كتب : د/ عبدالعليم محمد باعباد
تبنى مجلس الأمن القرار رقم 2691 لسنة 2023م بالإجماع بشأن تمديد مهمة أونمها الخاص باتفاق الحديدة، والتجديد التقني لمهمة البعثة، وقراره السابق رقم 2643 لسنة 2022م، وذلك لعام واحد حتى تاريخ 14 يوليو 2024م.
وكان ذلك بعد إحاطة السيد جروندبرغ، التي تسير على منهج الإحاطات السابقة، وهي منهجية مجلس الأمن في التعامل مع القضايا التي لا يراد لها الحسم، ويتم التعامل معها بأعصاب باردة، تفصح عنها اللغة المستخدمة في الإحاطة، التي يبدو لمن يقرأها، ولا يعرف طبيعة الصراع في اليمن، وكأن طرفي الصراع المتمثل بجماعة الحوثي، والحكومة الشرعية يقومان سويا بالاستفزاز العسكري، أثناء مدة الهدنة.
يتضح ذلك من خلال هذه الإحاطة الباهتة التي لا تشير إلى طرف معين قام بالاستفزاز، سواء كانت جماعة الحوثي، أو الحكومة.
وأشار إلى ثلاثة تحديات وعقبات من الضروري تذليها للمضي قدماً بما فيها “وقف الاستفزازات العسكرية على الفور وأن تستعد وتتوافق الأطراف على وقف لإطلاق نار مستدام على مستوى الدولة”، مشدداً على ضرورة “معالجة الأولويات الاقتصادية على المدى القريب والبعيد”.
ثم يأتي على وصف تحول الصراع، بعبارة هي أقرب إلى تقبله، بدلا عن رفضه، وتحميل الطرف المخترق المسؤلية، أو الإشارة إليه في أقل تقدير، إذ لم يشر كذلك، أنه رغم الهدنة، إلا هناك طرف محدد أقدم على تحويل الصراع من صراع في الجبهات إلى صراع على الموارد الاقتصادية والموانئ ومنابع الثروات، بعد أن تم تنفيذ مطالبه بكل أريحية، فيقول : “أصبح الصراع للسيطرة على الموانئ المدرة للدخل وطرق التجارة والقطاع المصرفي والعملة وثروة الموارد الطبيعية جزءاً لا يتجزأ من الصراع السياسي والعسكري. انخفضت قيمة الريال اليمني مقابل الدولار الأميركي في عدن بأكثر من 25 في المائة خلال الـ 12 شهراً الماضية… المواطن اليمني هو من يدفع الثمن”.
وأكد المسؤول الأممي أنه على الرغم من الهدوء النسبي الذي تحقق، إلا أن الوضع على الأرض يبقى هشاً وصعباً. وأكد أن القتال مستمر “على الرغم من الانخفاض الملموس في القتال منذ بداية الهدنة، لكن الجبهات لم تصمت… إذ وقعت اشتباكات مسلحة في كل من الضالع، وتعز، والحديدة، ومأرب، وشبوة”، معبّراً عن قلقه إزاء التقارير التي “تفيد بوجود تحركات للقوات… بالقرب من مأرب وإب”.
ياترى هذا القلق الذي كان بسبب ماذكره المبعوث لتحركات بالقرب من مأرب وإب، من قام به؟ وأين موقف المبعوث منه، وأين الإشارة إليه؟
خلاصة ما في الأمر أنه عند خرق الهدنة، هناك مراقبين وهناك فريق أممي يمتلك من القدرات والإمكانات، والوسائل التكنولوجية، ما يستطيع من خلالها أن يحدد الطرف المخترق للهدنة، والطرف الذي قام بالاستفزاز.
فهناك بداية دائما في أي خرق يحصل، وفي أي صراع يبدأ.
هذه اللغة المائعة ليست من الحيادية في شيئ، فمساواة الطرف المخترق بالطرف الذي يرد، وعدم الإشارة إلى الطرف الذي يوسع الصراع في أزمة طويلة، تحت مسمع ومرأى مجلس الأمن لا تعني سوى ترك الحبل على الغارب للطرف الذي يريدها فوضى مستمرة.