كريتر نت / كتب- محمد الثريا
أزعجني صديق طوال ليلة أمس بقصة الحاويات تلك وكثرة تكراره لسؤاله ذاك : كيف ستعلقون الان على ( فضيحة الإنتقالي ) يا دعاة المشروع الجنوبي التحرري؟
وبعيدا عن تقمص دور الناطق الرسمي للمجلس الانتقالي او محاولة لعب دور المبرر والمشرع لسياسات المجلس الذي لا تربطني به اي صلة رسمية عدا واحدية القضية والغاية المعلنة .
فقط دعني اتحدث اليك كمراقب ومتابع للمشهد ودونما تحيز .
هنا استطيع الجزم بالقول ان ما حدث مع حاويات البنك كان متوقعا حدوثه في اي لحظة سواء من باب رد الفعل او حتى من نافذة العمل الاستباقي فطالما تحولت الجغرافيا الجنوبية الى مجرد حلبة لتصفية حسابات الغير وملعبا يجسد صراع الاجندات الاقليمية.. فماهو المستغرب حدوثه إذن بعد ذلك؟
يجب ان تدرك ان كل عمل كحادثة اليوم مثلا سيظل ساعتها عملا واردا وان اختلف صفة وأثرا ..
تلك الخلفية وحدها هي من سيؤكد حقيقة الحديث عن أستمرار صراع الإستنزاف الذي أقحم فيه الجميع وانه بالفعل لازال هنالك حرب إرادات وتجاذبات مكلفة قائمة حتى الان في عدن.
هذا بدوره سيؤكد لنا ان واقع الادارة الذاتية لازال حقا حبيس الرغبة الاقليمية والدولية وهو الامر الذي سيدفع بقيادة المجلس الانتقالي إلى اللجؤ إضطرارا نحو اتخاذ خطوات الامر الواقع والتي اقل ما يمكن وصفها به بوثبات ” الهروب الى الامام ” وهي بالمناسبة ليست عملا جديدا يطفو على السطح اليوم .
فالايرادات النقدية للبلد عامة لم تكن تصل الى خزانة البنك المركزي ـ عدن بالشكل الطبيعي والمتعارف عليه دوليا منذ تواجد الشرعية بعدن وحتى اليوم.
إذ غالبا ما كانت تلك الاموال المحصلة تخضع لعمليات محاصصة واسعة وغسيل يومي تحت مسمى احتياجات الاقليم او المحافظة قبل ان يتم ارسال ما تبقى منها لاحقا لصالح البنك كرفع عتب ليس إلا.
وللعلم فان تلك الانتهاكات وجرائم الفساد المالي تحدث منذ اعوام وامام مرئ ومسمع الإقليم والعالم ايضا لذا قلنا ان ما من شيئ جديد هنا يستحق كل ذلك الذهول والتضخيم .
ياعزيزي اذا كنت ترى ان خطوة الانتقالي هذه تستوجب بيان إدانة وإستنكار من جميع شرائح المجتمع الجنوبي ومنظماته المدنية فلا مشكلة لدينا هنا ان كان ذلك سيضع حدا لكل مشاكل البلد .
لكن اخبرني كم بيانا ستحتاج أنت بهذا الخصوص؟ وتحت اي مبرر قانوني بإمكانك تفسير جرائم وفساد الشرعية على مدى خمسة سنوات؟ والأسوء ان نتيجة ذلك كانت دوما تردي الخدمات وتراجع احوال الناس المعيشية فضلا عن كارثة تدهور العملة المحلية في حين ان جميعها كان يدخل ضمن مهام الحكومة الشرعية وواجباتها وعلى هذا الاساس كان يتصرف وزرائها وقياداتها مع اموال البنك المركزي.
اليس هذا بنظرك فضائح وجرائم كانت تستلزم العقاب او على الاقل التعليق بنصف كلمة من دعاة الوطنية ودولة القانون أمثالكم؟
لا أحد يشرعن ما صنعه الانتقالي اليوم بحجة الرجوع الى ما تصنعه الشرعية منذ اعوام بلا محاسبة او عقاب .فالأخطاء تظل أخطاء بغض النظر عن مبررات ارتكابها او نوايا مرتكبيها .
ليست الإشكالية الحقيقية لدينا في إبداء المواقف تجاه الاخطاء ومرتكبيها بل اننا نعتقد ان الإشكال كل الإشكال يكمن حينما نعلم ان كل تلك الاخطاء حدثت وتحدث تحت غطاء التحالف وبتماهي واضح منه دونما نية او شجاعة منا في قول ذلك علنا.
( انا أشير إلى القمر والأحمق ينظر إلى إصبعي )..!
اللوم والنقد الصريح ينبغي ان يوجه أولا الى المظلة الاقليمية التي ترعى وتدعم جميع الاطراف المتضادة إنطلاقا من الصفة التي تحملها كمفوض أممي يمتلك كافة صلاحيات المحاسبة والعقاب بحق جميع المعرقلين والمخطئين ؛ بعدئذ سيكون لا مشكلة في ان نسوق لك بيانات وتصريحات النقد والادانة تجاه اطراف الداخل وبالكيفية التي تشاء .