كريتر نت – بيروت
اختتمت الهيئة العامة للقاء اليساري العربي اجتماعها الدوري وكرس الاجتماع الذي عقد يومي 17 و 18 سبتمبر في العاصمة اللبنانية بيروت لمناقشة الأوضاع في العالم العربي وقدم ممثلو الأحزاب الأعضاء في اللقاء عروضاً عن الأوضاع في بلدانهم وقدم الدكتور محمد أحمد المخلافي نائب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني عرضاً عن آفاق السلام في اليمن.
وقال المخلافي : أن آفاق السلام المستدام في اليمن لم تلح في الأفق بعد وهذا ما تظهره التجارب السابقة ناهيك عن إستمرار معوقات تحقيق السلام مثل الإستخدام السياسي للدين وإقتصاد الحرب وتعميق اللامساواة وإستمرار الصراع الإقليمي، إذ توقفت آخر محاولة للأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص للتوصل إلى اتفاق سلام شامل ومستدام في شهر أغسطس 2016 وذلك بتوقيع مشروع اتفاقية الكويت من طرف الحكومة ورفض الحوثي التوقيع على المشروع.
وأشار المخلافي إلى أن اتفاق ستوكهولم الجزئي تحول إلى مصدر آخر لإعاقة مساعي السلام، إذ تم إضاعة الوقت دون إمكانية العودة إلى مفاوضات سلام شامل.
واضاف أن الحزب الإشتراكي اليمني بذل جهداً من أجل إنهاء الحرب وإستعادة الدولة وتحقيق السلام الدائم والشامل دونما إقصاء لأي مكون أو طرف سياسي أو اجتماعي، ومن ذلك، تقديم رؤى للحل بصورة منفردة أو مع أحزاب أخرى، مثل رؤية الحزب لإنهاء الحرب وتحقيق السلام عام 2015 م وتقدم مع التنظيم الوحدوي الناصري برؤية أخرى للإطار الشامل لمفاوضات وإتفاق السلام عام 2021 م ورؤية مشتركة مع أحزاب التحالف الوطني للقوى السياسية بشأن تنفيذ إتفاق الرياض والشراكة السياسية عام 2019م.
واكد المخلافي إن الحرب في اليمن وما أدت إليها من فضائع لم يعد إنهاءها شأناً يمنياً خالصاً ليس بسبب تدخل دول الإقليم فيها فحسب، بل ومن أجل إنتشال اليمنيين من حالة المعاناة التي ليس بمقدور البشر تحملها، ومن أجل هذا كله صار إنهاء الحرب وإستعادة الدولة وتحقيق السلام الدائم والشامل شأناً إنسانياً ومن باب أولى أن يكون شأناً عربياً وأن تحظ هذه المهمات بإهتمام أحزاب اللقاء اليساري العربي.
وفيما يلي نص الكلمة :
آفاق السلام في اليمن
د/ محمد أحمد المخلافي
نائب أمين عام الحزب الإشتراكي اليمني
الرفيقات والرفاق قيادات أحزاب اللقاء اليساري العربي:يسعدني وبإسم الحزب الإشتراكي اليمني حضور هذا اللقاء آملين أن تنتظم هذه اللقاءات وأن نعمل جميعاً على توفير شروط نجاحها، ولعل أهمية هذه الشروط من وجهة نظرنا تتمثل بمراعاة ظروف كل بلد عربي وكل حزب من أعضاء اللقاء اليساري العربي وإعادة النظر بالأولويات والأخذ بالأولويات المشتركة بين أحزابنا وفي مقدمتها آمال التغيير بإحداث تحول اجتماعي وإنتقال ديمقراطي وتحقيق السلام المستدام الذي يوفر شروط بناء الدولة المدنية القائمة على المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ولاسيما في بلدان الحروب مثل اليمن وسوريا وليبيا وبلدان الصراعات المهددة بالإنزلاق إلى حروب أهلية، مثل العراق وتونس ولبنان.
الرفيقات والرفاق:
يعاني اليمن من ويلات حرب أكملت في هذا الشهر عامها الثامن وترتبت عليها فضائع ومآسي في مقدمتها تشرد أكثر من 4 مليون شخص في الداخل والخارج وسقوط مئات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح وفقدان مئات الآلاف لمساكنهم نتيجة الحروب المتعددة التي كنا نأمل إنصافهم بتنفيذ وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل الصادرة عام ٢٠١٤م أي قبيل إندلاع الحرب الراهنة.
على الرغم من توقف الحرب لمدة تقرب من 6 أشهر بفعل قبول الأطراف اليمنية والإقليمية للهدنة وتمديدها، غير أن آفاق السلام المستدام وما تظهره التجارب السابقة لم تلح في الأفق بعد بسبب إستمرار معوقات تحقيق السلام مثل الإستخدام السياسي للدين وإقتصاد الحرب وتعميق اللامساواة وإستمرار الصراع الإقليمي، إذ توقفت آخر محاولة للأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص للتوصل إلى اتفاق سلام شامل ومستدام في شهر أغسطس 2016 وذلك بتوقيع مشروع اتفاقية الكويت من طرف الحكومة ورفض الحوثي التوقيع على المشروع، وبعدها استقال إسماعيل ولد الشيخ المبعوث، الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، بعد أن أستنفد كل محاولاته لعقد مفاوضات جديدة. وبعد تعيين الأمم المتحدة مارتن غريفث كمبعوث بديل، فشلت أول محاولاته لجمع الطرفين في جنيف بتاريخ 6 / 9 / 2018 م بسبب رفض الحوثي حضور اللقاء، وبعد ذلك، بذل مبعوث الأمم المتحدة جهودا مضنية لإقناع جماعة الحوثي عبر قيادتها في صنعاء أو وفد الجماعة في عُمان، وذلك وفقًا لسياسة جديدة، تقضي بتجزئة الحل والبدء بعوامل بناء الثقة، كفتح مطار صنعاء، وإطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء حصار الحوثي لمدينة تعز، وتسليم موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتحديد الترتيبات اللازمة لإستئناف الحوار: التشاور أو التفاوض وبحث الإطار العام للتسوية، ونجحت مساعي المبعوث بإقناع الأطراف بإجراء جولة مشاورات في السويد، لمناقشة اتفاق جزئي يتعلق بإجراءات بناء الثقة، والتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب اليمني. وتم التوصل بتاريخ 12 / 12 / 2018 م إلى ما سُمي مجازًا “اتفاق ستوكهولم”، وهو اتفاق لم يتخذ الشكل المتعارف عليه للاتفاقات- الشكل المكتوب.
وكان المجتمع الدولي، ومنهم سفراء مجموعة التسعة عشر الذين تواجدوا في ستوكهولم أثناء المشاورات، حريصاً على التوصل إلى أي نتيجة للمشاورات ولو معنوية، وكان لهذا الحرص قيمة إيجابية، إذ عملت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن على إصدار قرار مجلس الأمن رقم 2451 (2018) ، والذي أتخذ طابع القرار الفني، بإلزام الطرفين المتحاربين بإتفاق ستوكهولم.
تضمن اتفاق ستوكهولم بعض عوامل بناء الثقة المتعلقة بما يلي:
اتفاق بشأن الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.
اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيًا والمخفيين قسريًا والموضوعين تحت الإقامة الجبرية.
اتفاق لرفع الحصار عن مداخل مدينة تعز.
وعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن رقم 2451 (2018) قد ألزم في فقرته السابعة الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم تقرير أسبوعي إلى مجلس الأمن عن التقدم المحرز بشأن تنفيذ القرار، بما في ذلك أي انتهاكات لاتفاق ستوكهولم، وفي حالة إخلال أيًا من الطرفين بالتزاماته يقوم المجلس باتخاذ مزيد من التدابير حسب الاقتضاء، لغرض تنفيذ هذا القرار وسائر قرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة، والتخفيف من وطأة الحالة الإنسانية، ودعم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء النزاع، لم يتم اتخاذ أي تدابير ضد المنتهكين، مما شجع على إفشال مهمة بعثة الأمم المتحدة، ورفض وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار وتعطيل المفاوضات بشأن إطلاق السجناء والأسرى والمخفيين قسرًا، وكذا المفاوضات بشأن فك الحصار عن مداخل مدينة تعز.
تحول اتفاق ستوكهولم الجزئي إلى مصدر آخر لإعاقة مساعي السلام، إذ تم إضاعة الوقت دون إمكانية العودة إلى مفاوضات سلام شامل.
لقد إنتهت مهمة السيد جريفث دون أن ينفذ إتفاق ستوكهولم ودون العودة إلى مفاوضات إتفاق السلام الشامل وجاء المبعوث الخلف السيد هانس غروندبرغ والذي عين بتاريخ ٦-٨-٢٠٢١م ليواصل البحث عن حلول جزئية وتمكن من إقناع الأطراف الإقليمية والدولية واليمنية بالقبول بالهدنة ونجح في ذلك ولربما يرجع هذا النجاح إلى ظهور تقارب إقليمي وخاصة بين السعودية وإيران.
بسبب إطالة أمد الحرب تعددت القوى العسكرية المحاربة بالوكالة عن دول إقليمية مما جعل اليمن أمام شبح حرب أهلية شاملة لا نهاية ترجى لها، أمام هذا الخطر قامت المملكة العربية السعودية بالوساطة بين السلطة الشرعية والمجلس الإنتقالي الجنوبي ونتج عن ذلك إبرام إتفاق الرياض بتاريخ 5 نوفمبر 2019م.
بيد أن هذا الاتفاق لم ينفذ حتى الآن بكامل جوانبه على الرغم من إحداث تغيير لرئيس الجمهورية بمجلس رئاسي سمي مجلس القيادة الرئاسي، وفي ظل الرئاسة الجديدة والهدنة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي إندلعت الحرب من جديد بين أطراف السلطة الجديدة في المحافظات الجنوبية.
الرفيقات والرفاق:
برغم أن دور الجماعات والأطراف المسلحة قد تعاظم على حساب الأحزاب السياسية وأدى إلى تهميش العملية السياسية فقد بذل الحزب الإشتراكي اليمني كل الجهد من أجل إنهاء الحرب وإستعادة الدولة وتحقيق السلام الدائم والشامل دونما إقصاء لأي مكون أو طرف سياسي أو اجتماعي، ومن ذلك، تقديم رؤى للحل بصورة منفردة أو مع أحزاب أخرى، مثل رؤية الحزب لإنهاء الحرب وتحقيق السلام عام 2015 م وتقدم مع التنظيم الوحدوي الناصري برؤية أخرى للإطار الشامل لمفاوضات وإتفاق السلام عام 2021 م ورؤية مشتركة مع أحزاب التحالف الوطني للقوى السياسية بشأن تنفيذ إتفاق الرياض والشراكة السياسية عام 2019م.
نظرت هذه الرؤى إلى أن إتفاق السلام المزمع وتنفيذ إتفاق الرياض من شأنهما أن يحققا مصالح الشعب اليمني، وبالتالي، تكون الأحزاب معنية بهما وبتنفيذهما.
الرفيقات والرفاق:
إن الحرب في اليمن وما أدت إليها من فضائع لم يعد إنهاءها شأناً يمنياً خالصاً ليس بسبب تدخل دول الإقليم فيها فحسب، بل ومن أجل إنتشال اليمنيين من حالة المعاناة التي ليس بمقدور البشر تحملها، ومن أجل هذا كله صار إنهاء الحرب وإستعادة الدولة وتحقيق السلام الدائم والشامل شأناً إنسانياً ومن باب أولى أن يكون شأناً عربياً وأن تحظ هذه المهمات بإهتمام أحزاب اللقاء اليساري العربي.