة، بالوقوف وراء عمليات اختلاس كبيرة، وعدم تنفيذ مهام عسكرية موكلة له.
وفي إشارة إلى العلاقة الملتبسة، تساءل الكاتب هاني مسهور: “متى سيسقط حزب الإصلاح عضوية توكل كرمان؟”.