كريتر نت – متابعات
تواجه مصر وضعا حرجا إذا لم تحصل على استثناء من الهند بشأن قرار وقف صادرات القمح الذي أعلنت عنه نيودلهي.
ولم تبدد تصريحات وزير التموين المصري علي المصيلحي الأحد حالة الارتباك التي تعيشها الحكومة بعد قرار الهند.
وقال المصيلحي إن قرار حظر صادرات القمح الذي اتخذته الهند لا يسري على بعض الحكومات، ومنها الحكومة المصرية.
لكن متابعين يقولون إنها تواجه أزمة بدليل محاولاتها الجارية لامتصاص صدمة إعلان الهند عن حظر صادراتها من القمح بسبب موجة حارة أدت إلى تقليص الإنتاج ورفع الأسعار المحلية إلى مستوى قياسي.
ويرى هؤلاء أن وزير التموين أدرج مصر في قائمة الاستثناء قبل أن ترد الهند على طلبات مصرية بشأن ذلك.
وأعلنت نيودلهي أنها ستستمر في السماح بتصدير القمح في حالتين؛ الأولى مع الدول التي تم التعاقد معها سابقا، والثانية مع الدول التي تطلب الإمدادات “لتلبية احتياجات أمنها الغذائي”.
وتجري الحكومة المصرية اتصالات مع سفير الهند في القاهرة ورئيس الحجر الزراعي لاستثنائها من قرار منع تصدير القمح، حيث تنطبق عليها الحالة الثانية.
60 ألف طن هي الشحنة الأولى التي سيتم استيرادها من الهند بعد الحرب الروسية الأوكرانية
وكشف رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي المصري أحمد العطار في تصريح لـ”العرب” أنه تم التواصل مع السفير المصري في الهند الذي خاطب بدوره الحكومة الهندية للسماح باستثناء مصر من قرار حظر تصدير القمح إلى الخارج.
وأضاف أن قرار الهند بالموافقة أو الرفض سيصدر قريبًا “وإذا تم الرفض لن يمثل ذلك أزمة لمصر، لأن الهند ثاني أكبر منتج للقمح (بعد الصين) لكن لا تتصدر بيعه في الأسواق العالمية”.
وأكد أن أمام مصر أسواقا عديدة يمكن الاستيراد منها دون مشكلات، في مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة وكندا والأرجنتين وأستراليا ورومانيا والمجر وكازاخستان.
وعاد أحمد العطار من نيودلهي أخيرا بعد زيارة قام بها لفحص شحنة قمح هندي لبلاده بلغت 60 ألف طن، وهي الشحنة الأولى منذ إعلان القاهرة في أبريل الماضي عن اعتماد الهند كدولة منشأ لاستيراد القمح بعد إيقاف الاستيراد من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب.
ولفت العطار إلى أنه قد تم تحميل أكثر من 45 ألف طن بالفعل من الشحنة على ظهر السفينة المتجهة إلى مصر قبل إعلان حظر التصدير، وأنها اجتازت عملية التفتيش.
ولجأت الحكومة المصرية إلى تطمين المواطنين بأن المخزون من القمح بعد جني المحصول المحلي يكفي حتى نهاية العام، في إشارة توحي بعدم وجود أزمة داهمة.
وقال نائب رئيس غرفة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية عبدالغفار السلاموني لـ”العرب” إن “عنصر الوقت حمى البلاد من تقلبات سوق القمح العالمية، حيث تزامن مع قرار الهند حصادُ المحصول في مصر الذي يستمر حتى يوليو المقبل”.
وأشار إلى أنه إثر انتهاء موسم الحصاد المحلي يحلّ مباشرة موسم القمح الأوروبي الذي يجنّب مصر مشكلة توقف صادرات القمح الروسي والأوكراني، ولذلك لن تتأثر الأسواق سلبًا بقرار الهند.
وخطت مصر خطوات حثيثة لتنويع مصادر مشترياتها وأجرت محادثات وحوارا موسعا مع باريس في هذا الخصوص، مستفيدة من تطور العلاقات السياسية بينها وبين فرنسا، أملا في سد ما يمكن أن يحدث من عجز في عمليات استيراد القمح.
وقال رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي على هامش استقباله وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير قبل نهاية مارس الماضي إن القاهرة تعول على باريس لتأمين احتياجاتها من القمح، إذا طال أمد الأزمة الروسية – الأوكرانية.
وأوضح لومير أن فرنسا ستضمن حصول مصر على احتياجاتها من القمح خلال الأشهر المقبلة، مؤكدا دعم بلاده الكامل للقاهرة في الأزمة الاقتصادية التي يتعرض لها العالم، خاصة ما تعلق بسوق السلع العالمية.
ورغم أن فرنسا تنتج نحو 35 مليون طن من القمح سنويا -تصدر منها 18 مليون طن- إلا أنها تواجه أزمة بعد أن أصبحت سنابل القمح شبه جاهزة للحصاد، لكنها تنتظر مطرا إضافيا لتكون كاملة وبمنتوج وفير.
وإذا تأخر هطول المطر سيكون العائد في حدود 60 في المئة من الكمية المتوقعة، ما يعني إمكانية إعادة النظر في فكرة التصدير إلى مصر لسد احتياجات السوق المحلية أوّلا.
ويمكن أن تتأثر القاهرة بذلك، ما يفاقم أزمة استيراد القمح ويفرض على مصر توسيع دائرة البدائل التي يمكن أن تواجه مصيرا مشابها للسيناريو الهندي أو الفرنسي.
وأعلنت الحكومة الأحد أنها اشترت 1.75 مليون طن من القمح منذ بداية موسم الحصاد، من نحو 1.5 مليون فدان تمت زراعتها بالقمح المحلي خلال العام الجاري.
وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وكانت تستورد من روسيا وأوكرانيا 13 مليون طن، ما يعادل 90 في المئة من احتياجاتها، وراهنت على الهند رهانا كبيرا.
صادرات الهند من القمح تضاعفت خلال الأشهر الستة الماضية نحو أربع مراتّ، حيث بلغت ما يقارب 6 ملايين طن حتى نهاية يناير الماضي
ووافقت وزارة الزراعة المصرية على الهند كمصدر لإمدادات القمح عقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا وما ترتب على ذلك من إمكانية وقف تصدير منتجاتهما الغذائية.
وتضاعفت صادرات الهند من القمح خلال الأشهر الستة الماضية نحو أربع مرات؛ حيث بلغت ما يقارب 6 ملايين طن حتى نهاية يناير الماضي، مقابل 1.38 مليون طن خلال نفس الفترة في العام السابق. ومن المحتمل أن يزيد إنتاجها العام الجاري إلى 111.3 مليون طن، مقابل 109.6 مليون طن في العام الماضي.
وتبدو الحلول التي تتّبعها القاهرة في التعامل مع مشكلة نقص إمدادات القمح أشبه بالمسكنات الاقتصادية؛ ففي ظل أزمات الغذاء العالمية وتقلباتها يمكن أن تمتنع بعض الدول عن تصدير القمح، ما يفرض التفكير في توسيع مساحة الرقعة الزراعية لمحصول القمح.