كتب.. نائلة هاشم
يصادف الخامس عشر من أكتوبر من كل عام اليوم العالمي للعصا البيضاء، وهو مناسبة إنسانية عالمية تهدف إلى لفت الأنظار إلى فئة المكفوفين وضعاف البصر، والتأكيد على حقوقهم في التنقل بحرية، والاندماج الكامل في المجتمع دون عوائق. إنها مناسبة للتذكير بأن الإعاقة لا تقاس بفقدان البصر، بل بفقدان الإرادة والأمل.
العمى الحقيقي ليس عمى البصر، بل عمى العقول والقلوب وموت الضمير. فكم من مبصر يعيش في ظلام الجهل والأنانية، وكم من كفيف يرى بنور بصيرته ما لا تراه أعين الاخرين فالمكفوفون هم نموذج للإصرار مثل في تجاوز التحديات وتحويل الألم إلى طاقة إنتاج وعطاء. لقد أثبتوا أن الإعاقة لا تمنع النجاح، بل تصنع منه قصة ملهمة لكل من يريد أن يعيش بإرادة وعزيمة.
تعد العصا البيضاء أكثر من مجرد وسيلة يعتمد عليها الكفيف في التنقل، فهي رمز للاستقلالية والأمان والكرامة. فهي تمنحه الثقة بالنفس وتمكنه من الحركة بحرية، كما تذكر الاخرين بواجبهم الإنساني في احترامه ومنحه الأولوية في الطرق والأماكن العامة. وقد تم اعتماد العصا البيضاء عالميا كإشارة للتعريف بوجود شخص كفيف في المكان، حتى يتعامل معه المجتمع بوعي .
ويتم تدريب المكفوفين على استخدام العصا البيضاء وفق إرشادات خاصة تساعدهم على معرفة الاتجاهات، وتحديد العقبات، وتمييز المعالم من حولهم. إن هذا التدريب يمنحهم استقلالية تامة ويسهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم، مما يجعلهم فاعلين ومشاركين في مختلف مجالات الحياة.
إن الاحتفاء باليوم العالمي للعصا البيضاء لا يقتصر على مجرد كلمات أو فعاليات رمزية، بل هو نداء للمجتمع بأسره لبذل المزيد من الجهد في دعم هذه الفئة الكريمة، وتوفير بيئة مناسبة لهم في الشوارع والمدارس ومقرات العمل، إلى جانب تشجيع البرامج والمبادرات التي تعزز من قدراتهم وتبرز مواهبهم.
ها نحن نقف إجلالا لكل من يعيش بنور قلبه رغم ظلام عينيه.
نقول لهم: أنتم النور الحقيقي الذي يضيء العالم بعزمكم وصبركم وإيمانكم.
كل عام وأنتم بخير، وكل عام وأنتم تبصرون بنور البصيرة والإرادة.