كريتر نت – متابعات
تشهد جهود السلام في اليمن حالة من الجمود الملحوظ بعد القفزة الكبيرة التي تحققت ببدء المملكة العربية السعودية حوارا مباشرا مع جماعة الحوثي.
وبدأت جهات مهتمة بالملف اليمني تعبّر عن خشيتها من أن تتأثّر تلك الجهود بالأحداث العاصفة الجارية في الإقليم، فضلا عن الأحداث الجارية في الداخل اليمني وما تُقدم عليه جماعة الحوثي من خطوات تصعيدية على رأسها استهداف قوات التحالف داخل الأراضي السعودية.
ولم يستبعد مصدر سياسي خليجي أن تلقي الأحداث الدامية في غزة وإسرائيل بظلالها على الملف اليمني لجهة أنّ الأحداث تبدو مؤثرة على الجهود التي بذلتها الولايات المتّحدة لإقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل والسعودية.
وشرح ذات المصدر أنّ التقدم في الجهود يعتبر حافزا إضافيا لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للانخراط بقوة في الدفع بجهود السلام في اليمن على سبيل مساعدة السعودية على سرعة طي الملف اليمني وتخليصها من الأعباء الثقيلة التي ترتّبت عليه.
الولايات المتّحدة تظل طرفا مؤثّرا في الملف اليمني سلبا وإيجابا بالنظر إلى ما تمتلكه من أوراق ضغط عديدة ليس أقلّها فرض العقوبات على الأطراف المعرقلة للسلام
وقال إنّ موافقة السعودية ضمنيا على التطبيع مع إسرائيل جعلت الولايات المتّحدة تغض الطرف عن تقارب المملكة مع إيران، وهو عامل مساعد إلى حدّ بعيد على إرساء السلام في اليمن نظرا إلى ما لطهران من علاقات متينة مع جماعة الحوثي، الطرف الرئيسي في الصراع اليمني. ولم يستبعد أن يقابل تجميدَ جهود التطبيع، تجميدٌ مماثل لجهود إغلاق الملف اليمني سلميا.
وفي نطاق انخراطها في الملف اليمني تستعين الولايات المتّحدة بمبعوثها تيم ليندركينغ الذي يجري باستمرار اتصالات داخل الإقليم وخارجه مع مختلف الأطراف ذات الصلّة بالملف.
وتقول مصادر يمنية مطّلعة إنّه لعب أدوارا فعلية في تحريك عملية السلام في اليمن من خلال علاقاته المتينة مع سلطنة عمان التي لعبت من جهتها دورا رئيسيا بتوسّطها بين السعودية والحوثيين.
وعبّر ليندركينغ عن تشاؤمه بشأن السلام في اليمن محمّلا إيران مسؤولية انتكاس الجهود التي تمّ بذلها إلى حدّ الآن. وقال خلال ندوة نظمها معهد الشرق الأوسط إن بلاده لم تر أي مؤشرات لدعم إيران لجهود السلام اليمنية.
وأوضح أن واشنطن وشركاءها يرغبون في أن تتصرف طهران بشكل مرن، مشيرا إلى ضرورة معالجة التحدي الإيراني لإحراز بعض التقدم في ملف الأزمة اليمنية.
وعلى صعيد عملي لم تستثن الولايات المتّحدة انعكاس الوضع المتفجّر في إسرائيل وغزّة على الأوضاع في الداخل اليمني. وعلى ضوء ذلك دعت رعاياها في اليمن للتسجيل في برنامج المسافر الذكي التابع لوزارة الخارجية عبر الإنترنت لتلقي رسائل الطوارئ.
وجاء في بلاغ على حساب السفارة الأميركية لدى اليمن على منصة إكس أن الخارجية الأميركية كلفت سفارات واشنطن في الرياض وجيبوتي والقاهرة بالتعامل مع قضايا خدمات المواطنين الأميركيين الصادرة من اليمن. مشيرة إلى أن سفارتها في صنعاء علقت عملياتها في 2015، وأن الحكومة الأميركية غير قادرة على تقديم خدمات الطوارئ للمواطنين الأميركيين في اليمن.
وغير بعيد عن مزاج التشاؤم بشأن مصير جهود السلام في اليمن اعتبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي أن محادثات السلام بخصوص الأزمة اليمنية تراجعت إلى الوراء بعد الهجوم الذي نفذه الحوثيون على القوات البحرينية المرابطة في الحد الجنوبي السعودي.
وقال البديوي في مقابلة تلفزيونية “كنا نتوقع انفراجة في الحوار السياسي بين الأطراف وخاصة عقب قدوم وفد من جماعة الحوثي إلى الرياض وعقده محادثات جيدة، إلاّ أن الاستهداف الحوثي للقوات البحرينية مؤخرا جعل المحادثات معه تعود خطوة إلى الوراء وأثر على مسار المحادثات”.
كما اعتبر عبدالله السعدي مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة أن تصعيد جماعة الحوثي واستمرار هجماتها سيتركان تداعيات خطيرة على اليمن والمنطقة وعلى عملية السلام برمتها وعلى الوضع الإنساني المتفاقم في البلاد الغارقة في الحرب منذ تسع سنوات.
وشدّد السعدي خلال لقاء جمعه بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ على ضرورة الضغط على جماعة الحوثي لوقف هجماتها وحشدها للقوات والتصعيد في مختلف الجبهات.
ويؤكّد مراقبون أنّ الولايات المتّحدة تظل طرفا مؤثّرا في الملف اليمني سلبا وإيجابا بالنظر إلى ما تمتلكه من أوراق ضغط عديدة ليس أقلّها فرض العقوبات على الأطراف المعرقلة للسلام.
ويستدركون بالقول إنّ مدى جدية واشنطن في استخدام تلك الأوراق يبقى رهين مصالحها وحساباتها المعقّدة.
ولا يستبعدون أنّ من مصلحة الولايات المتّحدة في الوقت الحالي الإبقاء على الصراع اليمني كما هو وذلك بهدف استخدامه ورقة ضغط ومساومة للسعودية بهدف تحصيل المزيد من المكاسب ومن بينهما المكسب الأهم لإدارة بايدن المقبلة على استحقاقات انتخابية مفصلية والمتمثّل في إنجاز تطبيع تاريخي بين المملكة وإسرائيل.