كريتر نت – متابعات
تواصل الولايات المتحدة دعمها لجهود الاستقرار في لبنان، ففي خطوة تعكس التزام واشنطن بأمن المنطقة، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) موافقة وزارة الخارجية على اتفاق محتمل لبيع عتاد صيانة لطائرات “إيه-29 سوبر توكانو” إلى لبنان بقيمة 100 مليون دولار.
تأتي هذه الصفقة كجزء من جهود لبنان لتعزيز قدراته العسكرية في ظل تحديات أمنية وسياسية معقدة، وتُعدُّ مؤشرًا على أهمية لبنان كشريك استراتيجي لواشنطن في الشرق الأوسط.
وأوضح بيان البنتاغون أن هذه الصفقة، التي تنتظر موافقة الكونغرس الأميركي، تهدف إلى تحسين أمن دولة شريكة تُعدّ قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط. وتُقدم الصفقة معدات دعم وعناصر أخرى ذات صلة ببرنامج الدعم اللوجستي، مما سيسهم في تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
وتُعدّ طائرات “إيه-29 سوبر توكانو” طائرات هجومية خفيفة الوزن ومتعددة المهام، تُستخدم للدعم الجوي القريب، الاستطلاع، وتدريب الطيارين، وهي معروفة بفعاليتها في بيئات الصراع منخفضة الشدة.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية أن هذه الصفقة لن يكون لها “أي تأثير سلبي على جاهزية الدفاع الأميركية”.
ويُلقي هذا الدعم العسكري الضوء على السياق السياسي والأمني المعقد في لبنان، فقد سلطت وزارة الدفاع الأميركية، في بيانها، الضوء على نشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر الماضي، بعد نزاع امتد أكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله.
وتدعم صفقة البيع جهود الجيش اللبناني لتطبيق وقف إطلاق النار من خلال توفير عتاد الصيانة لهذه الطائرات المستخدمة في عمليات الدعم الجوي القريب والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع المأهولة.
وتأتي موافقة وزارة الخارجية الأميركية على البيع بعد نحو أسبوع من زيارة مبعوث واشنطن إلى سوريا، توماس باراك، إلى لبنان، والتي لم تسفر عن اختراق فعلي في ملف حصر السلاح، رغم التصريحات الإيجابية التي أعقبت لقاءاته بالمسؤولين اللبنانيين.
ولم تُصدّق بيروت على ورقة مقترحات أميركية سلّمها باراك، في 19 يونيو الماضي، وتتضمن نزع سلاح حزب الله، في المقابل قدّمت بيروت “أفكارا للحل”، سترد عليها واشنطن لاحقا، ليبقى الموقف اللبناني الرسمي ضبابيا تجاه الورقة الأميركية.
وعقب لقائه الاثنين، بالرئيس جوزيف عون عبّر باراك عن “امتنانه ورضاه” عن الرد اللبناني على الورقة الأميركية.
ولم يتضمن هذا الرد، التزاما واضحا حول كيفية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية شمال نهر الليطاني (جنوبي لبنان) ضمن برنامج زمني.
ومطلع يوليو الجاري، قال مسؤول لبناني إن المقترح الذي قدمه باراك خلال زيارته لبيروت في يونيو الماضي، يرتكز على عناوين عدة، أولها نزع سلاح “حزب الله” وحصره بيد الدولة. كما ينص المقترح على إنجاز “الإصلاحات” المالية والاقتصادية، وضبط الحدود ومنع التهريب، وزيادة الجباية الجمركية، وتشديد الإجراءات على المعابر والمرافق العامة، وفق المسؤول نفسه الذي فضل عدم ذكر اسمه.
وفي تعقيبه على المقترح، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في كلمة متلفزة قبل أسبوع، إن الحديث عن إستراتيجية دفاع وطني مرهون “برحيل الاحتلال الإسرائيلي عن لبنان”، دون الإشارة بشكل واضح إلى ملف نزع السلاح
وعلى الرغم من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، تشنّ إسرائيل باستمرار غارات في مناطق لبنانية عدة، خصوصًا في الجنوب، تستهدف غالبًا عناصر أو مواقع لحزب الله. كما يواصل الجيش الإسرائيلي احتلال 5 تلال لبنانية في الجنوب سيطر عليها خلال الحرب الأخيرة، بالإضافة إلى مناطق أخرى يحتلها منذ عقود.
وفي تطور لافت، أجرى حزب الله الأسبوع الماضي مراجعة استراتيجية شاملة في أعقاب حربه مع إسرائيل، شملت النظر في تقليص دوره كحركة مسلحة دون نزع سلاحه بالكامل.
وذكرت مصادر أن الحزب يدرس تسليم بعض الأسلحة التي يمتلكها في أماكن أخرى من البلاد، لا سيما الصواريخ والطائرات المسيرة التي تُعتبر أكبر تهديد لإسرائيل، ولكن بشرط انسحاب إسرائيل من الجنوب ووقف هجماتها.
هذه التطورات تضع صفقة الدعم العسكري الأميركي في سياق جيوسياسي دقيق، حيث تسعى واشنطن لدعم استقرار لبنان في ظل ديناميكيات إقليمية معقدة.