كريتر نت – صحف
يمس تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا يومياً مناطق جديدة من العالم ملحقاً أضراراً فادحة بالجوانب الاقتصادية إذ بات عدد من الدول على حافة المجاعة مع تناقص كميات الحبوب التي تعد روسيا وأوكرانيا أكبر منتجين لها في العالم.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الأحد، فإن الحرب تسببت بارتفاع عدد المهددين بخطر المجاعة ليصل عدد الجوعى قرابة 200 مليون شخص حول العالم.
مجاعة
في صحيفة “الشرق الأوسط”، يقول المبعوث الأمريكي للأمن الغذائي كاري فاولر، كانت هناك أزمة غذاء عالمية قبل الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن الحرب أدت إلى تفاقم الوضع. والدول الأكثر عرضة لتداعياتها هي الدول في نهاية السلسلة الغذائية، مشيراً بشكل خاص إلى أفريقيا جنوب الصحراء ودول في الشرق الأدنى وجيوب في جنوب آسيا وآسيا.
وبحسب الصحيفة، يرى فاولر أن حرب أوكرانيا سلطت الضوء على الترابط بين أنظمة العالم الغذائية. “لدينا سوق عالمية، والاضطرابات في جزء واحد من العالم يمكن أن تتسبب في حدوث آثار متشعبة في جميع أنحاء العالم. في هذه الحالة بالذات، أدرك العالم أهمية أوكرانيا للأمن الغذائي العالمي. فهي مُصدر رئيسي للحبوب والقمح والذرة وزيت دوار الشمس، وهو زيت نباتي رئيسي للطهي وعدد من الأغراض الأخرى”، لافتاً إلى أن أوكرانيا تحتل المرتبة الخامسة في جميع هذه الفئات من حيث الصادرات العالمية.
ونوه المسؤول الأمريكي أن جزءاً كبيراً من هذه المواد الغذائية كان يُصدر تاريخياً إلى أفريقيا والشرق الأدنى. “تعطلت هذه الإمدادات الغذائية بسبب الحرب، وبدأنا نشهد عواقبها الآن، الأمر الذي يدفع على الأرجح بـ40 مليون شخص إضافي إلى فئة انعدام الأمن الغذائي، لتجاوز إجمالي الأشخاص الذين يعانون منه 200 مليون حول العالم”.
الحل في روسيا
تؤكد صحيفة “العرب” اللندنية، أن روسيا باتت قبلة للباحثين عن حل مشكلاتهم الغذائية، وهناك من تحرك باتجاهها سريعاً لكونه الحلقة الأضعف مثل الأفارقة، وهناك من هو متردد، خاصة بالنسبة إلى الدول الأوروبية التي باتت أميل إلى القبول بشرط روسيا استعادة التعاون مقابل التغاضي عن العقوبات، فالمواد الغذائية والأسمدة والغاز مواد أخرى كثيرة أهم من المكابرة، وهو ما بدا واضحاً في كلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حث السبت على عدم “إهانة روسيا”.
ويقول مراقبون، إنه لا شك أن الأضعف هو من يتحرك أسرع نحو روسيا، لكن الجميع يواجه نفس المشكلة. وإذا كان الأفارقة يتحدثون اليوم عن الغذاء والحبوب، فمسألة وقت لكي يبدأ آخرون بالقدوم للحديث عن نفط وغاز وأسمدة وغازات نبيلة ومعادن نادرة ومنصات إطلاق للأقمار الصناعية.
ومع تحول الأزمة في أفريقيا إلى واقع حقيقي يهدد أمن القارة، سارع رئيس الاتحاد الأفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال إلى زيارة روسيا لإيجاد حلول لأزمة الغذاء التي تلوح في الأفق. وقال سال في ختام اللقاء مع بوتين في سوتشي يوم الجمعة، “نخرج من هنا مطمئنين جداً ومسرورين جداً بمحادثاتنا”، مضيفاً أنه وجد الرئيس الروسي “ملتزماً ومدركاً أن أزمة العقوبات تتسبب بمشاكل خطيرة للاقتصادات الضعيفة مثل الاقتصادات الأفريقية”.
ارتباك اقتصادي
في صحيفة “الاتحاد” يقول الكاتب سالم حميد، كان يجب أن تكون هذه المرحلة مرحلة نهوض اقتصادي سريع، لكن الاقتصاد العالمي اصطدم بالحرب الروسية الأوكرانية التي لا تلوح نهايتها في الأفق. وكل ذلك دفع بالاقتصاد العالمي نحو حالة من الارتباك والحديث عن أزمة عالمية وشيكة قلَّ نظيرها. وليست الجائحة هي المسؤول الوحيد عما وصل إليه العالم، إذ تعرّضَ أيضاً لأزمة تتعلق بسلاسل التوريد العالمية أدت لنقص توفّر الكثير من السلع، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها، ناهيك عن التضخم الاقتصادي في بعض الدول الكبرى كالولايات المتحدة، مما أدى في نهاية المطاف إلى رفع سعر الفائدة وتقييد الاقتراض، للحد من التضخم، مع ما لذلك من تأثير كبير على الأسواق وحركة الاقتصاد.
ويضيف حميد، إن دولاً عربية عدة تشهد ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، وبعضها سيلجأ إلى إجراءات للحد من الغلاء، خاصة أن محللين يقولون إن تلاعب بعض التجار يؤدي إلى تفاقم الأزمة، حيث أن جشع بعض التجار واحتكارَهم لمواد مخزَّنة لديهم يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهذا لا يؤثر على مادة واحدة فقط بل يؤدي إلى ارتفاع أسعار عدد كبير من المواد الغذائية، وفي النهاية نشهد قفزة في أسعار المواد. ولا ننسى أيضاً ارتفاع أسعار الطاقة، نتيجة الطلب الهائل جراء الحرب الأوكرانية التي أثرت على بيع الطاقة لأوروبا، والتي بدورها بدأت البحث عن مصادر أخرى.
وبما أن هناك طلباً كبيراً على الطاقة فإن ارتفاع أسعارها أصبح أمراً لا مفر منه، والذي بدوره يؤثر على الأسواق بشكل عام.
ارتفاعات جنونية
يقول الكاتب علي قباجة في مقال له بصحيفة “أخبار الخليج”، إن تداعيات الحرب في أوكرانيا، ألقت بظلالها على جميع الدول، وداهمت قطاعات عالمية عدة، وأهمها الاقتصاد. فمنظمة التجارة العالمية خفّضت توقعاتها للنمو الخاص في 2022 إلى النصف تقريباً من 4.7 % إلى 2.5 %، وتخفيض التوقعات ارتبط بشكل وثيق بأزمة سلاسل التوريد، ما يعني ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما أشارت المنظمة إلى أن الاقتصاد العالمي سيعاني بشدة، وأن الدول الفقيرة ستلمس نقص الإمدادات من المواد الغذائية أكثر من غيرها.
ويضيف قباجة، بالفعل فإن كثيراً من الدول بدأت تعاني بشدة ارتفاعاً فلكياً في الأسعار، خاصة مع امتلاك روسيا وأوكرانيا تأثيراً في الأسواق العالمية، فالدولتان لهما حصة الأسد في تصدير الحبوب، ما أثر في إمدادات القمح والذرة إلى كثير من الدول المعتمدة عليهما. وفي إفريقيا لوحدها فإن 35 بلداً فيها تستورد القمح وحبوباً أخرى من روسيا وأوكرانيا، و22 دولة تستورد الأسمدة من البلدين، بينما أشار بنك التنمية الإفريقي إلى أن أسعار المواد الغذائية سترتفع بنسبة 20-50 % في كثير البلدان.
ويقول أيضاً، لكن المشكلة الأبرز ظهرت، مع عدم اليقين في أسواق الطاقة، فروسيا تمتلك مخزونات نفطية استراتيجية، كما تدفئ أوروبا بغازها، فقرار الغرب الاستغناء عن الطاقة منها بنسبة 90% حتى نهاية العام، وجنوح بعض الدول بالفعل إلى إيجاد البديل، ألهب أسعار النفط، ما يعني حدوث تأثير مباشر في قطاع النقل، بدءاً بالنقل الجوي، والصناعات.