القاهرة : أحمد جمال – العرب
على الرغم من حصول البعثة المصرية في أولمبياد طوكيو على ست ميداليات، إلا أن الرياضة في مصر تواجه أزمات متعددة أبرزها تحدي التجنيس والإغراءات المالية التي تقودها في النهاية إلى خسارة مواهبها. ويحذر المتابعون من أنه في حال تواصل الإهمال الحكومي وعدم اتباع خطوات جدية لمراجعة النقائص والتصدي للفساد، فإن الرياضة المصرية مهددة بتقويض مكاسبها وضياع مواهبها.
القاهرة – لم يمنع حصول البعثة المصرية في أولمبياد طوكيو على ست ميداليات، ذهبية وفضية وأربع برونزية وتحطيم الرقم المسجل بخمس ميداليات، الحديث عن ضرورة المحاسبة جراء وقوع بعض الأخطاء الجوهرية التي كان تلاشيها سيحقق المزيد من الميداليات لمصر التي ذهبت بأكبر بعثة لها في تاريخ الأولمبياد.
وجددت بعض الإخفاقات الجدل حول الأزمات التي تعاني منها الرياضة المصرية وكانت سببا في استبعاد اتحاد رفع الأثقال من المشاركة في دورة طوكيو، وسط تصاعد شكاوى رياضيين من الإهمال الذي تعرضوا له على مدار سنوات.
وهيمنت أصداء فوز الرباع القطري من أصل مصري فارس حسونة بالميدالية الذهبية في منافسات رفع الأثقال للرجال وزن 96 كلغ على الانتقادات الموجهة للبعثة المصرية بعد تصريحات والده الذي أكد أن ابنه تلقى عرضا من الاتحاد القطري لرفع الأثقال بعدما تم رفضه من جانب الاتحاد المصري.
قضية التجنيس طغت على أزمات اتحادات الألعاب الفردية، وقد توالت الاتهامات على سبيل المثال لاتحاد المصارعة، بسبب تفريطه في المواهب
وقضت محكمة التحكيم الرياضية “كاس” في العام 2019 بإيقاف الاتحاد المصري لرفع الأثقال لمدة عامين بسبب المنشطات على إثر الكشف عن سبع حالات إيجابية لرباعين ناشئين قبل أن تتفاقم الأمور بالكشف عن خمس حالات أخرى في دورة الألعاب الأفريقية الأخيرة التي استضافها المغرب الصيف الماضي.
وتقدم عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في مصر بطلبات إحاطة واقتراحات للتحقيق في أسباب تعثر البعثة التي حصدت ست ميداليات من أصل 27 لعبة شاركت فيها بأكبر عدد من اللاعبين في تاريخها (137 لاعبا)، واتهموا اللجنة الأولمبية بإهدار المال العام.
وأعلن عضو مجلس الشيوخ حازم الجندي الخميس تقدمه باقتراح إلى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الشباب والرياضة لتشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في نتائج البعثة المصرية بالألعاب الأولمبية 2020، ووقائع متعلقة باتحاد رفع الأثقال.
ويعتزم عضو مجلس النواب هشام الجاهل التقدم بطلب إحاطة بشأن نتائج البعثة في أولمبياد طوكيو يركز على أهمية التحقيق في النتائج السلبية للبعثة في ألعاب الريشة الطائرة والسلاح والرماية والسباحة والتنس والتايكوندو وتنس الطاولة واليد والجمباز.
وأكدت لجنة الشباب والرياضة في البرلمان عقد اجتماع موسع بعد انتهاء الدورة وعودة البعثة تستدعي فيه ممثلين عنها ومناقشة النتائج وتوجيه رد مباشر على الأسئلة.
وتعددت الأزمات التي تمر بها الرياضة المصرية في الوقت الحالي، إذ أن الألعاب الفردية تواجه أزمات إدارية ومالية ينتج عنها هروب عدد من اللاعبين للتجنيس في الخارج أو تدفع بعض الرياضيين لإيقاف مسيرتهم وسط سلسلة من الأزمات التي تعيشها الاتحادات التي لا تحظى باهتمام الجهة الإدارية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة.
وطغت قضية التجنيس على أزمات اتحادات الألعاب الفردية وتوالت الاتهامات لاتحاد المصارعة بسبب ضياع المواهب وآخرهم أحمد جابر، ابن شقيقة البطل الأولمبي كرم جابر، والذي توج مؤخرا بأول ميدالية برونزية تحت علم الولايات المتحدة في بطولة العالم الأخيرة، في حين أنه حصل على برونزية دورة الألعاب الأولمبية للشباب عام 2014 تحت العلم المصري، وأرجع اللاعب هروبه إلى ما وصفه بـ”الإهمال” الذي تعرض له خلال السنوات الماضية.
حسن خلف الله: التحقيقات مع البعثات الأولمبية تطفو بعد كل دورة
وتكرر الأمر مع اللاعب إبراهيم غانم الونش بعدما تخلف عن العودة مع المنتخب الوطني إلى القاهرة عقب المشاركة في بطولة العالم ببولندا عام 2017 بعد أن ادعى الذهاب إلى دورة المياه في المطار، وهرب من البعثة التي اضطرت إلى المغادرة دونه، وسبقه أيضا اللاعب طارق عبدالسلام الذي حصل على الجنسية البلغارية لينجح في حصد ذهبية بطولة أوروبا في العام 2018.
وأثار عدم مشاركة البطل المصري أدهم رمضان في دورة طوكيو أسئلة واتهامات لاتحاد الجودو، حيث أكد اللاعب الذي حصد الميدالية الذهبية لبطولة الولايات المتحدة Senior Nationals 2021 قبل شهر واحد من انطلاق الأولمبياد أنه لم يتمكن من المشاركة بسبب مشاكل سابقة مع اتحاد اللعبة الذي فاز في الانتخابات الأخيرة على إثر رفضه تحمل تكاليف علاجه بعد إصابته في أثناء مشاركته مع المنتخب المصري أواخر العام 2017.
والأمر لا يختلف كثيرا في الألعاب الجماعية باستثناء كرة اليد التي حققت إنجازا تاريخيا في الأولمبياد بوصول فريق الرجال إلى المربع الذهبي كأول فريق عربي وأفريقي، في حين أن اللعبة الشعبية الأولى في العالم ومصر (كرة القدم) تواجه مشكلات فنية وإدارية عديدة نتج عنها عدم إجراء انتخابات لاتحاد كرة القدم منذ استقالة الاتحاد عقب فشل المنتخب المصري في كأس العالم 2018.
وأكد رئيس رابطة النقاد الرياضيين حسن خلف الله أن التحقيقات مع البعثات الأولمبية تطفو بعد كل دورة، ويجري تشكيل لجان تنبثق منها لجان دون أن تؤدي إلى نتائج مُعلن عنها أو يمكن البناء عليها لتلافي الأخطاء السابقة في الدورات اللاحقة، ما يؤدي إلى إهمال كوادر قد لا تحقق ميداليات أولمبية لكن يمكن تطوير الأداء وتجهيزها للدورات التالية.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الإدارات المحلية في الاتحادات المختلفة واللجنة الأولمبية المحلية لا يسير العمل داخلهما بالشكل المطلوب وثمة إدارات غير محترفة تسيطر عليها قبل السفر إلى أولمبياد طوكيو، ولم يكن هناك هدف أساسي أمام البعثة لتحقيقه، وكان التعويل على مكافحة اللاعبين بجهودهم للفوز بأفضل نتائج ممكنة من دون وجود بناء سليم للرياضيين المشاركين.
وما خفف من وطأة الغضب أن المصرية فريال أشرف حصلت على ذهبية في الكاراتيه، وحصل أحمد الجندي على ميدالية فضية في الخماسي الحديث، فضلا عن أربع ميداليات برونزية عن طريق هداية ملاك لاعبة التايكوندو، وسيف عيسى بطل التايكوندو، ثم محمد إبراهيم كيشو بطل المصارعة، وجيانا فاروق لاعبة الكاراتيه.
واعتبر خلف الله أن توفير الحكومة المصرية مبلغ 12 مليون دولار لتجهيز الأبطال الأولمبيين يعد رقما جيدا على الرغم من كونه ضئيلا بالنسبة إلى الدول التي تحقق نجاحات كبيرة، مشددا على أن الأزمة تكمن في صرف هذه الأموال بصورة غير سليمة في ظل وجود وقائع إهمال وفساد بشكل مباشر أو غير مباشر.