خطاب ناصر
ليست رقعة من تراب، بل ميثولوجيا قائمة بذاتها، تخرّ أمامها خرائط الزيف وتنهار أمامها مسلّمات الجغرافيا.
ليست سؤالاً في درس التاريخ، بل هي الجواب الذي لا يُطرح، لأنه صار بديهياً كالشمس حين تشرق من ذات الجهة كل صباح.
لا تنتمي إلى التصنيفات المعتادة، لا هي شرقٌ ولا غرب، لا شمالٌ ولا جنوب.. هي حيثما تشاء هي.. وحيثما يهرب الآخرون من صراخ الحقيقة.
هي المكان الوحيد الذي لا تقف فيها الجبال كشاهد على التاريخ.. بل كمشارك فعليٍّ فيه..
هي النبوءة التي صيغت بإزميل المجد على جدار الزمن.
فيها لا تقاس المسافة بالكيلومترات، بل بكمية الدم الذي صبغ الدروب.. كل حجر فيها ليس جماداً.. بل أرشيفاً ساخراً ينظر إلى جغرافيا المرجفين ويضحك.
(الضالع) أنثى الجبال، ابنة النار، رفيقة الرعد..
من لم يفهم الضالع بعد، فليقرأ في عظامها كيف تصاغ الكبرياء!
من نجح في الاقتراب منها، فهم معنى الكرامة!
ومن عجز عن نطق اسمها دون ارتجاف، فليدرك أنه لا يعاني من صعوبة نطقٍ بل من ضميرٍ مرتبكٍ أمام التاريخ!!
أما من يهوى أن يلوك اسمها في مقاهي الفراغ، ويتناولها كأنه بصدد خوض “معركة تغريدة”، أو يجرب حظه بالكلام عليها، فليتوضأ أولاً بهزيمته، وليدرك جيداً أن الضالع لا تُذكر بسوء إلا حين يصدم صغار المفاهيم بكبرياء الأرض!!
توقفوا عن مهاجمة هذه الأرض، فالضالع لا تُكسر بالحملات، بل تكسر هي الحملات وأربابها، وتنكشف عند أعتابها أقنعة القوم.
توقفوا عن القياس، فالضالع أكبر من أن توزن بكفوف المرجفين.
من يتكئ على الشتائم ليشعر بوجوده، لا يسب إلا ظلّه، ومن يرمي حجارة على جبل، فليتأكد أولاً من موقعه، لئلا يرتد حجره ويخلع له ذاكرة لم يرد تذكرها.