كريتر نت – متابعات
في تقرير استقصائي مطوّل وحصري، كشفت واشنطن بوست عن شبكة مانحين ونخب أعمال تعرف باسم “شبكة روكبريدج” يقودها رجل الأعمال والمفكر المحافظ كريس بوسكيرك وتعمل على إعادة تشكيل مستقبل حركة ماغا (لنجعل أميركا من جديد) بما يتجاوز شخص الرئيس دونالد ترامب.
ويرسم تقرير إليزابيث دوسكين صورة لدائرة نفوذ جديدة تحيط بواشنطن في عهد ترامب الثاني، نخبة من “التقنيين ورجال الأعمال المحافظين” تعمل بهدوء لإعادة هندسة الحزب الجمهوري وحركة ماغا على أسس مؤسسية طويلة الأمد.
وتُعرّف الكاتبة “شبكة روكبريدج” بأنها منظمة سرية انبثقت عن اجتماعات كانت تنظم خلال إجازات الأسبوع، وأثبتت أنها واحدة من القوى الأكثر تأثيرا في سياسة الحزب الجمهوري.
ولا تمتلك المجموعة موقعا إلكترونيا ولا كيانا عاما، لكنها جمعت بين خبراء استطلاعات الرأي ومحللي البيانات والمعلنين عبر الإنترنت وحتى قسما لإنتاج الأفلام الوثائقية، حسب دوسكين.
وقد وضع كريس بوسكيرك نخب التكنولوجيا في مركز السلطة بواشنطن في عهد ترامب، وفقا للكاتبة، التي تضيف أن جهوده تستند إلى نظرية مثيرة للجدل مفادها أنه لا بد من وجود “طبقة أرستقراطية” لدفع البلاد إلى الأمام.
وتبرز الكاتبة في تحقيقها النقاط الست التالية:
• أولا تأسيس شبكة روكبريدج
تعود جذور الشبكة إلى عام 2019، عندما اجتمع عدد محدود من الممولين اليمينيين في منتجع صغير بولاية أوهايو، بدعوة من الملياردير بيتر ثيل والكاتب والمستثمر جيه دي فانس، الذي سيصبح لاحقا نائبا للرئيس.
وحضر الاجتماع شخصيات بارزة مثل وريثة صناديق التحوط ريبيكا ميرسر والإعلامي تاكر كارلسون.
لكن الشخصية المحورية التي حولت هذا اللقاء إلى كيان دائم كانت بوسكيرك، رجل التأمين المنحدر من أريزونا الذي أصبح منذ ذلك الحين “العقل المنظم” للحركة.
• ثانيا، الهدف: مأسسة ماغا
وفق التقرير، تحولت روكبريدج من فكرة إلى “أحد أقوى الكيانات السياسية الجمهورية”، بتمويل من كبار رجال التكنولوجيا والأعمال.
تسعى هذه الشبكة إلى جعل “ماغا” تيارا سياسيا دائما، عبر تمويل مرشحين، وجمع بيانات عن الناخبين من الكنائس والمنظمات الاجتماعية، وإنشاء ذراع إعلامية وسينمائية.
وقال بوسكيرك للصحيفة: “إما أن يكون لديك نخبة مستغِلة، أو نخبة منتِجة، نحن نريد أرستقراطية منتِجة تحكم البلاد جيدا كي يزدهر الجميع”.
• ثالثا، العقل والمال والقاعدة
بهذه المعادلة يختصر بوسكيرك فلسفته في العمل السياسي، فبحسبه، يعاني اليمين الأميركي من “مشكلة تنسيق” بين القاعدة الشعبية الواسعة التي تؤيد ترامب، والمانحين الأثرياء الذين انفضّوا عن الحزب الديمقراطي. وشبكته تهدف إلى سد هذه الفجوة عبر ربط النخب الاقتصادية بالطبقة العاملة.
• رابعا، مشاريع لتمويل رأسمالية وطنية
يدير بوسكيرك أيضا صندوق “1789 كابيتال”، الذي يصفه بأنه نموذج لـ”الرأسمالية الوطنية”، فالصندوق يستثمر في شركات “مناهضة للتيار التقدمي” مثل شركات تصنيع الذخائر، وتقنيات الذكاء الاصطناعي العسكري، ووسائل إعلام جديدة يقودها تاكر كارلسون.
ويضم الصندوق شركاء مثل دونالد ترامب الابن والمستثمر أوميد مالك، اللذين أطلقا أيضا ناديا خاصا برجال الأعمال المقربين من الإدارة تحت اسم “الجناح التنفيذي”، بعضوية تصل إلى 500 ألف دولار للفرد.
• خامسا، نظرية “الأرستقراطية المنتجة”
تعتمد جهود بوسكيرك على نظرية مثيرة للجدل يشرحها في كتابه “أميركا وفن الممكن” قائلا: “في كل مجتمع هناك نخبة، والسؤال هو: هل هي نخبة تسرق الثروة أم تنتجها؟ نحن نريد نخبة تهتم بالبلاد وتحكمها بشكل جيد”.
ويرى بوسكيرك أن التاريخ من فلورنسا في عصر النهضة إلى أميركا منتصف القرن الـ20، يُثبت أن فترات الازدهار قادتها نخب صغيرة متماسكة ذات “ثقة عالية وقدرة عالية” على التصرف.
• سادسا، انتقادات وتحذيرات
ورغم نفوذ الشبكة، يحذر منتقدون من تحولها إلى نظام “ادفع لتدخل” جديد، يمنح رجال الأعمال غير المنتخبين نفوذا سياسيا مباشرا.
ويقول ريتشارد باينتر المستشار القانوني السابق في إدارة الرئيس بوش الابن: “ما يبدو هنا هو شبكة دفع للوصول إلى السلطة، وهذا يثير تساؤلات أخلاقية خطيرة”.
لكن، في المقابل، يرد بوسكيرك بأن ما يقوم به هو “بناء بيئة من الثقة الشديدة والكفاءة العالية من أجل استعادة عظمة أميركا”.
تقرير “إليزابيث دُوسكين” يرسم صورة لدائرة نفوذ جديدة تحيط بواشنطن في عهد ترامب الثاني، نخبة من “التقنيين ورجال الأعمال المحافظين” تعمل بهدوء لإعادة هندسة الحزب الجمهوري وحركة ماغا على أسس مؤسسية طويلة الأمد.
كما يطرح التقرير سؤالا جوهريا: هل ما تبنيه روكبريدج هو “أرستقراطية منتجة” تقود أميركا نحو الازدهار، أم طبقة أوليغارشية جديدة تختطف الديمقراطية من داخلها؟















