كريتر نت .. وكالات
في تطور مذهل للعلوم الفلكية، كشفت أبحاث جديدة أن الجسم الغامض الذي يمر عبر نظامنا الشمسي قد يكون أكثر غرابة مما تصور العلماء سابقا.
وهذا الزائر بين النجوم الذي أطلق عليه اسم 3I/ATLAS، يبدو أنه مذنب استثنائي يتميز بخصائص فريدة تتحدى التفسيرات التقليدية.
وأظهرت عمليات الرصد المتطورة أن هذا الجسم الكوني أصغر بكثير مما كان يعتقد في البداية، حيث يقدر قطره الآن بنحو 2.7 كيلومتر فقط، بعد أن كان التقدير الأولي يشير إلى أنه يتجاوز 19 كيلومترا. لكن المفاجأة الأكبر كانت في الكميات الهائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون التي ينبعث منها، والتي تصل إلى 940 تريليون جزيء في كل ثانية.
وهذه الانبعاثات الغازية غير الاعتيادية تشير إلى أن المذنب تشكل في نظام نجمي مختلف تماما عن نظامنا الشمسي، حيث تختلف تركيبة المذنبات هناك بشكل جذري عن تلك التي نعرفها. والمصدر الوحيد للضوء الذي كان يرصد في البداية جاء من السحابة الضخمة من الغبار والغاز التي تحيط بالنواة الصلبة للمذنب، والتي تسمى “ذؤابة المذنب”.
وكشفت النتائج الجديدة أيضا عن وجود جليد الماء على سطح هذا الجسم الفضائي الغريب، لكن الغريب أنه لا توجد أي كميات ملحوظة من بخار الماء أو أول أكسيد الكربون المنبعثة، وهي ظاهرة نادرة بالنسبة للمذنبات التي تقترب من الشمس بهذا القدر.
وتم رصد هذا الجسم لأول مرة في يوليو 2025 من خلال شبكة تلسكوبات ATLAS المصممة للكشف عن الأجسام التي قد تشكل خطرا على الأرض. وقد تبين لاحقا أن مرصد “فيرا روبين” في تشيلي كان قد التقط صورا لهذا الجسم دون أن يعرف العلماء بوجوده آنذاك.
وكان الجسم لغزا محيرا للعلماء في البداية، حيث اعتقد بعضهم أنه قد يكون جسما صناعيا تابعة لحضارة فضائية، خاصة وأن مساره يشير إلى أنه قادم من خارج النظام الشمسي. لكن البيانات الجديدة تؤكد أنه مذنب نادر يتكون من خليط فريد من ثاني أكسيد الكربون المتجمد وجليد الماء.
ومن الخصائص الاستثنائية لهذا المذنب أنه لا يتبع المسارات الاعتيادية للمذنبات في نظامنا الشمسي، بل يسير في مسار حر سيعيده إلى الفضاء البين نجمي بعد أن يمر بالقرب من الأرض والكواكب الأخرى. ومن المتوقع أن يصل إلى أقرب نقطة من الأرض في 17 ديسمبر القادم، حيث سيكون على بعد 359 مليون كيلومتر.
ويعد هذا الجسم ثالث جسم بين نجمي يتم اكتشافه على الإطلاق، وهو يقدم للعلماء فرصة فريدة لدراسة المواد التي تتكون منها الأنظمة النجمية الأخرى. من خلال تحليل غباره وغازاته وجليده، يأمل العلماء في الكشف عن أسرار تكون الأنظمة الكوكبية في مجرتنا.
وتشير التقديرات إلى أن هذا المذنب الغامض أقدم من شمسنا التي يبلغ عمرها 4.6 مليار سنة، وأنه جاء من المنطقة الأكثر كثافة في قرص مجرة درب التبانة، حيث توجد النجوم الأقدم في مجرتنا.