محمد ناصر العولقي
في السبعينيات كان هناك شخص في مدينة جعار جاء إليها من الشمال ولا يعرف الناس في المدينة له اسم سوى الهمداني وعاش معهم كأحد أبناء المدينة وكان أحد أيقوناتها بلباسه شبه الدائم الجرم أبو عسكري والفوطة والمشقر على الرأس .
اشتغل الهمداني حارسا لملعب الشهيد بن سلمان وكان مقطوعا من شجرة لا زوجة ولا ولد ولا أهل ولا كلد وكان بعض من الساكنين قرب الملعب يقدمون له من حين الى حين الخبز والطعام والشاي أيام الطفر .
لم يكن أحد من المدينة يعرف قصة الهمداني وما الذي أتى به الى جعار وفي أحد الأيام اختفى الهمداني فجأة من المدينة كما جاء إليها ، وبقي الناس يتساءلون عنه فترة ثم نسوا موضوعه الى أن حدثت مصيبة 13 يناير 1986م وهرب أنصار علي ناصر الى الشمال وهناك ظهر الهمداني لأبناء جعار الذين كانوا من ضمن من هرب الى الشمال ولكن في صورة أخرى .
ظهر بالزي الفاخر والجنبية والسيارة والحراسة وبالثراء والجاه !!! وعندها حكى لهم قصته لقد كان ابن شيخ كبير في همدان وبعد وفاة والده دخل في نزاع مع عمه على المشيخة وهرب الى الجنوب تاركا زوجته وأطفاله هناك ، وعندما كبر الأولاد قصت عليهم أمهم الحكاية وطلبت منهم البحث عن والدهم كما أبدى ابن عمه استعداده للتنازل لوالدهم الهمداني عن المشيخة وبعد بحث طويل توصلوا إلى إنه يعيش في جعار وجاؤا إليه وأخذوه ليصبح شيخا وتتغير أموره من الفقر والبؤس الى الغنى والوجاهة .
ظل الشيخ الهمداني وفيا لجعار وأبنائها فقد أمر أبناءه بالبحث في معسكرات الزمرة عن أبناء جعار وأقام لهم العزائم وأعطاهم رقم تلفونه للاتصال به في أي لحظة وأي موقف يحتاجون فيه الى العون وفعلا كان يتدخل لحل إشكالات حدثت لبعضهم ويكرمهم ويوصي مراكز الشرطة أن يتصلوا به عند حدوث مشكلة لأحد أبناء جعار .
رحمة الله عليك يا همداني إن كنت حيا أو ميتا وسلام متوج بالمحبة لهذه المدينة التي أرضعت أبناءها الوفاء والتعايش .