كتب – أ/عادل الزريقي
برغم المآسي التي أفرزتها الحرب الدائرة رحاها منذ ثمان سنوات تقريبا في وطني الغالي والحبيب اليمن وماتركته من آثار سلبية اقتصادية ونفسية على المواطن إلا أن العيد كان في مدينة التربة عاصمة الحجرية يقترب إلى حد كبير من حالته الطبيعية .
فالجميع مارس الطقوس العيدية دون أي اكتراث للعوامل التي أفرزتها الحرب كإنتشار الفقر والغلاء الفاحش بالذات لملابس ولحمة العيد فقد أقيمت الأعراس وفرح الاطفال وارتسمت بسمة العيد على شفاههم ولبسوا الجديد فقراء واغنياء ومارسوا مختلف الألعاب وعمت السعادة والفرحة أيضا في نفوس الآباء والأمهات برؤية الفرحة والسرور في نفوس فلذات أكبادهم .
لم يكن هذا المشهد الطبيعي في هذا العيد في مثل هذه الظروف القاسية التي يمر بها الوطن غريبا او جديدا في مدينة التربة مدينة السلام والأمان ومدينة المحبة والثقافة ، ومدينة الوعي والتعاون والتكافل الاجتماعي ، فلا فوارق ولا عنصرية ولا تمييز في هذه المدينة بين مواطن وآخر وبين اسود وابيض وبين غني وفقير فمن يحط الرحال للسكن والاستقرار فيها من أبناء المحافظات الأخرى لا يشعر مطلقا بأنه غريبا فيها ، وأنه من منطقة أو محافظة أخرى ، بل يشعر شعور حقيقي بأنه فعلا في وطنه وبين أهله بفعل ارتفاع الوعي الإنساني والحس الأمني والثقافي لأبناء هذه المدينة التي تستقبل نازحي الحرب منذ ثمان سنوات إلى اليوم من مختلف محافظات الجمهورية وبمختلف مشاربهم واتجاهاتهم المذهبية والسياسية وبمختلف انتماءاتهم الجغرافية والاجتماعية وكانت بمثابة الصدر الحنون والآمن والأم الرؤوم للجميع ، ولم تسألهم من أنتم ؟ ومن أين جئتم؟ ولماذا أتيتم ؟ بل وفرت لهم ولأفراد أسرهم كل مقومات الحياة والبقاء والاستقرار والأمان.
فألف تحية وسلام لكل أبناء هذه المدينة التي صنعت النموذج الافضل للمواطن اليمني الاصيل بإنسانيته و بشهامته وبمروءته وكرمه وألف تحية أيضا لكل أبناء المدن والمناطق الأخرى في كافة أرجاء الوطن اليمني ممن يحذون حذو أبناء هذه المدينة في الوقوف إلى جانب أخوانهم اليمنين الذين قادتهم الحرب إلى النزوح إليها أو أدت بهم اقدار الله إلى الفقر وفقدان ممتلكاتهم أو مصادر أرزاقهم أو ابتلاهم الله عز وجل بالحزن نتيجة فقدان أحد اقربائهم .
فهكذا هو الدين الاسلامي دين تعاون وتكافل ودين محبة ووئام ومعاملات إنسانية واقعية وتطبيقية قبل أن يكون مجرد شعائر دينية منحصرة في المسجد فقط أو صيام رمضان والستة الأيام من شهر شوال .