كريتر نت – متابعات
تسود حالة من الضبابية بشأن القرار المرتبط بإنتاج النفط المرتقب من السعودية وروسيا وست بلدان أخرى منضوية في تحالف “أوبك+” أثناء اجتماع اليوم الأحد، فيما يرى محللون أن زيادة الإنتاج من بين الخيارات المطروحة، وذلك في ظل تراجع أسعار الخام وتحسّبا لفائض في الإمدادات خلال الأشهر المقبلة.
وفي مسعى لدعم الأسعار، اتفق تحالف أوبك+ الذي يضم الدول الـ12 الأعضاء في “منظمة البلدان المصدرة للنفط” (أوبك) والدول الحليفة لها، على خفض الإنتاج عدة مرّات خلال السنوات الأخيرة لحد وصل إلى حوالي ستة ملايين برميل يوميا في المجموع.
ومنذ أبريل، أدخلت “مجموعة الدول الثماني الراغبة” التي تضم السعودية وروسيا والعراق والإمارات العربية المتحدة والكويت وكازاخستان والجزائر وعمان، تغييرا على سياساتها فباتت تركّز أكثر على استعادة حصتها في السوق والاتفاق على زيادة الإنتاج عدة مرّات.
وقال مندوب العراق لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) محمد النجار للصحافيين إن تحالف أوبك+ سيوافق على الأرجح على زيادة إنتاج النفط اعتبارا من أكتوبر بما يتراوح من 130 إلى 140 ألف برميل يوميا في اجتماع اليوم الأحد.
وقالت مصادر في أوبك+ السبت إن من المرجح أن تقرر المجموعة في اجتماعها الأحد زيادة إنتاجها النفطي لكنها أشارت إلى أن من المحتمل أن تضيف كميات أقل من الخام اعتبارا من أكتوبر مقارنة بالأشهر السابقة وسط توقعات بتباطؤ الطلب العالمي.
وتراجعت أوبك+ عن استراتيجيتها الخاصة بتخفيضات الإنتاج منذ أبريل، ورفعت بالفعل الإنتاج بنحو 2.5 مليون برميل يوميا، أي حوالي 2.4 بالمئة من الطلب العالمي. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الحصة السوقية، وتأتي بعد ضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض أسعار الخام.
لكن الزيادات لم تؤثر كثيرا في أسعار النفط التي يجري تداولها بالقرب من 66 دولارا للبرميل بدعم من العقوبات الغربية على روسيا وإيران، مما شجع على تحقيق المزيد من مكاسب الإنتاج في دول منافسة ومنها الولايات المتحدة.
وتعني أي زيادة أخرى في الإنتاج أن أوبك+، التي تضخ حوالي نصف النفط العالمي، ستبدأ في إلغاء شريحة ثانية من التخفيضات بنحو 1.65 مليون برميل يوميا قبل أكثر من عام من الموعد المحدد.
وقال مصدران إن المحادثات تركز على إلغاء هذا الخفض بأكمله عبر زيادات شهرية تدريجية، وأضافا أن المجموعة توصلت إلى اتفاق مبدئي لزيادة الإنتاج بما لا يقل عن 135 برميل يوميا اعتبارا من أكتوبر.
وقال مصدر ثالث في أوبك+ إن زيادة أكتوبر قد تكون قرب 200 ألف إلى 350 ألف برميل يوميا.
وفي اجتماعهم الماضي في أغسطس، رفع أعضاء المجموعة الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يوميا لشهر سبتمبر.
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 2.2 بالمئة إلى 65.50 دولار للبرميل الجمعة متأثرة بتقرير الوظائف الأميركي الضعيف وتوقعات رفع إنتاج أوبك+.
ولا يزال هذا السعر مرتفعا من أدنى مستوى له في عام 2025 الذي سجل نحو 58 دولار في أبريل.
ولم تصل زيادات أوبك+ إلى مستوى تعهدات دول المجموعة مع اقتراب معظم الأعضاء من طاقاتهم القصوى. ووفقا لمحللين وبيانات، فإنه نتيجة لذلك تظل السعودية والإمارات الدولتين الوحيدتين القادرتين على إضافة المزيد من الخام إلى السوق.
ولا تزال أوبك تنفذ شريحتين من التخفيضات، وهما خفض بواقع 1.65 مليون برميل يوميا من ثمانية أعضاء وخفض آخر يبلغ مليوني برميل يوميا من قبل المجموعة برمتها القائم حتى نهاية عام 2026.
وقبل أسبوع، رجّح محللون أن تحافظ المجموعة على مستويات الإنتاج الحالية في أكتوبر.
وتراوحت أسعار النفط بين 65 و70 دولارا للبرميل في تراجع نسبته 12 في المئة هذا العام مع زيادة المنتجين العالميين من خارج أوبك بلاس إنتاجهم وتسبب الرسوم الجمركية بتراجع الطلب.
وأفاد المحلل لدى “ريستاد إنرجي” جورج ليون بأن الطلب على النفط سيتراجع على الأرجح في الفصل الرابع من العام عندما “يكون الطلب الموسمي أقل عادة” مما هو عليه خلال فترة الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
وقال لفرانس برس إنه حتى وإن لم تقرر المجموعة زيادة الإنتاج، فإن الفائض في الإمداد سيؤدي تدريجيا إلى تراجع الأسعار.
لكن المحلل لدى “ساكسو بنك” أولي هانسن ذكر أنه منذ الأربعاء “أشارت بعض الأحاديث الدائرة في السوق إلى أن المجموعة قد تختار تعديلا آخر للحصص في أكتوبر”.
وقال ليون إن قرارا كهذا “سيعني أن (المجموعة) جديّة حقا بشأن استعادة حصتها في السوق”، وإن كان ذلك يعني تراجع الأسعار إلى ما دون 60 دولارا للبرميل.
كما أن “تحليل أوبك نفسها يشير في الواقع إلى أنه ما زال هناك مجال في السوق لاستيعاب مزيد من النفط خلال الفصول المقبلة”، بحسب المحلل أرني لوهمان راسموسن من “غلوبال لإدارة المخاطر”.
وأضاف أن “هذه الحقيقة وحدها لربما شجّعت المجموعة على التفكير في حزمة ثانية لخفض طوعي للإنتاج”، في إشارة إلى تدابير خفض الإنتاج بـ1.66 مليون برميل يوميا التي تم الاتفاق عليها في ربيع العام 2023.
وحتى الآن، صمدت أسعار الخام بشكل فاق توقعات المحللين منذ بدأت زيادات الإنتاج، وذلك نتيجة عوامل أهمها المخاطر الجيوسياسية التي ترفع الأسعار.
وفي الأثناء، يراقب المتخصصون في مجال النفط عن كثب الحرب الروسية على أوكرانيا والتطورات المرتبطة بالعلاقات الأميركية الروسية.
واستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي فشلت حتى اللحظة مساعيه للتوسط بين روسيا وأوكرانيا، النفط الروسي مؤخرا والجهات التي تشتريه.
وزاد الرسوم الجمركية على الهند في أغسطس لمعاقبتها على شراء النفط الروسي.
وأثناء اجتماع لحلفاء أوكرانيا في باريس الخميس، أعرب ترامب في اتصال عبر الفيديو عن استيائه من عمليات الشراء الأوروبية للنفط الروسي، وخصوصا تلك المجرية والسلوفاكية.
وأفاد مسؤول رفيع في البيت الأبيض شرط عدم الكشف عن هويته، بأن ترامب أصر على أن “تتوقف أوروبا عن شراء النفط الروسي الذي يموّل الحرب”.
كما دعا الدول الأوروبية لتشديد الضغوط الاقتصادية على الصين ردا على دعمها الجهد الحربي الروسي في وقت تعد بكين أكبر مستورد للنفط الروسي.
ويمكن لخفض الصادرات الروسية أن يفسح المجال لبلدان أوبك بلاس للحلول مكانها.
لكن يرجّح أن تجد روسيا، ثاني أكبر منتج في العالم بعد السعودية، صعوبة في الاستفادة من زيادة الحصص نظرا إلى مصلحتها في المحافظة على “أسعار النفط مرتفعة من أجل تمويل حربها في أوكرانيا”، بحسب لوهمان راسموسن.