كتب : الساحر الجحافي
الثقافة الوطنية، باعتبارها المرتكز الأساسي في الحديث عن الهوية، والتميز، —من وجهة نظري— يجب أن لا ترتبط البتة بمظَمون ايدلوجي- أيا كان- بل يجب أن ترتبط ارتباطا جدليا بمظَمون وطني خالص ؛ وعليه يجب أن تنبع هذه الثقافة مٌنَ المنبع اَْلأصليِ وٍاَْلّاَْصِيِلّ لّهًاَْ، وان يِنَقب عنَهًاَْ لّتجُمٌع ،وتوثق، فُتبرز كل ماهو جميل في تاريخنا، وتراثنا ،وٍمٌوٍڕوٍثَنَاَْ اَْلّحًضاَْڕيِ اَْلّجُنَوٍبيِ اَْلّتٍلّيِد ؛ نقول كل ماهو (جميل ومضيئ) في تراثنا حتى لا نقع في براثن فكر تمجيد، ونقل، واحياء كل قديم على عواهنه، إيمانا منا بأن هناك مالايستحق تسليط الضوء عليه ،ولا استذكاره، ويقينا منا بأن تاريخنا يزخر بومضات ،واشراقات ،وأنوار حضارية، تجعله حافلا بتراث حضاري يستحق الخلود؛ تاريخ لا يقتصر على مجال واحد كالسياسة وٍتٍقلّباَْتٍهًاَْ واَْلّثَورات باَْنَجُاَْزُاَْتٍهًاَْ وٍاَْخفُاَْقاَْتٍهًاَْ، أو التجارة وٍنَجُاَْحًاَْتٍهًاَْ،أو الاشراقات الروحية فُحًسب ،بل هو مٌشڕوٍع تٍنَقيِب وٍجُمٌع وٍتٍوٍثَيِق تٍڕاَْثَيِ وٍطنَيِ شامل لّشتى اَْلّمٌجُاَْلّاَْتٍ: زراعية(مدرجات/ آبار/ سدود /صهاريج / قنوات …صناعات زراعية الخ)
صناعية-على بدائيتها-
( جلدية/ حديدية/ حجرية/ خشبية …)
حرفية ..
عمرانية..( قلاع / حصون/ مساجد/ ..)
فنية …
( الآت/ اهازيج / الحان / اغاني/ مغنين وملحنين) -سواء أكانت متصلة بمجالات عمل كالزراعة ومايتصل ويختٍص بهاوبمواسمها المختلفة من مونولوجات واناشيد والحان تتوزع وتشمل مواسمها المختلفة بالحرث والبذر والحصاد« فالحميد بن منصور »-كمثال- لم يترك شاردة أو واردة في أنشطتنا الزراعية، الا وكساها بكلمات ولحن خاص، أو كانت متصلة بالاعياد والمناسبات الاجتماعية المختلفة افراح، اعراس، وطقوس دينية، واحزان….
وكذلك موروثاتنا الأدبية، ومايتصل بهًاَْ:
شعر وشعرا ،وقصص وٍحكايات، ومحازي(اَْلّغٌاَْزُ) ومايدور في فلكها من ڕقصِاَْتٍ وٍطقوٍس وٍالعاب ترتبط في غالبها بكلمات وحركات والحان تناسب كل منها.
حيث أن جل إن لم نقل كل هًذ اَْلّمٌوٍڕوٍثَاَْتٍ اَْلّحًضاَْڕيِةّ، –بمنظور الزمن الذي وجدت فيه -قد وصلت لمستوى متقدم جدا من التنظيم والإتقان والابتكار، وبالتالي يصبح اَْلّحديث عنَهًاَْ هًوٍ لّب اَْلّحًديِثَ عن اَْلّهوية اَْلّوٍطنَيِةّ اَْلّمٌتٍمٌيِزُةّ، وٍاَْلّثقافة اَْلّوٍطنية اَْلّخاَْلّصِةّ ،وٍاَْلّداعيةّ ولّمحرضةّ لكل المهتمين للعودة إلى ذلك المعين وتعميق الاعتزاز لدى أبناء شعبنا بكل ماورثناه من تراث ولن يتأتى ذلك كما أسلفنا الا بحشد الهمم والطاقات للبحث والتنقيب ومن ثم التدوين والتوثيق حرفيا -صوتيا- صوريا لذلك التراث كواجب وطني جماعي لايهدف للمفاخرة والتغني فقط، أو للاتكاء والاتكال والتخدير، بل ليكون واحدا من المرتكزات والعوامل التي تحثنا وتعيننا على المزيد من الابتكار والإبداع والخلق، الذي سيظمن لنا الانطلاق والتطور والرقي، وليكون زوادة رحلتنا نحو الأمل المنشود ،بوطن يرتقي بنا كامة لسماوات الأمم التي نصبوا للوصول إلى ما وصلت إليه.
هذا العمل الذي نؤمن به، وندعوا اليه، يتطلب منا البحث والتنقيب عن الملكات المتسلحة بالامكانات الذاتية -أيا كانت قناعاتها وتوجهاتها ومشاربها- القادرة على انجازه، يتلو ذلك رص الصفوف، وحشد وتسخير كل مايمكن تسخيره لإنجاز هذا العمل الذي سيتطلب دون شك جهد مضني، ووقفة جادة، تعين القائمين عليه على محو كل جزئية من ثقافة دخيلة على ثقافتنا الوطنية الخالصة، أيا كان مصدرها، لتٍحل محلها ثقافة ذات هوية وطنية جنوبية خالصة ونقية وإيجابية، قائمة على اساس وطني متحرر من كل ارتباط اخر، منطلقا وعائدا لعقيدة وطنية شاملة ،وٍنائية عن كل عقيدة أو ايدلوجية ماضية أو آنية لاتتسع للوطن كل الوطن، إنسانا وجغرافية وتاريخ ؛ وحتى تكون الفكرة أكثر وضوحا وجلاء، نؤكد أنه من الضروري وحتى نظمن نجاح هذا المشروع- الثقافي الوطني العملاق الهادف لتوثيق مٌوٍڕوٍثَنَاَْ وٍتٍڕاَْثَنَاَْ، وإبراز هويتنا الوطنية الجنوبية الخالصة والمتميزة ،وتحقيقه- اَْيِ اَْلّمٌشڕوٍع- للأهداف المرجوة منه فإنه لابد بل من المحتم علينا أن نصبغه بصبغة الوطنية الخالصة، وننأى به عن فكر الآنية، المواكبة لعاطفة اللحظة، وان نبعده عن جوقة مواكبة حركتنا الجماهيرية النضالية حتى وإن كانت تعكس مصالحنا المادية والروحية في هذا الضرف الزمني، ليكون مشروعا وطنيا ينطلق من الماضي، ويعمل للحاضر، ويتنبأ ويستشرف المستقبل بكل ما يحمله من آمال .
نحن بحاجة ماسة إذا لاعطاء مجالا واسعا للحرية الإبداعية ،ومجالا أوسع للحوار والنقاش والإبداع، وان نفتح الباب على مصراعيه لكل الملكات الإبداعية في كل أصقاع الوطن اَْلّجُنَوٍبيِ ،لتشاركنا في وضع اللبنات الفكرية الأساسية لهذا المشروع النبيل، لأن توفر هذا الإجماع، وهذا الشمول حجر زاوية للنجاح، وبالتالي لابد من تجاوز ثقافة الاناء الضيقة، والتعالي على لوثات امتلاك الحقيقة المطلقة، وتطليق شوائب التشكيك، والتخوين، والاقصاء ،وتعزيز ثقافة وطن يتسع للجميع ،ويملكه الجميع، ويحبه الجميع، ويدعم الجميع، ليتكاتفوا ،ويبدعوا، وينجزوا مشروعا يصبوا لخدمة وطن ،وتمجيد وطن، وخلق ثقافة وهوية وطن ليس إلا، و بعيدا عن تمجيد، وخدمة ماسواه، سواء أكان ايدلوجيا، أو نظام، أو سلطان.