كتب : محمد الثريا
ـ لم ارَ قط طيلة سنوات متابعتي للازمات السياسية والحروب بالعالم توظيفا سياسيا لجبهات قتالية ومعارك عسكرية بهذه الكيفية المريعة وهذا الإسفاف كالذي نراه اليوم في جبهات الشرعية اليمنية ..
ـ فعلى أمتداد تلك الجبهات التابعة للشرعية ابتداء من مواقعها بأطراف صنعاء وحتى عمق أبين بات بأمكان المتابع البسيط لها اليوم مشاهدة حالة التناغم والتزامن الدقيق والمثالي في تبادل أدوار البطولة الكرتونية والتزام التنفيذ والاخراج لمشاهدها الحية بكل وضوح بل ولمجرد ان يستعرض تناقضات ادائها خلال اسبوع واحد وليس خمسة اعوام كاملة ..
نعم خمسة اعوام عاشتها جبهات نهم والجوف وصرواح بين اعراس ومعارك العشق الممنوع بل وحتى اردفت لها بعضا من صور التبادل التجاري مع العدو المزعوم ليأتي بعدها وهكذا فجإة دور التسخين والتكتكة ؛ فتنسحب القوات بحرفية عالية مسلمة الجبهات والمواقع خاصتها لابن العم او العدو كما يصفونه..
هكذا بكل استخفاف ودون ادنى مراعاة لعقول الناس ..!!
إيعقل هذا؟ ألا تخجلون؟
ـ وللاسف ايضا .. حيث لم يقف عبث ذلك المشهد الهزيل في جبهات الشمال وحسب بل امتد ليشمل مواقع الشرعية الخاملة في شقرة عندما غدت بين ليلة وضحاها خلية نحل يعمها النشاط المفاجئ معلنة استعدادها القتالي وداعمة اياه بمناورات عسكرية ..
ـ لا داعي للحديث كثيرا عن جبهات الريموت الموظفة سياسيا ..
فما ينبغي التركيز عليه كثيرا هو ان منحنى وديناميكية تلك الجبهات اصبحت منذ مدة طويلة مرتبط كلية بتمرير مشاريع خاصة وإحلال وقائع معينة تلي تلك الهالة الاعلامية المصاحبة لدراما الجبهات الشرعية ..
ـ الجوف المضطربة وبوابة الشرعية الامامية تسقط والجنرال العجوز يطير سريعا الى سيئون البعيدة الآمنة ..!!
ماذا يعني هذا ؟ ثمة هدف وراء هذا التناقض ! بلاشك
ـ مأرب اضحت على وشك السقوط بيد العدو الحوثي وجبهة شقرة المتوقفة بقرار واتفاق ملزم غدت اليوم تصعد وتتأهب وباتجاه من ايضا؟ باتجاه الشريك الانتقالي ومدينة عدن المحررة ..!
ما الذي يجري بالضبط؟ وكيف تحولت معركة الشرعية مع الانقلاب الحوثي الى معركة اخرى مع الحليف والشريك الانتقالي؟
ماذا تبقى من عاصفة الحزم وأتفاق الرياض في ظل هذه المستجدات وانقلاب المواقف السياسية؟ كيف تبدلت عناوين الصراع وادوار اللاعبين فيه؟
ـ التصريحات الاميركية الاخيرة الداعية الى ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض والتي اكدت دعمها ومساندتها للسعودية في سبيل انفاذ الاتفاق بعد ان طالبتها بمزيد من الجهد والضغط على اطرافه المحلية انما هي رسالة مبطنة تعبر عن عدم قبول واشنطن بسياسات المملكة وادارتها للصراع اليمني وخصوصا في الفترة الاخيرة..
باعتقادي ان المشهد الختامي والتوافقات المؤدية اليه قد نالت رضاء وموافقة جميع المعنيين بالملف اليمني سلفا لكن يبدو ان التفاصيل الصغيرة واحتمالية تحولها الى عقبات كبيرة وطارئة هي من ازعج ادارة البيت الابيض مؤخرا لتأتي تلك التصريحات بهذه اللغة وهذا التوقيت ..
خلط الاوراق ..! هل يعني ان كافة السيناريوهات لازالت مفتوحة ومحتملة؟ في هذه الحالة من سيكون الخاسر الاكبر ومن سيصبح المستفيد والاوفر حظا في جني ثمار كل ذلك العبث؟