كريتر نت – العرب اللندنية
البيان الأوروبي الذي انتقد دور المجلس الانتقالي داخل الشرعية أثار أزمة بين الفرقاء، ووجهت اتهامات إلى أطراف داخل المجلس الرئاسي بتقديم معطيات مضللة لاستصدار موقف أوروبي يحقق ما فشلت فيه هي على الأرض، ووجّه الانتقالي اتهامات مباشرة للإخوان.
وتسبب بيان صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي في نشوب أزمة سياسية في اليمن بين عدد من المكونات المشاركة في مجلس القيادة الرئاسي، بعد أن دعا البيان “جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى الإقرار بالأهمية الجوهرية لوحدة مجلس القيادة الرئاسي من أجل السلام المستدام في اليمن”، ما اعتبره المجلس الانتقالي الجنوبي تعريضا بدوره في الشرعية وتلميحا إلى عرقلته لوحدة المجلس الرئاسي.
وفي حين احتفت أطراف سياسية في مقدمتها حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) بالبيان الأوروبي، وسوقته كجزء من مسلسل انتصاراتها الدبلوماسية المفترضة على خصمها اللدود في الشرعية، تواصلت ردود الأفعال المنددة بالبيان من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وهيئاته المختلفة، بما فيها تلك المشاركة في الحكومة الشرعية.
ورفض أعضاء المجلس الانتقالي المشاركون في الحكومة اليمنية، في بيان جماعي، ما اعتبروه تلميحات الاتحاد الأوروبي حول مسؤولية الانتقالي في تعثر وحدة المجلس الرئاسي، وعبروا عن أسفهم لتحميل المجلس مسؤولية التباينات داخل المجلس الرئاسي، مؤكدين أن البيان الحكومي المرحب ببيان الاتحاد الأوروبي جاء بلا “توافق” أو “تروّ”، كما أكدوا حرصهم “منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة على الحفاظ على التجانس والانسجام داخلها”.
واعتبر بيان وزراء الانتقالي أن صدور البيان الأوروبي على هذا النحو يكشف أن هناك جهات استغلت علاقاتها والثقة الممنوحة لها، بتقديم معلومات مغلوطة لا تخدم الشراكة التي تأسست عليها حكومة المناصفة وفق اتفاق الرياض.
وجاء بيان كتلة وزراء الانتقالي في الحكومة اليمنية في أعقاب سلسلة من ردود الفعل المنددة بما جاء في بيان الاتحاد الأوروبي، حيث عبر الناطق الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري عن رفض المجلس للبيان الأوروبي، مشيرا إلى أن “هذه التصريحات من شأنها الإضرار بتماسك مجلس القيادة الرئاسي”.
وفي ذات السياق، انتقد رئيس هيئة التشاور والمصالحة المساند لمجلس القيادة الرئاسي محمد الغيثي (انتقالي) البيان الأوروبي، مشددا في تغريدة على تويتر أن “جميع القوى والمكونات السياسية المنتمية إلى الشرعية تدعم بشكل كامل مجلس القيادة الرئاسي، حيث تبذل هذه المكونات والأحزاب السياسية وفي طليعتها المجلس الانتقالي الجنوبي جهودا كبيرة من أجل تماسك ومتانة مجلس القيادة والحكومة ومؤسسات وهيئات الدولة”.
وجاء الموقف الأوروبي في أعقاب سلسلة من الزيارات التي قام بها وزراء الاتحاد الأوروبي في اليمن إلى العاصمة المؤقتة عدن، واللقاء بمسؤولين رفيعين في الشرعية وهو ما اعتبره المجلس الانتقالي مؤشرا على استمرار نفوذ الإخوان في مؤسسات الشرعية.
وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي أن بيان مجلس الاتحاد الأوروبي الصادر في الرابع عشر ديسمبر الماضي “بني على معلومات وإفادات حكومية اجتهدت في أن توصل صورة مغلوطة إلى المجتمع الدولي عن الوضع في الداخل لتبرر فشلها في إدارة المعركة مع ميليشيا الحوثي”.
وعن مسؤولية الإخوان في تصدير مثل الخطاب المعادي للانتقالي من داخل الحكومة اليمنية، تابع “قد يبدو الإخوان هم من يتصدر المشهد المعادي للجنوب، لكن يبدو أن أطرافاً أخرى تتماهى مع هذا التوجه السلبي ونأمل منها أن تراجع حساباتها لأنها ستكون أكثر الخاسرين”.
ومن جهته، قال الباحث السياسي ومدير المرصد الإعلامي اليمني رماح الجبري إنه منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع أبريل الماضي مرت ثمانية أشهر وليس من جديد سوى تجميد الواقع دون إنجازات حقيقية سواء كانت عسكرية أو أمنية أو اقتصاديه.
وتعليقا على البيان الأوروبي اعتبر الجبري أن المجلس الانتقالي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في تجميد عمل الشرعية، كون قواته العسكرية هي من تسيطر على العاصمة المؤقتة عدن وهو صاحب القرار فيها وبما في ذلك توحيد الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني وترحيل موعد وصول الوديعة خلال الأشهر الماضية.
وأضاف الجبري في تصريح لـ”العرب” أن “إشارة بيان الاتحاد الأوروبي إلى المجلس الانتقالي تأكيد على تحميل الانتقالي مسؤولية تأخير النجاح المنشود أو المطلوب من مجلس القيادة الرئاسي، وأعتقد أن الموقف يتطلب من جميع المكونات تنازلات حقيقية على أرض الواقع”.
وتابع “بيان الاتحاد الأوروبي كان إيجابيا ويؤكد حرصه على إنجاح الجهود الدولية بما في ذلك جهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الذي يستند بشكل أساسي على الاتحاد الأوروبي لدعمه في مهمة إيقاف الحرب وتحقيق السلام في اليمن”.
وعلى الطرف الآخر، يرى مراقبون أن في موقف الاتحاد الأوروبي، الذي ما يزال يتعامل مع المجلس الانتقالي كطرف خارج عن إطار الشرعية اليمنية على الرغم من مشاركته في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، تأكيد على هامشية التحول الذي أحدثته مشاورات الرياض.
وفي هذا السياق وصف يعقوب السفياني مدير مركز ساوث 24 للدراسات في عدن البيان الأخير لمجلس الاتحاد الأوروبي بأنه “يمثل إحدى نتائج بقاء السلك الدبلوماسي اليمني بعيداً عن التغييرات والهيكلة والشراكة الحقيقية التي بني عليها المجلس الرئاسي وفقاً لمشاورات الرياض”.
واعتبر السفياني أن “الاتحاد الأوروبي وبعثته في اليمن كانا ضحيّتين لمعلومات مغلوطة ومضللة مررتها جهات دبلوماسية في الحكومة الشرعية لاستهداف المجلس الانتقالي الجنوبي”.