فؤاد مسعد
الكاتبة المقتدرة والروائية والشاعرة المبدعة والأديبة المُلهمة والمثقفة الموسوعية، أحلام مستغانمي ، من أوائل الجزائريات اللاتي كتبن باللغة العربية، ورواياتها من أكثر الكتب مبيعاً في الوطن العربي، وقد حصلت في العام 1998 على جائزة نجيب محفوظ في الرواية عن روايتها (ذاكرة الجسد).
تتجلى اليوم – كما هي من قبل- مُناضلة بقلمها وقلبها، بوعيها وثقافتها، بأدبها ولغتها مع القضية التي لم تخذلها يوماً.
مع فلسطين وغزة ضد الحرب والحصار، مع الأطفال والنساء والشيوخ المحاصرين، وهم يتعرضون لأبشع جرائم الموت والقتل والدمار والحصار والتجويع.
آثرت الجهر بموقفها حين اختار بعض أدعياء الثقافة ومدعي الأدب الصمت والسكوت طمعاً في نيل مكاسب لا يستحقونها، وخوفاً من عواقب يرونها أفدح من صمتهم المُخزي وسكوتهم المُريب.
اختارت أن تبقى حيث يقف النضال الذي خلّدته في ثلاثية (ذاكرة الجسد)، النضال الذي اجترحه جيل التضحية والثورة من أجل حرية الوطن ورخائه المنشود، فوقع نتيجة لاضطراب الوضع بعد أكثر من ثورة وأكثر من انقلاب، ضحية (فوضى الحواس)، التي ضربت أرجاء الوطن العربي، ولا زالت، بعد ما يربو على سبعين عاماً من الثورة على الاحتلال الأجنبي. رغم أن التضحيات الجليلة بالأرواح الطاهرة زادت في دولة واحدة فقط على مليون ونصف المليون شهيد، تلكم هي الجزائر، بلد الكاتبة ومبتدأ نضالها الواعي في تدوين حكاية الثورة وتصويب أخطاء من جاؤوا بعد الاستقلال.
أحلام هي ابنة النضال العربي الذي نشأ ونما في الجزائر ضد جحافل الغزو والتغريب، وهي ابنة الثقافة والآداب العربية التي أبدعت تدويناً وسرداً، رؤية ورواية، حروفاً ضاربة أطنابها في الجذور، وإبداعاً ينتصر لقيم الخير والجمال في كل مكان.
هي سليلة أسرة عريقة في النضال وفي الثورة، كما في الشعر والكتابة، قال والدها الشاعر والثائر محمد الشريف لصحفية سألته عن سيرته النضالية: إن كنت جئت إلى العالم فقط لأنجب أحلام. فهذا يكفيني فخرًا. إنّها أهمّ إنجازاتي. أريد أن يقال إنني “أبو أحلام” أن أنسب إليها.. كما تنسب هي لي.
تقف أحلام مستغانمي مع غزة، وفي صفحتها التي بلغ عدد متابعيها 14 مليون، تدوين أمين لمشاهد الحرب وشواهد الإبادة التي يتعرض لها القطاع منذ نحو عامين. بينما انتكس الأدعياء جُبناء عن قول الحقيقة، وعاجزين إلا عن زراعة العجز في أوساط الأمة من خلال الترويج للجناة وتجميل قُبح الغزاة وإدانة الضحايا.
لا تغفل عن متابعة يوميات الواقع العربي، محاوِلة التقاط نقاط الضوء هنا أو هناك، تبحث عن بارقة أمل: صورة معبرة عن محاولة للنهوض، مبادرة تسعى للتغيير نحو الأفضل، ابتسامة طفل بريء في وجه واقع بائس، مؤشر انتعاش في جسد مثخن بالجراح والأوجاع، شمعة تتلمس طريقها وسط الظلام، نَبْتةٌ بدأت تنمو في الأرض اليباب، قصة تنتمي للمستقبل الواعد.
وهي حين تفعل ذلك ترى في الوطن العربي كله رقعة واحدة، لا فرق بين شرقه وغربه، ولا فضل لقُطر على آخر، فهي ابنة الجزائر المولودة في تونس، والمقيمة في لبنان، المسكونة بكل قضايا العرب في فلسطiن كما في العراق وغيرها، وكلما حضر الوجع والفجيعة في مكان، حضرت مشاعرها لتشهد وتكشف، وتُكاشف أولئك الذين (قلوبهم معنا وقنابلهم علينا).
الكلمات بين الأقواس عناوين لبعض أعمال الكاتبة أحلام مستغانمي.