كتب : منصور نور
في مشهد درامي المسرحي ، ألتقى مجموعة من رجال المدينة بصحبة أطفالهم ، بالقرب من جسر صيرة في المساء ، يتأملون البحر ونور القمر ، ملتمسين نسمة عليلة ، كان خروجهم من بيوتهم الصغيرة هروبًا من حرارة الصيف والرطوبة الخانقة وزيادة ساعات إنقطاع تيار الكهرباء ( 9 ساعات إنقطاع مقابل ساعتين لاصية ) !!
كان صوت الحاج حسن مرتفعًا بين المجموعة ، التي كانت تتحدث عن مشكلات وهموم الناس..
– كل شيء في هذه المدينة بات ملك غيرنا ، لا كهرباء .. لا حياة ، حتى المتنفسات تسوّرت ومنعتنا من رؤية البحر في الخليج الأمامي للمدينة.
أخذ الأستاذ تنوير .. تنهيدة متحسرة ، وقال:
– كان ساحل (الرزميت) الجميل متنفس لنا إلى ما قبل (35) سنة ، وحلّت الطامة الكبرى وحرمونا من كل المتنفسات حتى المساحة الكبيرة التي أمام مبنى المحكمة ، وكعادته ذهب يغني :
” كانت بلادي ملكي أنا
و خيراتها ملكي و لي خيراتها ”
كلمات الشاعر الكبير لطفي أمان وغناء الموسيقار الكبير أحمد قاسم.
قاطعه المهندس سليمان:
شلّوها وتملكوها من لا زالوا يعتبرون أن عدن بعد حرب 94 .. فيد لهم ، بلعوا حتى مينائها وجبالها ومتنفساتها تحت حجة الاستثمار ، الذي تحول إلى أستعمار واستحمار داخلي ينهش أقتصاد البلاد.
أرتفع صوت من وسط العامة، وبنبرت إحتجاج صاخبة.. قال:
لماذا لا تضعون النقاط على الحروف ، من يخبرنا .. ماذا يحدث في مجمع عدن مول؟.
تحررت عدن واستقرت أمنيًا وشهدت إفتتاح عشرات المولات ، إلا هذا المول وهو يكتم أنفاس عدن !!
مغلق منذ سنوات ، حرم أطفالنا وأسرنا من التنزه في ساحته الخالية من ألعاب الأطفال المجانية ، و أيّ مقاعد لجلوس الأسر .
لماذا إلى اليوم هذا المول مغلق ؟!
تدخل العم حسين ، قائلًا :
هدأوا على أنفسكم ، تلك إمبراطورية القطط السُمان ، تسخر كل شيء لصالحها .. لا لصالح عدن ، حتى ظلمت المستأجرين من تجار عدن في هذا المول ، الذي له قوانينه الخاصة المجحفة بحق التجار الذين لن يجدوا الانصاف ، إلا عند الله وهو القائل : { و ما انا بظلام للعبيد}.
الأستاذ تنوير يتدخل ، ويقول :
“يا عم حسين .. أيش لنا من التجار وأصحاب المول، يصطفلوا ويقعوا ملح” !!
الحاج مزهر ، شيخ في منتصف السبعين من عمره، يسجل أعتراضه :
– كيف .. كيف.. يا تنوير ؟!
يعني نشوف الظلم ونسكت ، و يرفعوا إيجارات المحلات في المول من 35 إلى 40 دولار للمتر المربع وكل هذه الزيادات مع حق الضرائب والجمارك و…. و…. و…… ستنزل مثل ضربة الفأس على رأسك يا فالح ، اذا أضافها التاجر المستأجر على أسعار بضائعته.
ومش كفاية الأسعار النار ، حتى علبة الزبادي الصغيرة ب(500) ريال يمني ، وكله بسبب الهوامير التجارية الكبيرة .
الله لا سامحهم.
وكل ما تنتجه مصانعهم أسعارها تزداد ، ولا أحد يقدر يحاسبهم ، والأمراض الخطيرة تكثر ولا أحد يبحث عن أسبابها من المنتجات المحلية ؟
هذا الظلم إلى أين؟
والفنان الدكتور عبد السلام عامر يقول لكم : “البلاد فالتوو”!!
صح .. وأتفووو على من خلوا البلاد فالتوو !
المهندس سليمان – خبير اقتصادي في المدينة الحزينة ، يعود للحديث :
– لا بد من مراعاة قيمة الإيجارات والارتقاء في التعامل والسلوك الحسن مع التاجر المستأجر من قبل عدن مول التجاري ، حتى المسؤول الموظف فيها ، اليوم يسخر طاقته لخدمة ادارتها ، وغدا سيتقاعد ويترك الكرسي لمن سيحل محله ، و “الدنيا تشتي والآخرة تشتي”.
وكم من مت.قاعد نهايته مثل حصان الحكومة.
الحاج حسن وهو يهشّ البعوض عن وجوه أطفاله النائمين، بمروحة السعف ، قال كلمة موجه إلى الجميع :
– شوفوا من علامات العجائب ، إذا تفَرعَنَ نمرود كل بلدة في هذا الزمان و زاد الظلم والفساد ، اقتربت نهاية كل ظالم ، أكان مدير أو مستشار .. ومهما كان حجم سلطانه وأمواله .
تعبّروا يا ناس .. و الملياردير عدنان الخاشقجي عبره ودرس للقطط السمان.
وسمع الجميع ، هتاف صوت من خارج الشّلة .. يخاطبهم :
سيدهشكم يومٌ ساطع الضوء .. أغر ، قصر او بعد .. وستخرج الفئران (المدغبلة) من مدينة النور والسلام.
وصدق الله القائل:
{ وما للظالمين من أنصار }.