كريتر نت – متابعات
أرغمت الاحتجاجات المتواصلة في إيران منذ منصف سبتمبر الماضي وفشل حملة القمع الواسعة في إخمادها، النظام الديني على إلغاء شرطة الأخلاق التي تأسست في عهد الرئيس الأسبق المتشدد أحمدي نجاد وكانت سببا في اندلاع أسوأ موجة غضب شعبي بتسببها في مقتل الفتاة الكردية الإيرانية مهسا اميني.
ويشكل هذا القرار أول تنازل من السلطة الدينية التي تحكم قبضتها على الحكم منذ الثورة الإسلامية في 1979 ويشير في توقيته إلى أن طهران استنفدت الحلول الأمنية والقمعية وباتت تدرك أن خياراتها باتت محدودة في التعاطي مع احتجاجات شعبية تحولت إلى محاكمة للنظام الديني ورموزه.
وبقدر ما يعتبر القرار في رمزيته تنازلا من قبل النظام الديني بقدر ما يكشف حجم المأزق الذي باتت تواجهه إيران، فيما لا يمكن النظر له بعيدا عن سياق محاولة احتواء الغضب الشعبي.
وأعلن المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري إلغاء شرطة الأخلاق من قبل السلطات المختصة، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا) الأحد. وقال في وقت متأخر من مساء أمس السبت في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة إن “شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها”.
وكان المدعي العام يرد خلال مؤتمر ديني، على سؤال طرحه عن سبب “إغلاق شرطة الأخلاق” التي تعرف محليا باسم “كشت ارشاد” (أي دوريات الإرشاد) في عهد الرئيس الإيراني الأسبق المحافظ المتشدد محمد أحمدي نجاد من أجل “نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب”. وتضم رجالا يرتدون بزات خضراء ونساء يرتدين التشادور. وبدأت هذه الوحدة دورياتها الأولى في 2006.
وأخفقت حتى الآن حملة قمع واسعة أدت إلى مقتل نحو 300 من المحتجين إضافة إلى رجال أمن أو من الحرس الثوري الإيراني، في إخماد حراك شعبي سرعان ما تحول من احتجاج على ممارسات شرطة الأخلاق التي احتجزت وعذبت الفتاة الكردية الإيرانية مهسا اميني وتسببت بوفاتها بعد أيام من احتجازها ، إلى محاكمة شعبية للنظام الديني وممارسته القمعية وتضييقه على الحريات.
ويأتي قرار حل شرطة الأخلاق بعد نحو 16 عاما من تشكيلها في سياق مراجعات قانونية تعكف عليها السلطات الإيرانية لاحتواء الاحتجاجات من ضمنها مراجعة تتعلق بالزامية ارتداء الحجاب.
ويعكف البرلمان والسلطة القضائية على مراجعة القانون الذي يفرض على النساء وضع غطاء للرأس والذي تعتبره شريحة واسعة من الإيرانيين تضييقا على الحريات خاصة مع ضوابط صارمة ومراقبة لسلوك المواطنين في الشارع وطريقة لباسهم.
وأصبح الحجاب إلزاميا في إيران اعتبارا من أبريل 1983، أي بعد أربع سنوات على الثورة الإسلامية التي أطاحت بنظام الشاه.
وفي مدينة قم، قال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إن “البرلمان والسلطة القضائية يعملان (على هذه القضية)”، في إشارة إلى تحديد ما إذا يحتاج القانون إلى تعديل.
ولم يشأ منتظري تحديد ما الذي يمكن تعديله في القانون، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “إسنا” يوم الجمعة الماضي.
وكانت الهيئة المكلفة بالمراجعة قد التقت قبل ايام باللجنة الثقافية في البرلمان. وقال المدعي العام إن النتائج ستصدر “في غضون أسبوع أو أسبوعين”.
والسبت قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في كلمة متلفزة إن الأسس الجمهورية والإسلامية لإيران راسخة في الدستور.لكنه أشار إلى “وسائل لتطبيق الدستور يمكن أن تكون مرنة”.
وبعد أن أصبح الحجاب إلزاميا ومع تغيّر معايير اللباس بات من الشائع رؤية نساء يرتدين الجينز الضيق والحجاب الفضفاض الملون، لكن في يوليو من العام الحالي، دعا رئيسي المحافظ المتشدد “جميع مؤسسات الدولة لفرض قانون الحجاب”. ومع ذلك واصلت نساء عديدات تحدي النظام.
وتشهد إيران حراكا احتجاجيا منذ وفاة أميني بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في 16 سبتمبر لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة في إيران ودخلت في غيبوبة بعد وقت قصير، ثم توفيت بعد ثلاثة أيام.
وتخلّلت الاحتجاجات إحراق متظاهرات حجابهن في حركة تمرد على قوانين النظام الديني لا على الدين في حدّ ذاته وأحرق المتظاهرون كذلك صورا للمرشد الأعلى علي خامنئي كما برزت حركة أخرى استهدفت إسقاط عمائم رجال الدين في الشارع. وتحولت الاحتجاجات من التنديد بمقتل مهسا أميني إلى المطالبة برحيل النظام.