كريتر نت – توفيق الشرعبي – يمن ديراكت
غالبا ما تكون الحروب التي تعيشها الدول مادة للانتاج الدرامي أو التلفزيوني ، البعض يبحث في هذه الأعمال عن أسباب الحروب وبعضها يبحث عن النتائج أوالحلول .
في المجمل إنتاج قناة السعيدة هذا العام أفضل بكثير مما كان عليه في رمضان الماضي ، لكن في التفاصيل كثير من الزلات وبعض الملاحظات .
في الأعمال الدرامية نوع من البناء التدريجي السليم، لكن الواضح أن هناك أزمة نصوص حادة وهي أزمة ناتجة عن الشح في الانفاق على كتابة النصوص وتشبث القائمين على القناة بمهمة الكتابة والتأليف بدلاً من الانفاق والاستكتاب والتفرغ للرقابة والمتابعة للمحتوى .
الاستئثار بمهمة الكتابة وهي العمود الفقري لأي عمل درامي أو حتى برامجي ينبغي ألا تكون على حساب جودة ذلك العمل وبالتالي استغباء المشاهدين وربما الرعاة ، وخير دليل على ذلك ورطة غربة البن في جزئه الثاني الذي خبز حلقاته النجم الكوميدي صلاح الوافي مع شلته في مجلس تخزينة أفرز سطحية وهشاشة بنيوية للعمل الذي جعل الكريمي يعض أصابع الندم حتى اليوم على مايقرب من ثلاثمائة مليون ريال مقابل رعاية المسلسل .
الكريمي تاب بعد ندم وعزف هذا العام عن أي رعاية غير مدروسة ، والوافي عرف اين يكون وعاد لدوره كنجم كوميدي هذا العام وهي المهمة التي اوهبها الله له .
الاعلام محرقة المال والمال بالمقابل محرقة الاعلام ، بمعنى أن التقتير في الانفاق يحرق الأعمال،ويجعلها رماداً
في “خلف الشمس “تبدو الفكرة جيدة ومستندة لواقع أليم يعيشه اليمنيون ولكن هناك كم كبير من الأخطاء الموضوعية والفنية ، ونزوات بعض الممثلين قد تكون مدروسة أو غير مخطط لها لكنها تفسد قيمة العمل فيصر عبدالله يحيى إبراهيم على أكشنة أفعاله الدرامية متأثراً بالنمط الهندي الرائج في الأفلام إبتداءً من تصرفه في ركض الموتور سيكل أو قفزه من أعلى مقدمة السفينة للانقضاض على قائدها .
استعجال المدراء المؤلفين جعلهم لايركزون على تداخل بعض الأدوار للممثلين لدرجة أن أحدهم تكررت مشاهده وحتى البدلة التي يرتديها وشنطة السفر التي يصطحبها في مسلسلين مختلفين في الاسم ولكنهما يبثان متتابعين على شاشة واحدة
(سنعود للتفصيل في تناول آخر للأعمال الدرامية حتى تتضح اتجاهات البناء الدرامي خلال قادم الأيام )
لكن الأمور أكثر وضوحا في الانتاج البرامجي ففي طائر السعيدة لايزال انشغال مايا العبسي للعام الثالث على التوالي بمسألة “عالمية” حساسة كتفتيش الزوجة لتلفون زوجها وآخر رقم اتصل فيه الرجل وغناء الرجل لزوجته وتفاصيل أول ليلة ودعس العريس لرجل عروسه ليست سوى ارتباط وثيق بقضايا “صباح الخير ياتعز” الذي كانت تبثه إذاعة تعز قبل عقد ونصف من الزمان لسامعيها في الحوبان والجحملية والتربة والحجرية وشرعب وصبر الموادم وكانت مايا الصوت المحبب فيه ، لكن العمل لقناة فضائية والله أمر مختلف وخاصة اليوم في زمن عشرات القنوات المحلية .
صحيح أن مايا هذا العام تبدو أقل فهلوة وأكثر رصانة ولطفاً ولكن يبدو الإصرار على بقاء فقرات محددة في البرنامج نوعا من الاستجابة لرغباتها والطاقم في اللعب على الحس الشعوري والعاطفي الذي يطرب له شعب محروم .
( فقرات طائر مايا تذكرنا بألعاب الأطفال زمان عندما كنا نتحدى أحدهم أن يظل صامت في معمعة كلام )
المرحوم يحيى علاو وهو رمز الإعلام اليمني والتقديم الميداني كان يجوب البلاد ببساطة ورصانة في نفس الوقت دون الحاجة للمبالغات الشكلية قميصه أو الفانيلا أو البدلة العادية التي يرتديها لاأهمية لها لدى الناس بقدر أهميةً مايقدمه ويجود به .
وللعلم فإن أشهر مذيعات العالم يرتدين بسيطاً من الملبس في أشد بلدان العالم رفاهية وفي أشهر برامج العصر ( أن يجيد المذيع الطريقة السردية في حفظ الترحيب وفقرات الربط فهذه مهمة الإذاعات المدرسية فقط ، و استحضار التكلف تحت ظنون البساطة والقرب يعد خطأ يقع فيه كثيرون ).
– صديقي عصام الخليدي الذي حظرني منذ عام من الفيس والواتس بسبب ملاحظتي على برنامج طائر السعيدة حرص هذا العام على اقتفاء أثر مايا في مناطق التصوير مع بقية الطاقم و لا أظنه راض عن برنامج كل محتواه يعدل فقط خمس دقائق وهو الذي يستعد لإتمام الدكتوراه من جامعة عريقة في الأردن .
هل يمكن الإجابة عن القيمة المعلوماتية لفقرات باسوورد وهدرة على الماشي وزود رصيدك والإصرار على أهمية تفتيش التلفون،؟؟
هل يمكن إفادتنا عن جدوى لعبة الزراقيف وشفط حبوب الفاصوليا عبر مصاصة عصير ؟
الاستفزاز الكبير للمشاهد والسامع والمتابع والذي يمثل مهانة للمهنة ومذلة للناس ذلك الحاصل في برنامج تراحموا الذي يقدمه المذيع عبدالملك السماوي والذي يفترض أنه عريق مخضرم و ماهكذا يكون فعل الخير .
صديقي عبدالسلام الشريحي ، صحيح أن مايربطنا من صداقة عراها وثيقة لكن ذلك لايمنع من أن المهنية تقتضي توضيح جوانب قصور عدة في برنامجك الميداني ، قصور متعلق بطبيعة المحتوى الذي تريد له إجابة في بطون الأودية والشعاب والصحارى حتى وإن كان الأمر مقصودا منه بعض التغيير وأنه ليس شرطاً الاجابة الصحيحة للحصول على الجائزة التي يتم منحها كنوع من المساعدة وهذا أمر جيد .
– كان يمكن أيضا التنويع في طرح السؤال على شباب وساسة ونخبة في مراكز المدن ، فلاشك لن تجد إجابة حتى من هؤلاء وكان يفضل وجود فقرة أخرى لمزيد من الجذب وكان الأولى أيضا مزيد من التحضير المبكر للبرنامج منذ فترة وأن تكون الفكرة مدروسة أكثر .
– إمكانياتك كإعلامي ولغوي وشاعر ومذيع متمرس ميادينها كثيرة لكنها ليست مألوفة كثيرا في “كلمات مألوفة” .
تبدو مرناً ولطيفا بدون مبالغة في التودد والإيماءات والغمز واللمز الحاصل في برنامج آخر ، لكن أيضا حب الناس والتودد لهم يكون أمراً طبيعياً وبدون الحاجة لملاصقة أجسادهم وطبع القبل على جباههم
– الخلاصة أن الفشل الحاصل في برامجنا ومسلسلاتنا أحد أبرز أسبابه عدم إدراك الممثلين والمقدمين لقاعدة مهمة في التعامل مع الكاميرا وهي قاعدة (كن على سجيتك ولاتكن على سجيتك في الوقت ذاته )
صحيح أننا لسنا مقدمين أو مذيعين لكن هكذا درسناها وشرحها يطول ، ولاشك لا يعلمها بعض مذيعينا وجميع ممثلينا وهنا تكمن الكارثة ..!!