كريتر نت – متابعات
في مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال، يجادل الكاتب والتر راسل ميد بأن رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسياسة الخارجية ليست انعزالية، بل تهدف إلى إعادة تشكيل النظام العالمي وفق رؤيته الخاصة.
ويرى أن ترامب يسعى إلى تخليص الولايات المتحدة من الأعباء الناتجة عن التحالفات والمؤسسات التقليدية من خلال تبني إطار “القوى الكبرى” حيث تختار واشنطن شركاءها بعناية أكبر وتسعى الى مصالحها بقوة أكبر.
ويعتقد ميد في مقاله أن هذا التحول في رؤية الإدارة الأميركية ينطوي على مخاطر واستحقاقات، فمن جهة يمكن أن تتخلص من التمدد المفرط، ومن جهة أخرى قد يفقدها ذلك مصداقيتها وريادتها العالمية والاستقرار الذي بنته منذ الحرب العالمية الثانية.
نشاطه ليس عشوائيا
وفي تقديره، أن نشاط ترامب المفرط المتمثل في تهديده بغزو نيجيريا، وصدامه التجاري مع الصين، وإدارته للأزمات في الشرق الأوسط وأفريقيا، ليس عشوائياً كما يبدو، بل يقوم على منطق داخلي يعتبر أن سياسات الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ نهاية الحرب الباردة أضعفت الولايات المتحدة وقوّضت مكانتها.
وطبقا للمقال، فإن ترامب ينظر إلى العولمة على أنها أدت إلى إفقار الطبقة الوسطى الأميركية وتعزيز صعود الصين، في وقت فشلت النخب السياسية والدبلوماسية في تحقيق الأمن أو السلام.
وانطلاقا من هذا التصور، يسعى ترامب -كما يزعم الكاتب- إلى استعادة ثقة الداخل الأميركي عبر نجاحات خارجية ملموسة. وتمثل فنزويلا في رأيه “هبة من السماء” لتحقيق ذلك باعتبارها مصدرا رئيسيا للمخدرات والمهاجرين غير النظاميين، لكنها أيضا نقطة ارتكاز جيوسياسية تتنافس فيها روسيا والصين وإيران مع الولايات المتحدة على النفوذ.
غير أن السيطرة على فنزويلا -بحسب المقال- قد تُحدث تحوّلا طويل الأمد في موازين الطاقة والقوة العالمية.
هيمنة بأساليب جديدة
ويستحضر الكاتب حقبة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون التي اعتمدت مبدأ التوازن بين القوى الكبرى، محذِراً من أن نموذج ترامب، إذا ما نُفّذ بشكل كامل، قد يترك الدول الصغرى عرضة للخطر ويقوض النظام الدولي القائم على القواعد.
كما يلفت أيضا إلى الأبعاد الاقتصادية، إذ يعتقد أن إقدام ترامب على فرض رسوم جمركية، وتصعيد النزاعات التجارية، وممارسة ضغوط على العملات، قد يكون بقصد إحداث تغيير بنيوي في العلاقات الاقتصادية العالمية، غير أن هذه الأدوات تُعرّضه للرد والمخاطر بنشوء اضطراب نظامي، وفق المقال.
ويخلص ميد إلى أن ترامب في ولايته الثانية يتصرف كزعيم عازم على بناء نظام عالمي جديد لا يقوم على الانكفاء، بل فرض الهيمنة الأميركية بأساليب غير تقليدية، وسط فوضى محسوبة تضمن له البقاء في مركز المسرح الدولي.
وبهذا المعنى فإن ترامب لا ينسحب من العالم، بل يعيد تشكيله على صورته، كما يقول الكاتب في الصحيفة الأميركية.















