كريتر نت – متابعات
يسود الغموض توقيع مجلس السيادة الانتقالي بالسودان والحُرية والتغيير (المجلس المركزي) وقوى مدنية أخرى اتفاقا إطارايا الاثنين المقبل لتأسيس سلطة مدنية انتقالية تعمل على إنهاء أزمة البلاد، وسط أنباء متضاربة بشأن تأجيل جديد لتوقيع الاتفاق وفي ظل تهديد تيارات إسلامية بمحاصرة قيادة الجيش رفضا للتسوية السياسية.
وكان مجلس السيادة الانتقالي بالسودان قد أعلن مساء الجمعة اتفاق الأطراف السودانية على توقيع الاتفاق الإطاري الاثنين القادم بحضور واسع محلي ودولي تمهيدا لمرحلة جديدة تستشرفها البلاد.
لكن مستشار حركة العدل والمساواة وعضو اللجنة السياسية بقوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، عبدالعزيز عشر أفاد بوجود اتفاق مبدئي بينهم وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) على تأجيل التوقيع عن موعده المزمع، إلى وقت يحدد لاحقا، وفق موقع “سودان تربيون” نقلا عن صحيفة الشروق المصرية المحلية.
وجاءت هذا التصريح عقب اجتماع بين قادة الطرفين، شارك فيه عن المجلس المركزي كل من خالد عمر يوسف، ومريم الصادق المهدي، وعن الكتلة مستشار حركة العدل والمساواة عبدالعزيز عشر، ورئيس حركة جيش تحرير السودان، منيِّ أركو مناوي.
وقال عشر إن الاجتماع خلص إلى اتفاق بإبلاغ ممثلي المركزي، بطلب الكتلة المتمثل في تكوين آلية مشتركة للجمع بين وجهتي النظر السياسية للطرفين، وتضمينها في وثيقة موحدة للتوقيع عليها كاتفاق شامل.
وتصف الكتلة الديمقراطية التوقيع المزمع بأنه يعيد صيغة الثنائية في السلطة التي سبق وأن عارضتها قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021، بجانب رفضها لمحاولات حصر التفاوض مع حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، بمنأى عن بقية مكونات التحالف.
وفي المقابل، استبعدت مصادر في قوى المجلس المركزي، تأجيل توقيع الاتفاق، حيث شددت في تصريحات لموقع “سودان تربيون” بأن التوقيع في موعده، ولا توجد دواعي لتأجيله.
وأضافت المصادر “من أراد الالتحاق بالاتفاق يمكنه أن يفعل ذلك بمجرد توقيعه على الإعلان السياسي المتأسس على دستور نقابة المحامين”.
وكان من المقرر أن يتم التوقيع على إطار اتفاق بين المكون العسكري وقوى الإعلان السياسي، أمس السبت، لكنه تأجل لمدة 72 ساعة.
وأرجعت صحيفة “الجريدة” المحلية، إلى محاولات قادة المركزي لإقناع حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) بالعدول عن مواقفه المناهضة للاتفاق.
ويواجه الاتفاق بمعارضة شديدة من تيارات إسلامية وبعض الحركات المسلحة الدارفورية المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير – الكتلة الديموقراطية وهو ائتلاف تشكل حديثا من قوى التوافق الوطني وانضم اليه الحزب الاتحادي الاصل عبر ممثله جعفر الميرغني.
وفي الأثناء، توعد قيادي بارز في مبادرة “نداء أهل السودان” التي تضم تيارات إسلامية وقوى سياسية حليفة لحزب المؤتمر الوطني “المحلول” بنقل الاحتجاجات التي تنظم بشكل أسبوعي لمقر قيادة الجيش، رفضاً للاتفاق المرتقب بين القوات المسلحة والقوى المؤيدة للديمقراطية.
وتجمعت السبت أعداد كبيرة من مناصري المبادرة أمام مقر البعثة الأممية لدعم الانتقال “يونيتامس” بضاحية المنشية شرقي الخرطوم، مرددين هتافات مناوئة للحرية والتغيير، ولرئيس بعثة الأمم المتحدة وحملوا لافتات تدعو لطرده من السودان بعد اتهامه بالتدخل في الشأن السوداني.
وقال عضو المكتب التنفيذي لمبادرة “نداء أهل السودان” محمد على الجزولي لدى مُخاطبته الموكب “لسنا حاضنة سياسية مجانية للعسكر نحن معهم إذا حافظوا علي السيادة والهوية ووحدة البلاد ومن اجل انتقال مستقل بلا أحزاب، وانتخابات حرة ونزيهة، ولكن سنقاوم قيادة المكون العسكري وجاهزون لإغلاق الشرق والشمال ونقل الاحتجاجات للقيادة العامة “.
ووجه الجزولي المعروف بتشدده الديني، انتقادات لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” واصفا قرارهما بالتفاوض مع الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي بالخاطئ.
وأضاف بقوله “نرفض بقوة هذا القرار، وسنقاومه بشتى السبل، وسنغير خلال الأسبوع المقبل أماكن الاحتجاجات ونعتمد استراتيجية جديدة”.
كما أعلنت تنسيقيات لجان المقاومة بالعاصمة السودانية، تنظيم مواكب احتجاجية، بالتزامن مع توقيع مرتقب لإطار اتفاق من المأمول أن ينهي الأزمة السياسية بالبلاد، وأكدت رفضها التسوية السياسية، متعهدة بإسقاطها.
وقال المكتب الميداني لتنسيقيات مقاومة لجان الخرطوم، في بيان: “لم ننحن للجلاد متدثرين بغطاء التسويات، ولم نساوم في حقنا في الحياة، في ديسمبر نقاوم متوحدين حول لا شراكة لا مساومة لا شرعية”.
ويشهد السودان أزمة سياسية منذ أكتوبر 2021، حينما قرر قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وإقالة الحكومة المدنية، مما عطل الانتقال صوب إجراء انتخابات ديمقراطية عقب إطاحة البشير في انتفاضة عام 2019.
ومنذ ذلك اليوم، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني، وترفض الإجراءات الاستثنائية التي يعتبرها معارضو البرهان “انقلابا عسكريا”.
وقبل تلك الإجراءات، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في مطلع 2024 ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاقية سلام عام 2020.
وفي 16 نوفمبر الماضي، أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، أنها أجازت تصورا لاتفاق إطاري مع المكون العسكري.