كريتر نت – متابعات
بالتزامن مع تضميد إيران وحزب الله اللبناني، جراحهما للتعافي من الهزيمة بعد اشتباكات باهظة الكلفة مع إسرائيل ، يواصل أحد وكلاء إيران الأكثر فتكاً إطلاق وابل من الصواريخ على إسرائيل. وفي 22 من الشهر الجاري، أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً على مطار بن غوريون، للمرة الثانية في 4 أيام.
وقال المحللان مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وكوبي غوتليب المتدرب في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والذي يدرس في جامعة برانديز: “هذه ليست استفزازات منعزلة ، إنها إشارة واضحة إلى أن الحوثيين لم يردعوا”.
وأضاف دوبويتز و غوتليب ، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال انتريست” الأمريكية ، أن رد واشنطن جاء عقب نمط مألوف الآن، وهو نمط فشل مراراً وتكراراً.
واتبعت الولايات المتحدة مساراً دبلوماسياً، حيث قدمت عدة عروض لوقف إطلاق النار ومبادرات، على أمل أن يتوقف الحوثيون عن شن هجمات.
ومع ذلك ، تشير دروس التاريخ إلى عكس ذلك، حيث يتعامل الحوثيون مع وقف لإطلاق النار، على أنه فرصة لإعادة التسليح، وتنظيم الصفوف والعودة على نحو أقوى إلى القتال.
وبدل الاسترضاء، على الولايات المتحدة أن تتبنى حملة متواصلة من العقوبات، والضغط الدبلوماسي، والقوة العسكرية، عندما تقتضي الضرورة، .
وأن أي شئ أقل من ذلك، سيدفع إلى مزيد من إراقة الدماء.
وهذه ليست مشكلة إسرائيل فحسب إذ أطلق الحوثيون عشرات الصواريخ على سفن شحن مدنية في البحر الأحمر ، ما تسبب في فوضى في سلاسل الإمداد العالمية، وهدد واحداً من الممرات البحرية الأكثر حيوية في العالم.
وتتحدى هذه الهجمات الالتزام الأمريكي بالدفاع عن حرية الملاحة، التي تعد أساساً للازدهار العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وفي مايو (أيار) الماضي، ساعدت واشنطن في التوسط في وقف لإطلاق النار عبر عُمان. وكان الهدف واضحاً، هو إنهاء الهجمات على سفن الشحن الدولي، ولكن في غضون أسابيع، ضرب الحوثيون بعرض الحائط الاتفاق.وفي 7و9 من الشهرالجاري، هاجموا سفينتي شحن، ما أسفر عن مقتل 3 بحارة وقالت تقارير إنهم احتجزوا 6 آخرين، رهائن.
وأشار السفير مايكل راني، المبعوث الأمريكي السابق إلى السعودية، في بودكاست إيران بريكداون لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إلى أن الهجمات الحوثية على مدن السعودية، وموانئها وبنيتها التحتية للطاقة لم تتسبب في الضرر الحالي فحسب، ولكنها عرضت للخطر خطط المملكة للتنمية على المدى الطويل.
والأسوأ في الأمر، أن الحوثيين وسعوا نطاق عدوانهم بعدما هاجمت حماس إسرائيل في7أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأطلقوا صواريخ على إسرائيل، وخطفوا السفينة “غالاكسي ليدر” وطاقمها من 25 بحاراً، وشنوا أكثر من 100 هجوم على سفن تجارية.
ويرجع الفضل للولايات المتحدة، حيث ردت في مارس(آذار) الماضي بعملية “رف رايد”، وهى حملة عسكرية هاجمت أكثر من ألف هدف ، وقتلت قادة حوثيين بارزين، وقلصت القوة العملياتية للحوثيين.
ولكن في أوائل مايو (أيار)، كانت واشنطن تسعى مرة أخرى لوقف لإطلاق النار .
وأعلن الرئيس ترامب أنه سيصدق “كلمة الحوثيين” وأنهم سيتوقفون عن مهاجمة السفن.
وبعد شهرين، أصبحت هذه الكلمة لا تساوي شيئاً. ويعود الحوثيون لقتل المدنيين ويحتجزون الرهائن.
وهذه هى الكلفة الحقيقية لخفض التصعيد مهما كان الثمن “.
ضمانات غامضة
ويبعث هذا برسالة مفادها أن العنف يحقق مكاسب، وأن أي انتهاك لوقف لإطلاق النار مع الجيش الأقوى في العالم بلا تداعيات حقيقية. وتابع دوبويتز و غوتليب أن الحوثيين يعلمون أنه طالما أنهم يقدمون ضمانات غامضة، ستتردد الولايات المتحدة في التصرف على نحو حاسم، و”شاهدنا ” هذه التكتيكات من قبل مع إيران نفسها.
وعلى مدار سنوات، انخرطت طهران والمجتمع الدولي في مفاوضات نووية بلا نهاية، بينما كانت تطور برنامجها للأسلحة .
ثم في تحول مذهل، دعم ترامب الهجمات الجوية الإسرائيلية على البنية التحتية النووية الإيرانية، وأمر الطائرات القاذفة الأمريكية بمهاجمة ثلاثة أهداف رئيسية، عندما لم تلتزم طهران بموعد نهائي حدده للتوصل إلى اتفاق.
وذلك النوع من المصداقية مهم ؛ ولكن المصداقية تتطلب الاستعداد.
وعلى الولايات المتحدة أن تكون مستعدة للتحرك عندما تفشل الدبلوماسية، وأن تتحكم في زمام الأمور وايقاعها، وألا تسمح للحوثيين أو إيران بذلك .
واختتم دوبويتز و غوتليب تقريرهما بالقول إنه حتى يعتقد الحوثيون أن هناك ثمناً حقيقياً لعدوانهم، يتمثل في العقوبات، والكلفة العسكرية، والعزلة الدبلوماسية، سيواصلون السير في مسار الحرب.
ويجب كسب وقف إطلاق النار وليس منحه. وأن الاتفاقات مع الحوثيين ليست اتفاقات على الإطلاق .
المصدر : موقع 24