كتب /نائلة هاشم
في وطني، تشرق الشمس كل صباح فوق وجوه النساء، تحمل إليهن ضوءا خفيفا يشبه الأمل، لكن ظلال الواقع كثيرا ما تنحني فوق هذا الضوء، فتثقل كتف المرأة بما لا يليق بقلوب خلقت للحياة، لا للعناء.
العنف ضد المرأة هنا ليس مجرد فعل عابر، بل هو تراكمات من سنواتٍ طويلة، اختلط فيها ضعف القوانين بثقل العادات، وتشابكت فيها أوجاع النساء مع صمت فرضته الظروف. ومع ذلك، لا تزال المرأة تقف قوية، تحاول أن تحفظ لنفسها ولمن حولها مساحات صغيرة من الكرامة والطمأنينة.
فالمرأة ليست كائنا هشا كما يصورها البعض، هي قلب البيت، وذاكرته. لكن هذا القلب كثيرا ما يتعرض لإهمال أو إساءة أو تمييز، وكأن الحياة تختبر صبره بلا نهاية. وما بين مطالب يومية تزداد قسوة، ومسؤوليات تتضاعف مع غياب كثير من مقومات الاستقرار، تجد المرأة نفسها في مواجهة أعباء تفوق قدرتها، ومع ذلك تمضي… لأنها ببساطة لا تعرف الاستسلام.
العنف ليس فقط ما يرى، بل ما يشعر أيضا. قد يكون في كلمة تقلل من شأنها، أو نظرة تقصي دورها، أو فرصة تنتزع منها فقط لأنها امرأة. هو تلك المسافات الطويلة بين ما تستحقه وما يمنح لها، بين قدراتها وما يسمح لها أن تحققه.
لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن المرأة في مجتمعنا رغم كل شيء، أثبتت أنها ركن من أركان الصمود في هذا البلد تعمل، تتعلم، تقود، وتبني. وفي الوقت الذي تقفل فيه أبواب كثيرة في وجهها، تصر هي على فتح نافذة من نور، وتدرك أن ذاتها هي قوتها الأولى.
إن الحديث عن العنف ضد المرأة ليس حديثا عن ضعف أو استجداء للشفقة، بل هو دعوة لإعادة النظر في إنسانيتنا جميعا. هو دعوة للاعتراف بأن المجتمع لا ينهض إلا عندما تحصل النساء على حقوقهن كاملة، بلا انتقاص ولا تردد. وأن التمكين ليس منة، بل ضرورة لتجاوز الأزمات وخلق مستقبل قادر على الحياة.
وفي وطني ، الذي أنهكته الظروف، تصبح حماية النساء واجبا لا يحتمل التأجيل. فتمكين الفتيات، وإنصاف النساء، وحماية حقوقهن، ليست فقط شعارات ترفع، بل خطوات ترسم على أرض الواقع، بهدوء أو بصوت عال… المهم أنها تتحقق.
نقف اليوم أمام الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات ليس فقط لنردد الكلمات، بل لنؤمن بأن المستقبل يبدأ من هنا…من امرأة تنصت لها الحياة، وتعامل بما تستحقه من احترام وعدالة وإنسانية.















