كتب : محمد عبدالله القميشي
منذ سنوات طويلة ظل ما يُعرف بملف ((الإعاشة))أحد أخطر أبواب الفساد في بلادنا.
وتحت هذا المسمى صُرفت مليارات الريالات والدولارات إلى حسابات أشخاص لا علاقة لهم بخدمة الوطن أو أمنه، بينما المواطن يعاني من ضيق العيش وارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب.
كانت مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة تُستنزف شهريًا ضمن هذا الملف، بينما حُرم موظفو الداخل، من معلمين وجنود وغيرهم، من أبسط حقوقهم.
وفي المقابل استفاد بعض الأشخاص المقيمون في الخارج، فتحول كثير منهم إلى رجال أعمال وأصحاب نفوذ بفضل هذه الأموال.
والمؤسف أن بعض الأسماء المدرجة في كشوفات (الإعاشة) لم يكن لها أي دور في مواجهة الحوثي بل ارتبط بعضها مباشرة بالمليشيات، وهو ما يكشف حجم العبث واللاعدالة التي اتسم بها هذا الملف لعقود.
اليوم أصبح ملف (الإعاشة) قضية رأي عام، يتداولها الكبير والصغير، والسؤال اليومي للمواطنين: إلى متى سيستمر نزيف المال العام بينما المواطن عاجز عن توفير قوت يومه؟
ففتح هذا الملف يمثل اختبارًا حقيقيًا لجدية الحكومة في مواجهة الفساد، فإما أن تثبت أنها ماضية في الإصلاح، أو أن تسقط في أول امتحان أمام الشعب.
ونجاح هذه المعركة لا يتوقف على إرادة المسؤول وحده، بل يحتاج إلى دعم واسع من المواطنين،
فمحاربة الفساد ليست مهمة فرد، بل معركة وطنية تبدأ من وعي المواطنين وتكاتفهم وتمتد لدعم القرارات الجريئة الهادفة إلى حماية المال العام.
إغلاق ملف الإعاشة لا يعني فقط إسدال الستار على أكبر بؤرة فساد، بل هو إعلان بداية مرحلة جديدة عنوانها الجدية في الإصلاح ومحاربة الفساد.
ويترقب الشعب خطوات عملية تبدأ بإغلاق هذا الباب المظلم الذي ابتلع أموال الدولة، وتمضي نحو بناء مؤسسات قوية قادرة على ضبط الإيرادات وتوجيهها لدعم الخدمات الحيوية مثل التعليم والصحة وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
ختامًا: إذا أُغلق هذا الملف أُغلق معه أخطر شريان للفساد، وفُتحت أبواب الإصلاح والعدالة.
أما إذا تُرك مفتوحًا، فلن يكون هناك إصلاح يُرجى، ولن تنتهي معاناة المواطن.