كريتر نت – عدن
تشارك الجمهورية اليمنية بوفد رسمي في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP30) المقرر عقده في مدينة بيليم البرازيلية، إدراكاً منها لأهمية العمل المناخي الدولي في مواجهة أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم. وتأتي هذه المشاركة في ظل ظروف استثنائية تمر بها البلاد، مما يجعل توضيح الحقائق حول آلية المشاركة وأهدافها أمراً ضرورياً لتبديد أي معلومات مغلوطة.
آلية التسجيل والتنسيق: دور وزارة المياه والبيئة
تتولى وزارة المياه والبيئة في اليمن دوراً تنسيقياً هاماً في عملية تسجيل الوفد الوطني المشارك في مؤتمرات المناخ. ويتم فتح باب التسجيل سنوياً للمنظمات والمؤسسات المعنية بقضايا المناخ لترشيح ممثليها. وتعمل الوزارة كنقطة اتصال وطنية لتأكيد تسجيل المشاركين المعتمدين لدى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC).
من المهم التأكيد على أن دور الوزارة يقتصر على التنسيق والمتابعة، وهي غير ملزمة بتغطية التكاليف المالية للمشاركين كافة.
حقيقة “العدد الكبير” وتمويل المشاركات
يثار جدل أحياناً حول حجم الوفد اليمني المشارك في مؤتمرات المناخ، مع اعتقاد خاطئ بأن جميع المشاركين ممولون من الدولة. والحقيقة أن الغالبية العظمى من المشاركين من خارج القطاع الحكومي يتحملون تكاليف مشاركتهم عبر منظماتهم أو من خلال دعم من جهات مانحة دولية.
وتقوم الوزارة بتمويل عدد محدود جداً من الخبراء والمفاوضين الرسميين، بينما يعكس العدد الإجمالي للمشاركين الطبيعة الشاملة والمتنوعة لمؤتمرات المناخ، التي لم تعد تقتصر على المفاوضات الحكومية، بل أصبحت منصة عالمية تجمع كافة الأطراف الفاعلة.
نقطة هامة: عدد المسجلين لا يعكس عدد الحاضرين الفعلي
من الضروري توضيح أن قائمة المسجلين الرسمية لدى الأمم المتحدة لا تمثل العدد الفعلي للأشخاص الذين يسافرون ويحضرون المؤتمر. في كل عام، يتم تسجيل عدد من المهتمين والناشطين من مختلف المنظمات، ولكن العدد الفعلي للمسافرين يكون أقل بكثير. ويعود ذلك لعدة أسباب، أبرزها:
صعوبات الحصول على التأشيرات: يواجه العديد من المسجلين من دول الجنوب العالمي تحديات في الحصول على تأشيرات الدخول إلى البلد المضيف.
عوائق التمويل: قد لا يتمكن بعض المسجلين من تأمين التمويل اللازم لتغطية تكاليف السفر والإقامة الباهظة في اللحظات الأخيرة.
التحديات اللوجستية: تعقيدات السفر من اليمن وصعوبة الحجوزات قد تمنع البعض من السفر.
لذلك، فإن الرقم الذي يتم تداوله للمسجلين لا يعبر عن الحقيقة على أرض الواقع، والوفد الذي يتمكن من الحضور فعلياً أصغر بكثير من القوائم الأولية.
طبيعة الوفود في مؤتمرات المناخ: تنوع إلزامي
تضم الوفود الوطنية في مؤتمرات المناخ عادةً ممثلين عن مختلف القطاعات لضمان تمثيل شامل لجميع الأطراف المعنية بقضية تغير المناخ. ووفقاً لمتطلبات اتفاقية الأمم المتحدة، فإن الوزارة ملزمة بترشيح مشاركين من:
القطاع الحكومي: ويضم خبراء ومفاوضين من الوزارات المعنية.
المجتمع المدني: ويشمل ممثلين عن المنظمات البيئية وغير الحكومية.
القطاع الخاص: وتتضمن مشاركة ممثلين عن الشركات والمؤسسات المهتمة بالاستثمار الأخضر.
الجهات الأكاديمية والبحثية: للاستفادة من خبراتهم العلمية.
الشباب والمرأة: لضمان إدماج أصواتهم في صنع القرارات المناخية.
هذا التنوع ضروري لإثراء النقاشات وعكس مختلف وجهات النظر، وهو ما يفسر سبب وجود عدد متنوع من المشاركين ضمن الوفد اليمني.
أهمية المشاركة اليمنية في مؤتمرات المناخ
على الرغم من التحديات الهائلة التي تواجهها، تعتبر مشاركة اليمن في مؤتمرات المناخ ضرورة ملحة لعدة أسباب:
عرض أولويات اليمن المناخية: يعد اليمن من أكثر الدول عرضة للتأثيرات المدمرة لتغير المناخ، مثل الفيضانات والجفاف. وتعتبر هذه المؤتمرات منصة حيوية لعرض هذه التحديات وتسليط الضوء على الاحتياجات العاجلة للبلاد.
التفاوض على الدعم والتمويل: يسعى الوفد اليمني من خلال مشاركته إلى تعزيز فرص الحصول على التمويل المناخي من الصناديق الدولية المتخصصة، مثل صندوق المناخ الأخضر وصندوق الخسائر والأضرار.
هذا التمويل ضروري لتنفيذ مشاريع التكيف مع تغير المناخ في قطاعات حيوية كالمياه والزراعة والطاقة المتجددة.
بناء الشراكات الدولية: تتيح المؤتمرات فرصة للتواصل المباشر مع الشركاء الدوليين والجهات المانحة والمنظمات العالمية، وبحث سبل التعاون المشترك في تنفيذ برامج ومشاريع بيئية ومناخية.
مواكبة المستجدات العالمية: تساهم المشاركة في إبقاء اليمن على اطلاع بآخر المستجدات في مفاوضات المناخ العالمية والسياسات والتقنيات الحديثة في هذا المجال، مما يساعد في بناء القدرات الوطنية.
الدفاع عن مصالح الدول النامية: يشارك اليمن ضمن مجموعات تفاوضية تمثل الدول النامية والأقل نمواً، مثل مجموعة الـ77 والصين، والمجموعة العربية، للدفاع عن المصالح المشتركة لهذه الدول والمطالبة بتحقيق العدالة المناخية.
في الختام، إن مشاركة وفد يمني متنوع في مؤتمر المناخ COP30 ليست رفاهية، بل هي جزء أساسي من الجهود الوطنية لحماية مصالح البلاد ومستقبل أجيالها في مواجهة أزمة مناخية عالمية لا ترحم الدول الأكثر ضعفاً.















