كتب .. محمد العماري
يُصادف الثاني عشر من يونيو من كل عام “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال”، وهو يوم تطلق فيه المنظمات الحقوقية والإنسانية صرخات متكررة تدعو إلى حماية الطفولة من الاستغلال، وضمان بيئة آمنة للتعليم والرعاية والنمو السليم. ولكن، ومع تسليط الضوء على هذه القضية، يبقى سؤالٌ كبير عالقًا في الضمير الإنساني: هل أطفال ذوي الإعاقة في اليمن خارج دائرة عمالة الأطفال؟ وهل نالوا حقهم في التعليم والرعاية والحياة الكريمة؟
في بلدٍ أنهكته الحرب وأثقل كاهله الفقر والانهيار الاقتصادي، يدفع الأطفال الثمن باهظًا، وتتضاعف هذه المعاناة عندما يكون الطفل من ذوي الإعاقة. ففي الوقت الذي يواجه فيه الأطفال العاديون خطر التسرب المدرسي والانخراط في سوق العمل القاسي، نجد أن معظم الأطفال من ذوي الإعاقة محرومون أصلًا من الحق في التعليم، لا بفعل الفقر فقط، بل نتيجة غياب البنية التحتية المهيأة لاحتياجاتهم، وإغلاق المدارس المتخصصة، وانعدام السياسات الداعمة لدمجهم.
إن عمل الأطفال ليس مجرد ظاهرة اجتماعية عابرة، بل هو انعكاس مباشر لانعدام العدالة الاجتماعية، وضعف الأنظمة التعليمية، وغياب الحماية القانونية. وما لم يتم توفير تعليم جيد وشامل يتناسب مع مختلف القدرات، فإن الأطفال، وخاصة ذوي الإعاقة، سيظلون عرضة للإقصاء والاستغلال والانتهاك المستمر لحقوقهم الأساسية.
في هذا اليوم العالمي الذي يُفترض أن يكون عيدًا للطفولة، تُطوى الفرحة عن قلوب الكثير من الأطفال في اليمن. أولئك الذين يسيرون بين الورش والأسواق وحمل الأثقال بدلًا من الحقائب المدرسية، والذين يعانون من إعاقات مختلفة بلا رعاية أو اهتمام أو حتى مجرد اعتراف بوجودهم. لا ملاعب ترفيهية، لا برامج تعليمية، ولا دعم نفسي أو اجتماعي.
لن تُجتث عمالة الأطفال من جذورها ما لم تُمنح الأسر اليمنية دخلًا كريمًا، وما لم تُوفر فرص عمل للشباب تُمكنهم من إعالة أسرهم دون الاعتماد على عمل الأطفال. كما يجب أن يكون التعليم المجاني والدامج لكل فئات الأطفال – بما فيهم ذوو الإعاقة – أولوية وطنية لا تقبل التهاون.
إن الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال يجب أن يكون مناسبة لتقييم واقع أطفالنا، ومراجعة السياسات، واتخاذ خطوات حقيقية لحمايتهم من كل أشكال الاستغلال، وتحقيق العدالة الشاملة لهم، خاصة الفئة الأكثر هشاشة وتهميشًا: أطفال ذوي الإعاقة.