كريتر نت : كوالالمبور
في دار الأوبرا الماليزية في “أستانا بودايا” بالعاصمة كوالالمبور قدمت ست مقطوعات فنية موسيقية بإيقاعات حضرمية وبروح أوركسترالية عابرة للحدود الجغرافية. رسم المؤلف والمايسترو محمد القحوم تلك المقطوعات العالمية الأداء والمستلهمة في الآن نفسه روح الموروث الموسيقي التقليدي الحضرمي منطلقا من طموحه في التعريف بالإيقاعات والرقصات المحلية الثرية والعريقة. شارك في الأداء 90 عازفا وراقصا من اليمن وماليزيا واليابان مشكلين واحدة من روائع الفن الموسيقي اليمني في لباس عالمي. حضر الحفل ولي عهد ولاية برليس الماليزية تونكو سيد فائز الدين وعدد من السفراء العرب إضافة إلى 1400 شخص ممن شغلوا مقاعد الجمهور. وتعد هذه المساهمة الفنية فريدة من نوعها وتشكل في رأي بعض المراقبين نقلة نوعية للفن الحضرمي اليمني نحو العالمية.
:تتألف المعزوفات من ست مقطوعات متنوعة في الإيقاعات وهي كالاتي
المقطوعة الاولى: مقطوعة مدروف الأصالة وهي مقطوعة مستوحاة من لون الغناء الزربادي التراثي، الذي يُعد من أقدم الفنون التقليدية التي تشتهر بها مناطق وادي حضرموت. وتقام غالباً في مناسبات الزواج وفي الساحات العامة وفي أفنية المنازل. يقوم فيها راقصان أو أكثر بالرقص وسط الحلبة بأسلوب متقن ومنظم. وتتكون الفرقة المصاحبة لها من آلة القصبة الهوائية (الناي المحلي)، يرافقها الهاجر وثلاثة مراويس تتجاوب فيما بينها بتراكيب وتقسيمات داخلية. تم تأليف الجمل اللحنية للمقطوعة من عناصر الموروث التقليدي السابقة الذكر والجمل والخطوط الأوركسترالية الحديثة.
المقطوعة الثانية: مزمار الهبيش. وهي مقطوعة مستوحاة من رقصة الهبيش التقليدية. ويُطلق عليها تسمية الشرح الساحلي؛ لكونها لا تؤدّى إلا في المدن والأرياف الساحلية من حضرموت. وتصاحب الرقصة آلةُ المزمار التقليدية، إضافة لاعتمادها على حركة الرِجل الواحدة، وذلك من خلال الضرب بها على الأرض، والتصفيق بالأكف، في حوار إيقاعي متناغم مع أصوات الخلاخل الفضية الموجودة في أسفل الساقين. وتتميز رقصة الهبيش بعذوبة ألحانها وخفة زمنها الإيقاعي.
المقطوعة الثالثة: لوحة الحرب والسلام “العُدَّة”. وهي لوحة شعبية راقصة مكونة من رقصتين، تتسم الأولى منهما بطابعها الحربي، في حين تتصف الأخرى بالطابع السلمي. وهي من الرقصات الأكثر شعبية، وتمارس في معظم المناطق الحضرمية. وتقام في الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية والزيارات والأعراس. ينطلق الراقصون من منازلهم إلى ساحة اللعبة، وكل منهم يحمل عدته الحربية المتمثلة في عصا “عود” وترس “درقة” وأحياناً سكين (خنجر)، ويرتدي ملابسه المحددة لذلك. و تتميز هذه الرقصة بأنها رقصة جماهيرية، يشارك فيها أعداد كبيرة في صفوف متتالية. وتنتهي بإقامة رقصة الشبواني (الساحلية) التي تتصف بالسلم والتعاضد والوحدة، وذلك من خلال حركاتها المعبرة عن ذلك باشتباك الأيدي بين الراقصين. المقطوعة تناولت هذه الرقصة من زاوية حديثة حددتها فلسفة المؤلف التجديدية، حيث قدمت في لوحة معبرة برؤية موسيقية جديدة. استخدم لهذا الغرض الآلات الأوركسترالية مع الاحتفاظ بروح لحن العدة التراثي وهويته.
المقطوعة الرابعة: الهداني “الوداع المُفرح”: إحدى الوصلات الغنائية لمراسيم حفلات الأعراس النسوية بحضرموت. ويطلق عليها أيضاً (صوت الحناء) وهي مراسيم تزيين العروس بصبغة الحناء وذلك بالنقش على يديها ورجليها. وغالبا ما تكون هذه اللحظات مختلطة المشاعر بين حزن الأهل على مفارقة العروس بيت أهلها، وفرحتهم بزواجها. تتصدر هذا الوصلة الفرقة الغنائية النسائية المخصصة لإحياء حفلات الأعراس، والمكونة من المغنية المنفردة و مجموعة من النساء، تصاحبها الوحدة الإيقاعية المؤلفة من آلة الهاجر وثلاثة مراويس، مع ترديد مجموعة النساء الجمل الغنائية “الكورس” خلف المغنية المنفردة. وقد تم في هذه المقطوعة استخدام هذا اللون التراثي النسائي من خلال إبراز الجملة اللحنية التراثية، مصحوبةً بتأليف جمل موسيقية مصاحبة للخطوط الهارمونية.
المقطوعة الخامسة: مقطوعة الحيرة: تُعبر هذه المقطوعة عن حالة الحيرة والضياع، والصراع بين الأمل واليأس الذي يغمر الناس في البلدان التي تعيش أوضاعاً سيئة أو حروباً. تم استخدام دفوف الحضرة الصوفية بالإضافة إلى بعض تفعيلات إيقاع الدان الحضرمي بآلة الدمبك (الدُّم الخزف) والدف الصغير، وفوكال صوت الدان الحضرمي، والسبرانو الأوبرالي، ومجموعة الكورال، مع مصاحبة الأوركسترا في مزج اختاره المؤلف لإيصال رسالته.