بداية كل عام، تطالب الأمم المتحدة بالحصول على تبرعات جديدة، نظرا للوضع الكارثي في اليمن، عبر مؤتمر للمانحين تنظمه في جنيف.
ويعتبر المؤتمر الذي أقيم أمس الثلاثاء، هو الثالث من نوعه، وسبق أن جمعت المليارت خلال المؤتمرات السابقة في 2017 و 2018، بيد أن ذلك لم يكن كافيا لإبعاد شبح المجاعة على ملايين اليمنيين.
وذكر بيان للأمم عقب المؤتمر أن مانحون دوليون من 16 دولة حول العالم تعهدوا بتقديم 2.6 مليار دولار لضمان استمرار، وتوسيع نطاق عمليات المساعدة الإنسانية في اليمن، التي تعتبر شريان الحياة الوحيد لملايين المتأثرين بالنزاع المسلح في البلاد.
وبحسب البيان يمثل إجمالي هذه التعهدات التي قدمها المانحون الدوليون – خلال المؤتمر رفيع المستوى بشأن إعلان التعهدات من أجل اليمن في جنيف اليوم الثلاثاء – زيادة بنسبة 30% مقارنة بتبرعات العام الماضي البالغة 2.01 مليار دولار.
ويرى لشارع اليمني أن المساعدات التي تقدمها منظمة الأمم المتحدة، أحد المصائب التي جلبتها الحرب فهي بالنسبة لهم أحد العوامل التي ساعدت في استمرار الصراع، وشجعت ظاهرة الفساد وتنشيط السوق السوداء.
انعشت تجارة الحرب
يقول الخبير في الشؤون الاقتصادية “فاروق الكمالي”، إن الأمم المتحدة تجيد استثمار الحروب، ضجيج إعلامي مستمر عن مأساة اليمنيين أثمر 10 مليارات دولار، 6 مليارات دولار منذ عام 2015، 4 مليارات لخطتها الإنسانية خلال العام الجاري 2019.
وأفاد “الكمالي” في تغريدات بصفحته على موقع التدوين المصغر “تويتر”، أن المنظمة الأممية جمعت مالاً كثيراً خلال سنوات الحرب وجمع غالبية الشعب الكثير من خيبات الأمل!
ولفت إلى أن الأمم المتحدة من خلال منظماتها وشركائها، هي التي تسيطر فعلياً على اقتصاد اليمن، من خلال مبالغ ضخمة بمليارات الدولارات تجمعها من التبرعات.
وأضاف: تستفيد أطراف الحرب من هذه الأموال بشكل أو بآخر، وتؤثر هذه المبالغ على أسعار الصرف كما تنعكس في ارتفاع معدلات التضخم.
وأكد أن الأمم المتحدة تقوم بإنفاق مليارات الدولارات في مساعدات إغاثة عابرة، نرى أثرها في تنشيط اقتصاد السوق السوداء وانعاش تجارة الحرب، وفي تغذية الفساد.
وأكد أن معونات الإغاثة تخلق مجتمعا فاسدا أيضا، من خلال منحه بديل مجاني، عوضاً عن مشاريع مستدامة، منتجة للدخل وذات منفعة اقتصادية.
مواد غذائية منتهية
وذهب الناشط اليمني كمال حيدرة إلى أن الأمم المتحدة تطلب 4 مليار دولار لتمويل برامجها الاغاثية في اليمن لمواجهة الأزمة الإنسانية المتصاعدة، وما يصل من مساعداتها بسكويت منتهي الصلاحية، أصبح ممتلئ بالحشرات.
وترى مديرة قسم الإعلام لمنظمة مكافحة الجوع الألمانية ” زيمونه بوت”، بأن المساعدة الدولية تفشل، لأن منظمات الإغاثة لا تتوفر على وسائل كافية.
وأكد أن الكثير من الموظفين لم يحصلوا منذ سنوات على رواتبهم، وبالمساعدات المالية بإمكانهم على الأقل اقتناء ما هو ضروري.
وأفادت: في 2018 لم يتم تحويل جميع الأموال الضرورية الموعودة، “في السابق تم الإعلان أن هناك حاجة إلى نحو 2.6 مليار دولار ولم يأت منها سوى حوالي 80 في المائة .”
بدون الحل السياسي لن يحصل تحسن في اليمن
وتابعت “بوت” في تصريحات نشرها موقع “دويتشه فيله” الألماني” أن هناك صعوبة أخرى يواجهها اليمن تتمثل في إدخال المساعدات إلى البلاد.
وأشارت إلى أن هذه المساعدات يتم استيرادها جميعا عبر بعض الموانئ القليلة. لكن هناك صراع قوي على هذه الموانئ، وبالتالي فإن المنشآت فيها لا تشتغل في الغالب، “وعليه فإن الكثير من مواد الإغاثة لا تصل إلى البلاد”.
وأكد أن هناك تحدي آخر يكمن في صعوبة الوصول إلى بعض المناطق التي يستمر فيها القتال، فالبلاد منقسمة إلى عدة مناطق. “من يبسط سيطرته في أي مكان؟ ما هو عدد نقاط التفتيش على الطرقات؟ من يسمح بمرور القوافل وما هي الوثائق التي نحتاجها؟ مشاكل من هذا النوع هي التي تشغلنا باستمرار”.
وتختتم مديرة قسم الإعلام في منظمة مكافحة الجوع الألمانية “زيمونه بوت” بأن تجاوز الأزمة الإنسانية يستوجب حلا سياسيا، وبدونه لن يحصل تحسن في اليمن.