كريتر نت – متابعات
كشف سياسي إسرائيلي وأحد مهندسي اتفاقيات أبراهام للسلام عن بعد مهم في السعي الأميركي لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل أساسه عرقلة التقارب المتزايد بين السعودية والصين على حساب العلاقة مع الولايات المتحدة.
واعتبر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات أن “تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية مصلحة أميركية وغربية واضحة، فمن خلاله ستستطيع الولايات المتحدة إبعاد السعودية عن المحور الصيني – الإيراني – الروسي المتعزز وستحظى بنقاط تحتاج إليها في إطار الصراع الذي يدور حاليا حول مسألة ترسيم النظام العالمي الجديد”.
واهتمام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل يفوق اهتمام الإسرائيليين به، وتريد واشنطن الحفاظ على المملكة في صفها ليس فقط في مجال المعاملات الاقتصادية والعسكرية، وإنما أيضا من خلال وجودها في أي مقاربة أميركية لقضايا الشرق الأوسط، سواء ما تعلق بالموضوع الفلسطيني أو ما اتصل بالتعاطي مع إيران.
مسار السلام قضية هامشية، والتطبيع الذي تريده واشنطن هدفه ربط السعودية بالسياسة الأميركية في المنطقة
وتشعر واشنطن بالانزعاج من سير السعوديين في طريق تنويع الشركاء الاقتصاديين، وخاصة الاتجاه نحو الصين، ما يمثل تحديا لمصالح الولايات المتحدة وشركاتها. كما يثير انفتاح السعودية على إيران القلق لدى إدارة بايدن التي تبحث عن صيغ لاستعادة حليفتها السابقة، ومن بين هذه الصيغ تشجيعها على تطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، بما يعنيه ذلك من تحالف سياسي وأمني واقتصادي شرق أوسطي يصب في صالح الولايات المتحدة.
ويرى مراقبون أن مسار السلام الفلسطيني – الإسرائيلي أصبح قضية هامشية مقارنة بالعلاقة بين الرياض وواشنطن، وأن التطبيع الذي تدفع باتجاهه الولايات المتحدة هدفه ربط السعودية بالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وهو أمر لا يبدو أن بنيامين نتنياهو أو حكومته اليمينية قادران على استيعابه في توقيت حرج ووفق إيقاع تصعيد مع الفلسطينيين بلا معنى أو نتيجة.
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال نشرت مؤخرا عن مصادر تأكيدها أن الموضوع الفلسطيني “لا يحتل أهمية كبيرة في المحادثات الجارية وأن الجانب السعودي لا يعتبر الموضوع أساسيا”.
ولكن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية يعيق أي استجابة سعودية في مسار التطبيع.
وأحرج نتنياهو وحكومته، التي يسيطر عليها اليمين المتشدد، الدول العربية التي أقامت علاقات مباشرة مع إسرائيل، من خلال الاقتحامات التي طالت المسجد الأقصى والمخيمات والمدن الفلسطينية، وإطلاق أيدي المستوطنين في القرى والبلدات الفلسطينية دون ضوابط.
وأدانت الإمارات والمغرب والأردن هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين وحثت إسرائيل على خفض التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر.
وقد أكد مسؤولون أميركيون في الأسابيع الأخيرة سعيهم لإبرام اتفاق بين إسرائيل والسعودية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء إن وجود توترات في منطقة الشرق الأوسط ليس في صالح إسرائيل. وأضاف أن السعودية وإسرائيل “مهتمتان باحتمالات التطبيع”، لكنه اعتبر أن إتمام التطبيع بينهما “أمر صعب للغاية”.
وتقول إدارة بايدن إن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية في الأيام الأخيرة إن التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية يعيق التقارب بين إسرائيل والسعودية.
واعترف بن شبات بتأثير التصعيد الإسرائيلي، مؤكدا أنه “لا يمكن التقليل من أهمية تأثير الواقع الأمني في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) على الاتصالات الجارية من أجل توسيع رقعة التطبيع في المنطقة”. وأضاف أن “الصور التي تأتي من يهودا والسامرة توفر ذخيرة للدعاية التي تمارسها جهات إسلاموية وتنظيمات مؤيدة للفلسطينيين وجهات أخرى تعادي إسرائيل”.
واقتبس بن شبات من بلينكن قوله “عندما تشتعل النار في ساحتكم الخلفية من الصعب، بل من المستحيل، دفع اتفاقيات تطبيع جديدة قدما، بما في ذلك مع السعودية”.
واشترطت السعودية في أكثر من مناسبة حل القضية الفلسطينية أولا قبل أي عملية تطبيع مع تل أبيب.
ومنذ أسبوعين نقلت وكالة رويترز عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن الرياض تضع التطبيع مع إسرائيل في مقابل تأييد الولايات المتحدة لبرنامجها النووي المدني، وإن إسرائيل عبّرت عن مخاوفها من أي مقايضة من هذا القبيل.
وتحاول الولايات المتحدة إقناع السعودية بأن مصالحها ترتبط بالتطبيع مع إسرائيل والاندماج في منظومة إقليمية قوية أمنيا واقتصاديا.
ويرى بن شبات أن “التطبيع يحمل في طياته إمكانية لجعل السعودية مركزا لوجستيا دوليا سيربط بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، وهذا سيحدث ثورة في التجارة العالمية”.
وقال “من وجهة نظر إسرائيلية، التطبيع مع السعودية هو غاية هامة ولكن ليس بأي ثمن كان”. وأضاف “تقديم تنازلات في القضية الإيرانية والمساومة حول مسألة انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط وتقديم تنازلات على الصعيد الأمني في الساحة الفلسطينية، هي ثمن أبهظ مما يمكن دفعه، حتى مقابل تحقيق إنجاز ملموس من هذا القبيل”.