كتب .. عارف عادل
لا يخفى على أحد أن الشباب هم الثروة الحقيقية لأي أمة، فهم الطاقة المتجددة والعقول النشطة والقلوب المتحمسة التي يمكن أن تحدث فارقاً حقيقياً في مسيرة التنمية. ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية إشراكهم بفعالية في العمل الحكومي بمختلف قطاعاته، لا كعنصر تكميلي ، بل كعنصر أساسي وفاعل في صنع القرار والتنفيذ والإبداع المؤسسي.
لقد آن الأوان لتدوير الكادر الإداري الذي أنهكته السنين، ومنح الفرصة لكادر شاب متحمس ومبادر، يمتلك طاقات كامنة تنتظر الانفجار في خدمة الوطن. إن الإبقاء على كبار السن في مواقع المسؤولية رغم ضعف إنتاجيتهم وتراجع قدرتهم على التجاوب مع متغيرات العصر، يُعد هدراً للفرص ويعرقل حركة التحديث والتطوير التي تتطلب نفساً شاباً وذهنية مرنة.
الشباب بطبيعتهم يتمتعون بذهنية صافية، لا تميل للتعصب، ولا تقيدها مغالطات الماضي، وهم أقدر على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وابتكار الحلول، واستيعاب التحديات برؤية مستقبلية. إشراكهم في العمل الحكومي لا يجب أن يكون مجرد شعار رنان نردده في الاحتفالات والخطب الموسمية، بل واقعاً ملموساً يظهر في التعيينات، والتمكين، وتولي المناصب، والمشاركة في صنع السياسات.
للأسف، كثير من الخطابات الرسمية تتحدث بحماسة عن أهمية الشباب، لكنها تتجاهلهم على أرض الواقع، وتبقيهم في مقاعد الانتظار حتى تخمد جذوة حماسهم، ويتيهوا في دوامة التهميش والإحباط. السؤال الذي يفرض نفسه هل يريدوا فعلاً إشراك الشباب، أم أننا نطلق شعارات لا تجد طريقها للتطبيق؟
إن إتاحة الفرصة الحقيقية للشباب، وتمكينهم من تسلم المناصب القيادية في وقت مبكر، هو مفتاح رئيسي لدفع عجلة التنمية وبناء دولة قادرة على المنافسة في العصر الحديث. فالشباب هم الأكثر قدرة على الابتكار، وهم الأقرب لفهم حاجات المجتمع المتغيرة، والأكثر حرصاً على إثبات الذات وخدمة وطنهم بكل إخلاص.
إذا كنا نطمح إلى مستقبل أفضل، فلابد أن نمنح الشباب فرصتهم الكاملة، ونؤمن بقدراتهم، ونتخلى عن عقلية الاحتكار والتوريث الإداري، ونفتح الأبواب أمام دماء جديدة تعيد الحيوية لجهاز الدولة وتبني نهجاً جديداً يقوم على الكفاءة والطاقة لا على الأقدمية والعلاقات.
فهل سيفعلوا؟ أم سنظل نردد الكلمات ذاتها، وننتظر من دون تغيير حتى نخسر الجيل الأكثر قدرة على صنع التغيير؟