كريتر نت – العرب
تفجير في منشأة لحزب الله أثناء تفكيك سلاحه يثير التساؤل عن مدى قدرة الجيش اللبناني على المضي في مهمته مع وجود مخاوف جدية من سقوط ضحايا آخرين إذا خطط الحزب لوضع فخاخ بوجه الجنود الذين يصلون إلى سلاحه، في مؤشر على تصعيد إضافي بعد الاحتجاجات التي قام بها أنصاره.
وقتل خمسة عسكريين السبت بانفجار أثناء “إزالة ذخائر” داخل منشأة عسكرية تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، في أولى خسائر تفكيك سلاح حزب الله من قبل الجيش فيما يحذر مراقبون من خطورة التسرع في تنفيذ قرار نزع سلاح الحزب في وقت تحتاج فيه القوات اللبنانية إلى تدريبات ضرورية على نوعية الأسلحة وكيفية تفكيكها خوفا من تفجيرات جديدة يمكن أن تقود إلى مقتل وجرح جنود آخرين.
ولا يعرف إن كان حزب الله قد وضع ألغاما وتعقيدات بسلاحه تقود إلى الانفجار مع أول محاولة للتعامل معها بهدف الضغط على الجيش للكف عن مهمة تفكيك السلاح.
وفي حال تكررت الحوادث فإن الجيش قد يستنجد بخبرات خارجية وخاصة من الولايات المتحدة لتدريب عناصره.
وقال مصدر عسكري فضّل عدم الكشف عن هويته، إن “خمسة عسكريين قتلوا أثناء إزالة ذخائر وأعتدة غير منفجرة من مخلّفات الحرب الأخيرة، داخل منشأة عسكرية تابعة لحزب الله”.
واطلع رئيس الجمهورية جوزيف عون، وفق بيان عن الرئاسة، من قائد الجيش العماد رودولف هيكل “على ملابسات الحادثة الأليمة التي وقعت في منطقة مجدل زون – وادي زبقين في قضاء صور وأدّت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى العسكريين نتيجة انفجار ذخائر بوحدة من فوج الهندسة في الجيش أثناء عمل أفرادها على سحبها وتعطيلها”.
وأكد عون أن الوطن يفقد اليوم نخبة من خيرة أبنائه الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن أرض لبنان وسيادته، معربا عن ألمه لـ“استشهاد” العسكريين وعزى ذويهم والجيش بفقدهم، كما تمنى الشفاء العاجل للجرحى .
وقال رئيس الحكومة نواف سلام على إكس “بكثير من الألم يزف لبنان أبناء جيشنا الباسل الذين ارتقوا شهداء في الجنوب، وهم يؤدّون واجبهم الوطني”.
وجاء مقتل العسكريين، بعدما كلفت الحكومة الجيش الثلاثاء بوضع خطة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية الشهر الحالي، على أن تُطبق قبل نهاية العام.
ونص وقف إطلاق النار على انسحاب حزب الله من المنطقة الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني وعلى تفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة يونيفيل.
كما نص على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. لكن إسرائيل تبقي على وجودها في خمسة مرتفعات إستراتيجية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها.
وأعلن المتحدث باسم القوة الدولية المنتشرة في جنوب لبنان أندريا تيننتي الخميس أن قواته بالتنسيق مع الجيش اللبناني “اكتشفت شبكة واسعة من الأنفاق المحصّنة” قرب الناقورة في المنطقة الحدودية.
وفي وقت لاحق، قال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إنه تم العثور على “سبعة أنفاق محصّنة وثلاثة مخابئ ومدفعية وراجمات صواريخ، ومئات القذائف والصواريخ المتفجرة، وألغام مضادة للدبابات، وحوالي 250 عبوة ناسفة بدائية الصنع جاهزة للاستخدام”.
وكانت المنطقة الحدودية معقلا لحزب الله الذي لم يخف حفره أنفاقا فيها لسلاحه ومقاتليه.
وفي يونيو، أعلن سلام أن الجيش اللبناني فكّك منذ وقف إطلاق النار أكثر من 500 موقع ومخزن سلاح في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على بعد أربعين كيلومترا من الحدود).
من جهة ثانية، حذر الجيش اللبناني، السبت، من تعريض أمن البلاد للخطر من خلال “تحركات غير محسوبة النتائج” ودعوات للاحتجاج عقب قرارا الحكومة “حصر السلاح” بيد الدولة.
جاء ذلك بعد خروج مناصري حزب الله وحركة أمل في لبنان، لليوم الثالث على التوالي، الجمعة، بمسيرات احتجاجية بواسطة السيارات والدراجات النارية رفضاً لاتخاذ الحكومة قرارا بـ”حصر السلاح” بيد الدولة والموافقة على “أهداف” الورقة الأميركية.
وقالت مديرية التوجيه بقيادة الجيش اللبناني، في بيان، السبت “ظهرت دعوات من قبل أفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي للقيام بتحركات احتجاجية، ونشر مقاطع فيديو مفبركة تهدف إلى إثارة التوتر بين المواطنين“.
وحذرت قيادة الجيش “المواطنين من تعريض أمن البلاد للخطر من خلال تحركات غير محسوبة النتائج“.
وأكدت أن “الجيش، إذ يحترم حرية التعبير السلمي عن الرأي، لن يسمح بأيّ إخلال بالأمن أو مساس بالسلم الأهلي، أو قطع الطرقات أو التعدي على الأملاك العامة والخاصة“.
كما أكد الجيش اللبناني “ضرورة تحلّي المواطنين وجميع الفرقاء بالمسؤولية في هذه المرحلة الصعبة، وأهمية وحدتهم وتضامنهم بهدف تجاوز الأخطار المحدقة ببلدنا“.
والخميس، وافق مجلس الوزراء اللبناني على “أهداف” ورقة المبعوث الأميركي توماس باراك، بشأن “تعزيز” اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وتزامن ذلك مع انسحاب 4 وزراء “شيعة” من الجلسة الحكومية.
والثلاثاء، أقر مجلس الوزراء تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة (بما فيه سلاح حزب الله) قبل نهاية العام 2025، وعرضها على المجلس خلال أغسطس الجاري.
فيما اعتبر حزب الله عبر بيان أن حكومة نواف سلام، ارتكبت “خطيئة كبرى” باتخاذ قرار حصر السلاح بيد الدولة بما فيه سلاح الحزب، مؤكدا أنه “سيتجاهل” القرار.
بينما قالت حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان، إنه كان حريا بالحكومة “ألا تستعجل” تقديم المزيد من “التنازلات المجانية للعدو الإسرائيلي باتفاقات جديدة (في إشارة لقرار مجلس الوزراء).”
وفي تزامن مع محاولة الجيش السيطرة على الوضع ودفع الحزب إلى القبول بنزع سلاحه دون مشاكل ولا تصعيد، قال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي السبت إن بلاده تعارض قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، وفق ما نقلت عنه وكالة تسنيم للأنباء.
وقال ولايتي في مقابلة مع وكالة تسنيم إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعارض بالتأكيد نزع سلاح حزب الله، لأنها ساعدت على الدوام الشعب اللبناني والمقاومة، وما زالت تفعل ذلك”.
والخميس قال مساعد قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لشؤون التنسيق، العميد إيرج مسجدي إن “مشروع نزع سلاح حزب الله في لبنان هو مخطط فاشل من قبل أميركا والنظام الصهيوني (إسرائيل)،” مضيفًا “هُم يسعون لنزع سلاح المقاومة في لبنان، لكن هذا الحلم سيُدفن معهم.”
وشدد مسجدي، في تصريح نقلته عنه وكالة تسنيم الإيرانية، على أن “سلاح المقاومة هو سلاح الشعب اللبناني للدفاع عن أرضه، وهذا المشروع لن يُثمر لا في مجلس الدفاع اللبناني ولا في أيّ ساحة أخرى.”
ولفت القيادي في الحرس الثوري إلى أنّ “قوى المقاومة دائمًا مستعدة ومجهزة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية كذلك جاهزة تمامًا لأيّ سيناريو محتمل.”
وكانت بيروت قد أدانت الخميس تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التي دعم فيها موقف حزب الله الرافض لقرار الحكومة اللبنانية سحب سلاحه، واعتبرتها تدخلا “مرفوضا” في شؤون لبنان الداخلية.