كريتر نت – العرب
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الأحد بأن تعزيز التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران سيكون ضمن أبرز الملفات التي سيتطرق إليها الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء الزيارة التي من المزمع أن يُجريها إلى الشرق الأوسط، وهو ملف يقول المراقبون إنه بمثابة اختبار لقدرة بايدن على تجاوز التركة الثقيلة لسلفه دونالد ترامب في المنطقة، والذي انسحب من الاتفاق النووي مع إيران لكنه لم يقم بما يكفي لمنعها من توسيع نفوذها الإقليمي وتهديد الأمن القومي لحلفاء واشنطن الخليجيين، وخاصة السعودية.
وقال لابيد في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء إن بايدن سيحمل “رسالة سلام وأمل” من إسرائيل إلى المملكة العربية السعودية.
ويأتي كلام رئيس الوزراء الإسرائيلي ضمن توقعات بأن تفضي جولة الرئيس الأميركي إلى فتح قنوات التواصل مع السعودية، وأن الأمر قد يصل إلى “تطبيع العلاقات”، وهي مهمة صعبة خاصة أنها تتزامن مع ما يعترض بايدن من تساؤلات كثيرة في السعودية عن موقفه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن مساعي الرياض لبناء تحالفات جديدة تجعلها في حلّ من أي التزام تجاه واشنطن كحليف استراتيجي.
بايدن يحاول إيجاد توازن أكبر في سياسته الخاصة بالشرق الأوسط، مع التركيز على ما هو ممكن
وتوعد بايدن حين كان مرشحا السعوديين “بدفع ثمن” سجلّهم الحقوقي. وساعده الخطاب الحاد على البروز مختلفا عن ترامب الذي كانت أول رحلة خارجية رسمية له حين تولى الرئاسة إلى السعودية، حيث أشاد بالمملكة على أنها حليف كبير حتى بعد مقتل جمال خاشقجي.
وجاء تحذير بايدن الصارم للسعوديين في الوقت الذي كانت فيه أسعار النفط تحوم حول 41 دولارا للبرميل. وأصبحت الأسعار الآن أقرب إلى 105 دولارات. وتجبر أسعار النفط المرتفعة الأميركيين على ضخ الغاز ومواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بينما تساعد السعوديين على تحقيق المزيد من الأرباح.
وقال مسؤولو البيت الأبيض إن محادثات الطاقة ستشكل أحد مكونات المرحلة السعودية من زيارة الرئيس، لكنهم قللوا من احتمال موافقة السعوديين على زيادة إنتاج النفط لأن المملكة تقول إنها تقترب من طاقتها الإنتاجية، وهي المعضلة التي قد تحبط مساعي الرئيس الأميركي لتسويق مبررات زيارته إلى الرياض من زاوية براغماتية تجلب إلى الأميركيين مكاسب.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية الأحد مقالا لبايدن، وجاء في نفس الصفحات التي كتب فيها خاشقجي الكثير من انتقاداته للحكم السعودي قبل اغتياله. واعتبر الرئيس الأميركي في مقاله أن الشرق الأوسط أصبح أكثر “استقرارا وأمانا” خلال ما يقرب من 18 شهرا، ونفى فكرة أن زيارته إلى السعودية كانت تراجعا عن مواقفه.
وكتب بايدن “في المملكة العربية السعودية، عكسنا سياسة الصّك على بياض التي ورثناها”. واعترف بأن “هناك الكثير ممن يختلفون” مع قراره القيام بزيارة إلى المملكة.
وأشار إلى جهود إدارته لدفع التحالف بقيادة السعودية والحوثيين إلى الموافقة على وقف إطلاق النار بعد سبع سنوات من الحرب.
وستكون إسرائيل محطة بايدن الأولى في زيارته إلى الشرق الأوسط. وفي هذا تخفيف لموقفه منذ التصريحات الحازمة التي أدلى بها أثناء ترشحه للرئاسة حين أدان سياسة إدارة ترامب بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ولم يجد بايدن نفسه قادرا على الضغط على الإسرائيليين لوقف بناء المستوطنات اليهودية ولم يعرض مبادرات جديدة لاستئناف محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بين إسرائيل والفلسطينيين. كما ترك قرار ترامب لسنة 2019 الذي يقضي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، الأمر الذي عكس أكثر من نصف قرن من السياسة الأميركية.
وقال الباحث ناتان ساكس، المدير والزميل في مركز سياسة الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينغز، إن إدارة بايدن “توخت استمرارية مربكة إلى حد ما في علاقة بسياسات ترامب إزاء العديد من القضايا، بما في ذلك القدس والجولان” والعديد من المسائل الأخرى.
ويبدو أن بايدن الآن يحاول إيجاد توازن أكبر في سياسته الخاصة بالشرق الأوسط، مع التركيز على ما هو ممكن في جزء معقد من العالم في وقت تظهر فيه إسرائيل وبعض الدول العربية استعدادا أكبر للعمل معا لعزل إيران والنظر في التعاون الاقتصادي.
وقال ساكس “يأتي بايدن متبنيّا خيار احتضان البنية الإقليمية الناشئة”. كما استشهد بدور إدارته في المساعدة على ترتيب هدنة في حرب إسرائيل وغزة التي استمرت 11 يوما في العام الماضي، وتقليص قدرة داعش في المنطقة وإنهاء المهمة القتالية الأميركية في العراق، باعتبارها إنجازات.
لكن سجل بايدن العام في الشرق الأوسط كان أكثر تعقيدا بكثير، حيث تجنّب مواجهة بعض أكثر المشاكل إثارة للقلق في المنطقة، بما في ذلك بعض المشاكل التي اتهم ترامب بالتسبب في احتدادها.
وغالبا ما يتحدث بايدن عن أهمية العلاقات في السياسة الخارجية. ويشير قراره زيارة الشرق الأوسط في رحلة لا تعد إلا بالقليل من الإنجازات الملموسة إلى أنه يحاول الاستثمار في المنطقة على المدى الطويل.
والتقى بايدن بكل رؤساء وزراء إسرائيل الذين تعاقبوا بعد غولدا مائير، وتربطه علاقة وطيدة بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وكان منخرطا بشكل جدّي في مساعدة الرئيس باراك أوباما على إنهاء حرب العراق. لكن بايدن، الذي نشأ على مسرح السياسة الخارجية خلال الحرب الباردة ويرى في صعود الصين الأزمة الأكثر إلحاحا التي تواجه الغرب، كان أقل توجها نحو الشرق الأوسط مقارنة بأوروبا وآسيا.
وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، “ليس لديه علاقات شخصية. ولا يملك ما يكفي من الوقت لتطوير علاقات”. وهو يأتي إلى المنطقة خلال فترة يسودها الغموض بالنسبة إلى القيادة الإسرائيلية؛ حيث حل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ويائير لبيد الكنيست الشهر الماضي مع انهيار ائتلافهما المتنوع سياسيا. وأصبح وزير الخارجية السابق لبيد الآن رئيسا مؤقتا للوزراء.
وقال آرون ديفيد ميللر، الذي خدم ستة وزراء خارجية مستشارا في المفاوضات العربية الإسرائيلية وهو الآن زميل أقدم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، واصفا جولة بايدن “أعتقد أنها رحلة معقدة، وأعتقد أننا يجب أن نكون واقعيين للغاية بشأن توقعاتنا”.