كتب – محمد الثريا
الحديث عن استراتيجيات النصر ومحاولة ربط حبال مشروع وكيان الشرعية المنهار بمشروع التحالف وشماعة مواجهة المشروع الفارسي باليمن والمنطقة ماهي الا محاولة قفز أخيرة تهدف من خلالها بعض قيادات الشرعية الى إنقاذ ماتبقى لها من حضور سياسي على أمل إعادة إنتاج نفسها مجددا بعد ان أدركت متأخرة رغبة المجتمع الدولي في حلحلة مياة الأزمة الراكدة وفض الصراع من زاوية أخرى لاتلعب فيها الشرعية اليمنية دور الصدارة هذه المرة .
وبصراحة لانعلم ماهي فرص نجاح المحاولة تلك وبخاصة انها تقترن بمشروع أقليمي مترنح أصلا، غير ان عقد المصالح المشتركة بين قطبي التحالف وكبار المجتمع الدولي حتما من شانه ان يفضي الى صيغة توافقية ما (مخرج يحفظ ماء وجه التحالف) تكون خلالها الشرعية اليمنية هي كبش الفداء في مشهد إنقاذ التحالف العربي من مأزق الفشل وكارثة الإخفاق الناجمة عن سؤ إدارته للازمة اليمنية، وبالتالي نجد أنفسنا هنا أمام المشهد المعتاد والذي أضحى منطقا معروفا : ( أضطررنا للتضحية بالجنين حفاظا على حياة الأم ) .
ـ شخصيا أستغرب كيف التقطت مدارك قيادات الشرعية مغزى وأبعاد تصريحات السفير البريطاني آرون اليوم، فيما غابت عنها قدرة إستشعار مخاطر تبدل وقائع الأرض على مدى ستة أعوام كاملة والتي كانت عاما بعد عام لاتنبئ إلا بحقيقة تلاشي حضور الشرعية وقرب مغادرتها واجهة المشهد؟وهنا سنحاول توضيح مسار ومنحنى الرغبة الدولية تلك وتلخيص القراءة التي غابت عن مخيلة قيادات الشرعية طيلة اعوام الازمة الفارطة قبل ان تثار حفيظتهم اليوم ويسارعون بإستنهاض خطاب السيادة والروح الوطنية !
هكذا تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمة اليمنية ووهكذا كانت طريقة تسويقه لمفردات توصيفها منذ حدوثها وحتى اليوم وستعلم جيدا الى أي وجهة كانت تمضي تلك الأزمة منذ البداية ..!
ـ بداية الأزمة :
تم وصفها بأزمة انقلاب وعلى هذا الاساس جاءت القرارات الأممية الرافضة لسلطة الحوثيين وضرورة تمكين الشرعية اليمنية من العاصمة صنعاء .
ـ بعد مرور أقل من عامين تقريبا :
بدأت مفردة إنقلاب تتضائل على المستوى الدولي وحلت محلها مفردة الصراع القائم باليمن ومعها بزغ عهد المبادرات وضرورة جلوس الاطراف على طاولة المفاوضات.
ـ خلال الأشهر القليلة الماضية:
جاءت المفردة الاكثر وضوحا من حيث تفسير الرغبة الدولية في تحديد مسار الازمة والحل وهي ( النزاع الدائر باليمن ) ومعها تنامت نغمة الاعتراف بسلطة الامر الواقع اي تأطير وقائع الارض سياسيا والبناء على ذلك حالما أتى الحديث عن تسوية سياسية قادمة لإنهاء الحرب .
واعتقد يدرك الجميع هنا الفرق بين مسميات الصراع والنزاع واختلاف الدلالة السياسية لكل منهما، فتعمد مفردة النزاع مؤخرا فيه أقرار واضح بأن كل طرف لديه حق وسلطة مشروعة يتكئ عليها في انتزاع ذلك الحق بينما المشكلة فقط في كيفية فض النزاع ومن عند اي نقطة؟ هكذا لخص المجتمع الدولي دوره القادم ، ومن هنا ايضا نفهم ان مسألة ابتلاع كيان الشرعية بصورته الحالية وأحلال أطراف أخرى بدلا عنها لديها تاثير حقيقي وتمتلك قدرة صنع الفارق على الارض بما يضمن نفاذ اي تسوية توافقية كان ناجما عن رؤية مسبقة لدى المجتمع الدولي ولم تكن مسألة عبثية او رغبة وليدة اللحظة .
وعطفا على ماسبق ! هل تمثل تصريحات النكف الوطني ومخاطبة بعض قيادات الشرعية الرأي العام حول ما يمارس عليها اليوم من ضغوط المحاولة الأخيرة والتي قد تضاف إلى سلسلة محاولات سابقة سعت من خلالها قيادات الشرعية الى فرض مشروعها السياسي في مواجهة رغبات ووقائع حاضرة بقوة؟
كان هذا سيناريو المحاولة الاخيرة المفترض في تفسير موقف الشرعية اليوم تجاه معطيات برزت مؤخرا، فماذا إذن عن سيناريو الإستفاقة المتأخرة في تفسير ذلك الموقف؟
هنالك احتمالات عدة تفسر الدافع والغاية من وراء خطاب المستشار بن دغر وتصريحات الوزير الجبواني المثيرة للجدل؛ وجميعها تظل واردة .
عدا أن توقيت تلك الاحاديث والتصريحات اليوم ومناسبة أظهارها للعلن في هذا الظرف الحرج تحديدا يشي فعلا بإمكانية دخول الأزمة مرحلة جديدة من الصراع الداخلي عنوانها ( تجزئة المجزأ) .
وبالمناسبة حتى المجلس الانتقالي هو الاخر لن يكون بمنئ عن مساعي تجزئته من الداخل وهنا ضع علامة استفهام حول مغادرة اللواء أحمد بن بريك المفاجئة وتواري هاني بن بريك كثيرا عن الظهور والتعليق حول الاحداث الهامة كما عرف عنه ..!
ـ معركة اللحظات الأخيرة يبدو انها تجسد رغبة الرياض في غربلة حلفائها وربما تجميد نشاط بعض قيادات هنا وهناك بحثا عن ضمان مصالحها وإستعداد لمتطلبات الحل النهائي، أو بلغة أكثر لطفا !
وضع الرياض حلفائها امام مشهد ( حتمية التنازلات المؤلمة وفاتورة الاستحقاقات القادمة ان أرادوا الإستمرار )!
فهل بالفعل كانت تلك هي الإستفاقة المتأخرة وحسب عقب أعوام من فساد وزراء وقيادات شرعية واستطابتهم لحياة المنفى؟
على كل حال ،وسواء كانت تلك محاولة اخيرة منها أم انها ليست سوى الاستفاقة المتاخرة والتي لايرجى منها تغيير ،فالشيئ الوحيد الذي اصبح جليا اليوم ولن يختلف عليه أثنان هو ان الشرعية باتت في موقف لاتحسد عليه.