كتب :عبدالستار سيف الشميري
من رحم الحرب وويلاتها خرجت كثير من الشعوب المنكسرة إلى رحاب الدولة المستقرة والتاريخ سجل الكثير من تلك النماذج . المانيا واليابان أمثلة جلية لهذه التجارب المريرة والنهوض السريع بعد الانكسار .
والحرب في اليمن لاشك أنها تصنع وعيا جمعيا بفعل مواقد الغضب وفشل مشاريع الجماعات الدينية . لقد صهرت الحرب الشباب قبل الكبار وعلمته فنون العراك مع الحياة وابجديات التعايش مع الصعوبات ، فهي كل يوم تبصره بخطورة خلط الدين بالسياسة وأساليب بيع الوهم باسم الدين وتجارة الحرب ، وبشاعة السياسين حينما يستثمرون السياسة لمصالحهم وانتهازيةالأحزاب التي لاتعبر عن طموحات الناس ولا تجرؤ على الكلام والفعل ،
إن كل هذه الصعوبات التي انتبتتها الحرب قد خلقت التحدي والرغبة في التغيير وسلطت الضوء على دهاليز السياسة وخبايا الأجندات وصراع الإقليم وبصرت اليمنيين بأهمية موقعهم الجيوسياسي وكيفية استثماره لصالح الرفاة والبناء . صحيح أن ذلك سيكون بعيدا زمنيا لكنه يوما سيكون .
صحيح أن خسائر اليمنيين ليس لها حدود اقتصادا وجروح ودماء
لكن اهم تلك الخسارات على الاطلاق هو اغتيال الشخصية المعنوية لليمن من جماعةالحوثي والإخوان ،وهذا. جرم لايعادله جرم مما ارتكبوه على كثرته.
كانت صورة اليمني تتمثل بانه محترف العمل صدوق المعاملة، سفير إيجابي في أي وطن يذهب إليه فتح البلدان بسلوكه وتعامله. فأصبحت صورته اليوم أنه ذلك الإرهابي اومحترف الحرب، جرائم مليشيات الحوثي اخوانج المادية كثيرة لكن جريمتهم المعنوية عميقة وسنحتاج عقود حتى نعيد للشخصية اليمنية اعتبارها ،في بلد كان يسمى اليمن السعيد لرصيده العملي الباذخ الذي يتناسب مع جغرافيته الفريدة التي هي أحد هباته ومعادلته الوازنة في قلب المنطقة والعالم ..
ولذلك فأن مهمة الجيل القادم بعد الخلاص من جماعات الدين ليست سهله في إعادة الاعتبار لشعب ازيحت هويته وزرعت هويات لاتمثله وليست من نبت أرضه وتنازعته ومزقته وقدمته للعالم بصورة مشوهه.
إن اليمن بما تملكه من جغرافيا سياسية وتسامح ومرونة حكمته امرائتين في زمنه الغابر دون غرابة ودون امتعاض وقدمتا نموذج للحرية والتسامح والعمل
وتعاقبت عليه ممالك مختلفة وافكارمتنوعة دون شطط ودونما إكراه وذابت داخله كل الأديان بسلاسة وهضمت داخله كل العادات والأعراف التي وفدت إليه وتم النسج منها ذلك الثراء في الثقافة والسلوك وعادات جديدة في الفن والماكل والمشرب وعموم تفاصيل الحياة، فكان ذلك التنوع الذي نلحظه عندما نتجول في مدن اليمن فنجد في حضرموت مالم نجده في صنعاء، وفي تعز وعدن مالم نجده في مأرب وشبوة والمهرة وهكذا دواليك . شعب يعشق الحياة ويتفانى من أجلها ينحت في الصخر ويؤرق القاََ وبهجة منقطعة النظير ..
لن يكون الخلاص لاستعادة الشخصية اليمنية في ذاكرة الشعوب الا بمواقد الغضب الهادر والوعي الجمعي الذي يتشكل كل يوم وعليه الرهان في صناعة ماعجز عنه الجيل الحاضر جيل الحروب والنكسات والقيادة الضعيفة الحالية افضل مثال لهذا الجيل الضارب في الفساد والنكسات ، لذا فأن أمام الأجيال القادمة مهام صعبة لاستعادة سمعة اليمن مع جغرافيتة الممزقة من الجماعات، والفرص ليست معدومة وكل الشعوب عندما ملكت الوعي والرؤية والقيادة اتسعت لديها فرص النماء من الصفر احيانا ، أن اتساع الرؤية والوعي المدني نصف الحل وهو مايجب أن نبثه من امل في ظل زحمة الإحباط واليأس الذي يكسو البلاد ويلبدها بكل الغيوم ويغرقها في الاستسلام لقدرها ،
ومن الملاحظ أن هناك جيل اذكى مما نظن واقوى لن تطحنه الصعوبات ولا تغريه وتستقطبه ماكينة القطيع وقصص الحرب.
تعلم الكثير وعليه فقط التعويل والامل دون غيره من مخاتلات الحلول الدولية والإقليمية التي تؤسس لوقائع على الأرض اليمنية بناء على هيمنة المنتصر والأقوى سلاحا وفتكا وهم لاشك عصابات الدين وليسوا الشعب وإرادته التي وان طال غيابها ستتحقق يوما ما. وغدا لناظره قريب…