كريتر نت – متابعات
شنت وسائل الإعلام السعودية حملة انتقادات حادة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك بعد تصريحاته التي اقترح فيها مازحًا إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، لتصفه منابر سعودية بأنه “صهيوني متطرف” و”وريث للتطرف”. كما تساءلت بعض البرامج التلفزيونية عن حالته العقلية، ووصفت تعليقاته بأنها “سخيفة”.
وينظر ناشطون إلى تصريحات نتنياهو الأخيرة على أنها مستفزة ومهينة، وزادت من تعقيد هذه الجهود وأدت إلى تصاعد الانتقادات في الإعلام السعودي، الذي اتخذ شعارا غير معلن في حملته بعنوان “العين بالعين والبادئ أظلم”.
ويعكس هذا الهجوم الإعلامي غضبًا متزايدًا في السعودية تجاه نتنياهو، خاصة في ظل المناقشات المستمرة حول إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. إذ تصر الرياض على أن أيّ خطوة نحو التطبيع يجب أن تتضمن تقدمًا حقيقيًا نحو حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
بالإضافة إلى ذلك، يشعر المسؤولون السعوديون بالاستياء من افتراضات نتنياهو وحلفائه بأن المملكة قد تقبل بشروط تطبيع أقل من مطلبها الأساسي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وهذا الاستياء انعكس في التغطية الإعلامية السعودية، التي أصبحت أكثر انتقادًا لنتنياهو وسياساته.
وقال المحلل السعودي عزيز الغشيان “هناك تجاهل تام للتصريحات التي يدلي بها المسؤولون السعوديون، إنه أمر مثير للغضب بالتأكيد.”
حملة إعلامية حكومية لاذعة ضد نتنياهو تعكس غضبا من تجاهل تصريحات المسؤولين الرسميين في السعودية
وبرز “مبدأ العين بالعين والبادئ أظلم” ردا على تصريحات نتنياهو بشأن نقل الفلسطينيين إلى المملكة وتأسيس دولة فلسطينية في “أراضيها الشاسعة”، من خلال اقتراحات كتاب سعوديين نقل الإسرائيليين إلى ولاية ألاسكا الأميركية أو أوروبا.
وجاء ذلك ضمن مقالات رأي ومواقف في الإعلام السعودي، وتحت عنوان “رفض إسلامي وعربي لتصريحات نتنياهو، والتزام سعودي بحل الدولتين”، عنونت صحيفة “الشرق الأوسط” تغطيتها ضمن تفاعل لافت ضد مخططات تهجير الفلسطينيين.
ولم يتوقف سيل مقالات الرأي المتضامن مع موقف المملكة الرافض لتهجير الفلسطينيين، وكان أبرزها مقال رأي عضو مجلس الشورى يوسف بن طراد السعدون في صحيفة “عكاظ” الجمعة، دعا فيه الرئيس الأميركي “إلى نقل الإسرائيليين إلى ألاسكا، ثم إلى غرينلاند (الدنماركية) بعد ضمها.”
وفي منشور على منصة “تروث سوشيال” في 23 ديسمبر الماضي، جدد ترامب تصريحاته بشأن ضرورة أن تكون غرينلاند تحت سيطرة الولايات المتحدة.
بدوره قال الكاتب طلال القشقري، في مقال بصحيفة “المدينة” الأحد “كان التهجير القسري سمة الحرب العالمية الثانية، وأكبر من انتهجه هو النظام النازي في ألمانيا، بقيادة أدولف هتلر، وأكبر من وقع ضحية له اليهود، وأكبر من قاومه الولايات المتحدة.”
وأضاف “للأسف الشديد، يتبنى الضحية السابق والمقاوِم السابق هذا التهجير بعد أن هاجماه لعقود، واتهما كل من يتبناه بالتطهير العرقي.”
وتابع “ها هما يخططان معا لتهجير فلسطينيي غزة، ووالله، وتالله، وبالله، لو فكر إبليس نفسه في سيناريو للتهجير؛ لما كان في وسعه ابتكار سيناريو آخر بمثل فظاعته، ولقال للإسرائيليين والأميركيين بلسانه الملوث والعفن: (عفارم) عليكما، وأنا في حضرتكما من الدارسين.”
وأكد القشقري أن “التهجير مرفوض من الدول العربية، وعلى رأسها المملكة، والمجتمع العربي والإسلامي والدولي المنصِف مطالب بالتصدي لمثل هذه الخطط الشيطانية، والذي يتحمل مسؤولية إعادة إعمار غزة هو من دمرها بطريقة مباشرة، وغير مباشرة وبأموالهما.”
لم يتوقف سيل مقالات الرأي المتضامن مع موقف المملكة الرافض لتهجير الفلسطينيين، وكان أبرزها مقال رأي عضو مجلس الشورى يوسف بن طراد السعدون
وتابع “يمكن تقسيم غزة لأقسام بحيث يعاد إعمار كل قسم على حدة، دون أيّ تهجير جزئي أو شامل وضمن بقاء الفلسطينيين في وطنهم، كي يساهمان بسواعدهم في إعمار ما تهدم، وإن كان اليهود قد هجروا من أوروبا فعودتهم إليها هي الأولى.”
ووصف الكاتب طارق الحميد الأحد، في مقال بصحيفة “الشرق الأوسط” مقترح ترامب بأنه “فكرة مربكة ومجنونة،” مؤكدا أنها “غير قابلة للتنفيذ.”
أما الكاتبة السعودية وفاء الرشيد فكتبت الأحد، في صحيفة “المدينة” مقالا أوضحت فيه أن “تصريحات ترامب الأخيرة كشفت لنا الوجه الحقيقي للسياسات الاستعمارية الأميركية، حيث اقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الدول المجاورة، متجاهلا كل القوانين والأعراف الدولية، وساعيا لتنفيذ نكبة جديدة تحت غطاء مشاريع التجميل الاستيطانية.”
وأضافت الرشيد “جاء موقف الأمير تركي الفيصل (خلال لقاء مع قناتي “العربية” السعودية و”سي.إن.إن” الأميركية)، ليجسد الموقف العربي الأصيل، حيث ظهر بالكوفية الفلسطينية، رمز العزة والصمود، مؤكداً أن الحل العادل للقضية الفلسطينية لا يكون بالتهجير، بل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.”
وردا على موقف السعودية الثابت المتمسك بتأسيس دولة فلسطينية، قال نتنياهو الجمعة إن “السعودية لديها مساحات شاسعة وبإمكانها إقامة دولة فلسطينية عليها.” وذلك تعقيبا على سؤال لمذيع القناة “14” العبرية، بشأن تمسك الرياض بإقامة دولة فلسطينية من أجل تطبيع العلاقات مع تل أبيب.
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية الأحد، في بيان، رفضها تصريحات نتنياهو، وقالت إنها “تهدف إلى صرف النظر عن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين بغزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي.”
وشددت الوزارة على أن “الشعب الفلسطيني صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها، يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.”
واستمر التفاعل على التصريحات في الإعلام السعودي، حيث كتب زيد الفضيل في صحيفة “مكة” مقالا أشار فيه إلى أنه “في اللحظة التي ينتظر فيها الشعب الفلسطيني في غزة أن تقود الولايات المتحدة قافلة البناء تكفيرا عن صمتها المخزي، بل وتأييدها لجرائم الحكومة الإسرائيلية، يأتي الرئيس دونالد ترامب ليعلن نيته بتهجير المضطهدين المقتولين إلى مصر والأردن، بحجة إعادة إعمار غزة.”
من جانبه، قال الكاتب خالد العويجان في مقال بصحيفة “مكة” السبت “أخذ ترامب على عاتقه القول إن السعودية تريد السلام، ولا تطالب بدولة فلسطينية. وهذا يقود لشيء من التدبر، وبالتالي البحث عن إجابة سؤال، لماذا السعودية حاضرة في قواميس جميع رؤساء الولايات المتحدة؟ في الحملات الانتخابية، وحشد المؤيدين، والأوقات العصيبة واللحظات الحرجة؟”
ومجيبا على هذا التساؤل، قال العويجان “أتصور أنهم مهووسون بالسعودية. ولا تفسير للأمر غير ذلك.”
وأضاف “توقع ترامب أن حديثه سيمر مرور الكرام. وبنى تفسيراته على علاقته وصداقته مع المملكة، وربما تغافل بأن لدى الرياض خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها.”
في السياق ذاته، أثنى الكاتب علي الزهراني بمقال في صحيفة “المدينة”، السبت، على موقف بلاده قائلا “ما إن فجر الرئيس ترامب قنبلته عن تهجير الفلسطينيين حتى تفجرت المواقف العربية والدولية.”
وأضاف الزهراني أن “الموقف الأكثر أثرا وقوة، هو الموقف السعودي الذي جاء في بيان وزارة الخارجيَة.”