كريتر نت – متابعات
تعرّض الإعلامي اللبناني وليد عبود الاثنين لتهديدات مباشرة أمام منزله من خلال منشورات ورقية وُزعت في محيط المكان، موقّعة باسم “جماعة أنصار الله الحوثية”، ما أثار موجة تضامن واسعة مع الإعلامي في الوسط الصحافي والسياسي على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما شكك آخرون بالتهديد قائلين “الحوثيون لا يعرفونه”.
وتضمن التهديد الذي انتشر على الشبكات الاجتماعية عبارات شديدة اللهجة وتهديدات صريحة بالخطف والتعذيب والقتل.
وجاء فيه “إلى الوليد بن العبود… كفاك التعرض من على شاشتك المتصهينة العميلة لأمن وكرامة الأمة الإسلامية والعربية… حان وقت حسابك… فكن على استعداد دائم وحذر شديد مما ينتظرك من عقوبات بالخطف والتعذيب ثم التصفية الجسدية… وليتحضّر ذووك لتلاوة الفاتحة على روحك الهالكة إلى جهنم”.
وفي أول رد فعل رسمي، أعربت نقابة محرري الصحافة اللبنانية عن إدانتها الشديدة للتهديدات، معتبرة ما حدث اعتداءً صارخا على حرية الإعلام وكرامة الصحافيين.
وقال نقيب المحررين وأعضاء مجلس النقابة في بيان “نستنكر التهديد الخطير الذي طال الزميل وليد عبود، عضو مجلس النقابة، ونطالب الجهات الأمنية والقضائية بالتحرّك العاجل للكشف عن مصدر هذه التهديدات وملاحقة من يقف خلفها، واتخاذ أشد العقوبات بحقهم”.
ودعت النقابة إلى “ضمان سلامة عبود” وسائر الصحافيين اللبنانيين، مشدّدة على أنّ “حرية التعبير خط أحمر لا يمكن التساهل في انتهاكه تحت أي ذريعة”.
وانهالت ردود الفعل المستنكرة للتهديد من مختلف الأطراف السياسية والإعلامية الداخلية والخارجية إضافة إلى الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما أن التهديد طال أسرة الإعلامي وحمل ألفاظا قاسية تجعل وليد عبود وأسرته يعيشون في خوف، وكتب ناشط:
@ziad_hawat
تهديد الإعلامي وليد عبود بالقتل جريمة يعاقب عليها القانون، ومحاولة مكشوفة لترهيب صوت حرّ وإسكاته في زمن استعادة الدولة.
ندعو القضاء إلى التحرك الفوري لتوقيف الفاعلين ومحاسبتهم.
دعمنا لوليد عبود دعم للحريّة.
كل الدعم والتضامن.
وكتب النائب فريد هيكل الخازن عبر حسابه على منصة إكس:
@FaridHaykalElKh
من هدّد الإعلامي وليد عبود بالأمس،
يهدّد كل صحافي حرّ وكل لبناني.
لن نسكت عن هذا الترهيب،
ولن نقبل أن يُترك الإعلام عرضةً للترهيب من دون مساءلة.
حماية الكلمة الحرة مسؤولية وطنية لا مجال للتهاون فيها.
في المقابل برزت ردود فعل أخرى شككت بحدوث التهديد وبأنه مفبرك بهدف إثارة الضجة وتحريك المياه الراكدة في الوسط الإعلامي، واستندت وجهة النظر هذه إلى أن الحوثيين لديهم ما يشغلهم وبأنهم لا يعرفون وليد عبود، وقال ناشط ساخرا:
@ALI_M_RAHAL
كأنه وليد عبود عامل حملة انتخابية بالصور يلي من منزلها؛
“من أجلكم نتهدد”.
وعلق آخر على الخبر والتضامن مع عبود معتبرا أن التهديد واهٍ ولا معنى له:
@boutoni
بشرفك أستاذ زياد.. أنت مصدق أن الحوثيين وراء
هذه الورقة…؟
يعني برأيك معقول يضربوا تلفزيون لبنان
بصاروخ فرط صوتي خلال برنامج العبود؟
وكتبت ناشطة:
@khawaja12565
أنصار الله تركوا إسرائيل ووقفوا تنفيذ العملية عشان يطبعوا ورقة تهديد لوليد عبود
وأساسا هني ما بيعرفوه.
وهاجم آخرون الإعلامي اللبناني زاعمين أنه فبرك القصة، وجاء في تعليق:
@RimaH12574192
لا في ختم ولا إمضاء ولا شكلها بيان رسمي مثل بيانات السيد الحوثي،
شي فتنوي عم يتسلّى وطابعها والمطلوب منكم تصدقتوا وتعملتوا عليها قصّة لأن هلق كلكم منزلين نفس الورقة.
أنتو مفكرين عم تضحكوا على عقول العالم؟
في المقابل استمرت ردود الفعل الداعمة لوليد عبود، حيث شجب حزب الوطنيين الأحرار “المحاولة الدنيئة لترهيب الإعلامي القدير وليد عبود، التي ليست سوى رسالة تهديد موجهة باللامباشر إلى الرأي العام اللبناني الحرّ الذي يرفض منطق الخضوع مُتسلحا بالكلمة وحرية التعبير وحقه بالاطلاع على الحقيقة حتى قيام لبنان الدولة والسيادة.
كُلنا وليد عبود في رفضنا لهذا الأسلوب السافر، ونثق بالأجهزة الأمنية للكشف عن من يقفون وراءه، وإنزال أشد العقوبات بهم”.
من جهتها، دانت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم “بأشدّ العبارات التهديدات التي طالت الإعلامي”، معتبرة أنّ “المساس بحرية الإعلام هو اعتداء صارخ على القيم الديمقراطية والحقوق الأساسية التي نتمسك بها.
إنّ هذه الممارسات الترهيبية لن تثنينا عن الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، ولن تُسكت الصوت الحر الذي يمثّله الإعلام اللبناني”.
وأضافت أن “التهديدات، أيا كان مصدرها، تشكّل انتهاكا فاضحا لحقّ الصحافي في أداء رسالته بكل استقلالية وكرامة”.
وطالبت الجامعة اللبنانية الثقافية السلطات القضائية والأمنية اللبنانية بالتحرّك الفوري لكشف ملابسات هذه التهديدات ومحاسبة المسؤولين عنها، وأكدت تضامنها الكامل مع عبود وسائر الإعلاميين الذين يتعرضون لضغوط وترهيب.
غير أن هذا التهديد ليس الأول من نوعه، حيث سبق أن أشعل مقطع فيديو جدلا واسعا على وسائل التواصل الاجتماعي حول حدود حرية التعبير ودور الحكومة في حماية الصحافيين من حملات الضغط والتشهير.
وانتشر مقطع فيديو مجتزأ من برنامج “يا أبيض يا أسود”، الذي يقدمه عبود، وقال فيه “حلّوا عنّا… أنتم وسلاحكم ومسيّراتكم وصواريخكم وأبواقكم وراياتكم ومرشدكم وإيرانكم ومحوركم”.
وأضاف “أما حزبكم الإلهي، فزرع لبنان بالسلاح والمسيّرات، ويدّعي أنّه خلاص لبنان، وهو يُخلّص على لبنان… لم نعد نراكم مقاومة.. وحين نراكم لا نسمع إلا ضجيج السلاح، ولا نشمّ إلا رائحة الموت”.
ولم يكن عبود يعبّر في هذا المقطع عن رأيه الشخصي بالضرورة، وإنما كان يستعرض وجهتي نظر ـ مع وضد ـ تتفاعلان في لبنان بشأن أنشطة حزب الله التي غالبا ما هددت استقرار لبنان وإمكانية تعافيه من آثار الحروب.
وبعد ساعات قليلة على نشر الفيديو، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان، وشن أتباع حزب الله هجوما عنيفا على عبود، بلغ حد الترهيب الرقمي.
ولاعتقادهم بأن البرنامج بُث على “تلفزيون لبنان” الرسمي حيث يقدم الإعلامي برنامجا مختلفا آخر، طالبوا وزير الإعلام بول مرقص بوقف البرنامج، بل ومحاكمة مقدمه. ووصل الأمر، وفق عبود، إلى تهديد تلفزيون لبنان والعاملين فيه.
وحاول كثيرون التوضيح أن الفيديو، موضوع النقاش، مجتزأ من مقدمة تحت عنوان “حلوا عنا”، خاطب الإعلامي فيها الأفرقاء اللبنانيين كلا بلغة خصومه.
هذه الحادثة أعادت تسليط الضوء على دور حزب الله في التضييق عل حرية التعبير بوسائل منها استخدام الجيوش الإلكترونية للضغط على أي صاحب رأي مختلف.
وازداد التوتر مع وقف بث “تلفزيون لبنان” حلقة برنامج “مع وليد عبود”، في ما بدا رضوخا لضغوط سياسية مارسها الحزب ومؤيدوه.















