كتب : جميل الصامت
ترجل آخر اشتراكيي عصره، عرف الاشتراكية بنكهتها ونموذجها الصوفي، من خلال (شيخ الجن) المناضل/احمد عبده ناشر ..
بهندامه المميز وبمشدته الخفيفة والرائعة (النصف) الغير كاملة اللف المطول والعقد المقفل وتبدو انها على النمط اللحجي او الضالعي في هيئتها الجميلة ،تظهره الزرقاء وكأنه رجل اعمال ،وتظهره الثانية بلونها الاميل للبياض، المطعم بالوودي ، كناسك في احدى دوائر القرار الرسمي .
ربما مشدته تلك لا احد يستطع (سبكها) وبنفس الهيئة ..؟!
وهي تعرف بمشدة صاحبها دون غيره من مشدات البلاد ،ونادرا ما يفارقها او تشاهده بدونها .
لمساته تظهر في ذلك البناء الخفيف لمشدته التي تشبه خفة روحه وطيبة نفسه وقربه من الاخرين .
هذا الانسان عرفناه بهيئته المعهودة دون كثير تغيير طرأ عليها رغم مضي الايام والسنين انه الشيخ/قائد هزاع دائل قراضة .
احد الوجهاء والشخصيات الاعتبارية فيها الذي ترجل امس الاول ليرحل خفيفا كما عاش خفيف الظل عن عم يناهز البضع والسبعين عاما .
بدأ حياته كوحيد لاسرته وفي اطراف المعمورة (قراضة) حيث سكن واستقر في قلب منحدر جبل صخري ،ليظل المكان ،عنوان للتحدي بعيد عن التاثير في نظر من يعتبرون سكنى البعد دليل عدم مخاطر سكانه على امن البلاد ..،وبالفعل ففي القرب منه استقر احد رموز النظام الجمهوري قبيل سقوط الملكية لقرابة الشهرين ب(اجارة ظفيرة) خاطرت، دون ان يهتدي اليه احد ولم يكشف امره الا بعد تسنمه موقعا مهما سنصلط الاضواء حوله لاحقا ..
الراحل كان ضمن قائمة من شبان منطقته الذين تاثروا بالمد اليساري للجبهة الوطنيةالتي كانت تنشط في مناطق ارياف تعز ،الامر الذي استدعى من النظام زرع (قناف) وغيره من العناصر الاستخباراتية حينها لمتابعة نشاط الشباب الذي اغراه السلاح القادم عبر عدد من نشطاء الجبهة وكان الشيخ قائد الى جانب الوالد علي سعيد مقبل ابرز تجار السلاح القادم عبر ممثلي الجبهة للمنطقة .
مثل قائد هزاع ،ومحمدعلي عبيد ،ناجي النقيب وغيرهم من الشباب الاقل سنا في قراضة هدفا للجبهة ،واللافت انهم تعايشوا من العناصر المكلفة بمراقبتهم خلال تلك السنوات ولان نشاطهم ،لم يتطور الى حركي ولم يتات منه فعل سياسي ،وظل اشبه بعلاقة شخصية بروابط صوفية بحتة ،وازعم في تقديري ان ذلك كان عامل مهم في عدم تعرض اي منهم لتعسفات النظام وقمعه وسمح بفترة مراقبة ربما اخذت شكل الاستيطان .
شكلت مناطق صبر حالة فريدة للتعامل الناعم بين استخبارات النظام المزروعة وبين اذرع الجبهة القادمين من خارج المنطقة والمريدين والاتباع لهم من ابناء المنطقة ..
وكما اسلفت انهم عرفوا الاشتراكية عبر المنافذ الصوفية ،فكان ناجي النقيب مثلا اشتراكيا صوفيا – يقيم حلقات الذكر والموالد ويصدح صوته بالقصائد – طبعا غير الاشتراكية الماركسية حتى لا يختلط على الناس الفهم .
استطاع قائد هزاع ان يتعايش مع جهاز الامن الوطني ،الذي كان يبحث عن صيد ليقدمه قرابين للنظام في اطار تفتيت النسيج الاجتماعي للمناطق ،ولان الرجل لم يكن مؤدلجا ،وبقي محافظا على اشتراكيته بنكهتها الخاصة به واصدقائه الذين طبعهم اياها شيخ الجن ،ولم يتغيروا قط ولعل ذلك مكنه من التغلب على امكانية اصطياده ..
بعد الوحدة طلبا قائد هزاع وناجي النقيب وآخرون للقاء هام -اظنه كان بتوصية من شيخ الجن – مع عبدالواحد المرادي سكرتير منظمة الحزب في تعز لترتبب اوضاعهم ،واستيعابهم في وزارة الادارة المحلية التي كان على رأسها محمدسعيد عبدالله حاجب (محسن) فاصرا الاثنان الا ان تكون لهما درجتان وظيفيتان (عمالية) في قطاع التربية فيما يبدو .
وكان ذلك محل استياء من رفاقهم لعدم الاستجابة في رفع سقف المطالب كون الفرصة مواتية ولن تعوض ..
الرحمة للشيخ قائد هزاع والعزاء لنجليه عبدالكريم ،ومحمدقائد هزاع ومن خلالهما لجميع افراد الاسرة ..