كريتر نت – متابعات
في قلب الإحباط المتزايد لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يكمن ما يعتبره البيت الأبيض فشله في صياغة وتنفيذ إستراتيجية من شأنها أن تجعل إسرائيل أكثر أمنا، في حين ينخرط في تكتيكات تجعلها أقل أمنا.
وتوضح مصادر أميركية مطلعة على النقاشات في البيت الأبيض أن بايدن يعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يخلط بين التكتيكات والإستراتيجية بطريقة غير مستدامة وغير قابلة للدعم.
وتطرح الإدارة الأميركية سؤالين، هما: ما هي نهاية اللعبة؟ وما هو الطريق إلى الاستقرار؟ فيما فشل نتنياهو في الإجابة على هذين السؤالين بشكل يقنع إدارة بايدن، وهو ما دفع الرئيس الأميركي إلى إرسال رسالة أقوى.
وقرر بايدن إيقاف شحنة من 3500 قنبلة إلى إسرائيل وتعهد بمنع الأسلحة الهجومية الأخرى إذا شنت القوات الإسرائيلية غزوًا بريًا واسع النطاق لرفح، ما أدى في النهاية إلى أخطر نزاع أميركي – إسرائيلي منذ جيل.
وتنتقد الإدارة الأميركيةُ نتنياهو على تركيزه على التكتيكات تركيزا كاملا على حساب الإستراتيجية. وتشمل هذه التكتيكات تحرير الرهائن، وهو ما فعله بنجاح جزئي فقط، وقتل مقاتلي حماس وقادتها، وهو ما فعله نتنياهو بطريقة أدت إلى زيادة المعارضة الدولية وتسببت في خسائر غير ضرورية، في حين تركت القيادة العليا لحماس سليمة.
وعلى الرغم من أن التوترات بشأن الهجوم الإسرائيلي الوشيك على رفح بدأت في فبراير الماضي، إلا أن إحباط مسؤولي إدارة بايدن تزايد بشكل كبير عندما فشل نتنياهو في تعديل المسار بعد الدفاع عن بلاده في 13 أبريل ضد أكثر من ثلاثمئة صاروخ وطائرة دون طيار إيرانية.
وشملت العملية الدفاعية المشتركة الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والأردن، وتضمنت بشكل كبير مساعدة هادئة من المملكة العربية السعودية.
ويرى محللون أن انخراط الدول العربية في التصدي للهجوم الإيراني على إسرائيل يؤكد إمكانية إعادة هندسة بنية المنطقة.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن التطبيع الإسرائيلي – السعودي، إلى جانب التعاون الأمني الوثيق مع الدول العربية الأخرى التي وقعت على اتفاقيات أبراهام، من شأنه أن يمنح إسرائيل طريقًا أكثر موثوقية واستدامة نحو الاستقرار مما يمكن أن توفره حتى عملية رفح الأكثر نجاحًا ضد حماس.
وللتأكيد على وجهة نظرهم بشأن عدم جدوى عملية رفح واسعة النطاق، تحدث المسؤولون الأميركيون عن رؤيتهم لعودة مقاتلي حماس إلى الظهور في مناطق غزة التي طهرتها القوات الإسرائيلية عسكريا، مثل خان يونس، حيث يعتقد أن يكون زعيم حماس يحيى السنوار مختبئًا.
ويرى المسؤولون الأميركيون صياغة إستراتيجية تشتمل على العناصر التالية: قيام إسرائيل بإغلاق الحدود المصرية مع غزة. ثم تقوم بعد ذلك بمطاردة قادة حماس دون القيام بعمليات واسعة النطاق تؤدي إلى خسائر لا داعي إليها. وبعد ذلك تقوم قوة دولية، أو ربما قوة عربية فقط، بتوفير الأمن في غزة، في حين تعمل إسرائيل مع آخرين من أجل إنشاء بنية قيادية فلسطينية قادرة على الضغط على حماس. ثم تتفق جميع الأطراف على مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، وتتسارع الجهود نحو التطبيع السعودي وإعادة هندسة البنية الأمنية الإقليمية.
وقال آرون ديفيد ميلر، وهو مفاوض أميركي سابق في الشرق الأوسط وعمل مع إدارات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، “هذا يظهر أن الثقة بين إدارة بايدن ونتنياهو ربما تنهار. إذا لم تتم إدارة الأزمة بعناية فسوف تستمر في التفاقم”.
ويقول محللون إن التحدي الذي يواجه بايدن ونتنياهو الآن هو منع خلافاتهما من الخروج عن السيطرة. وقال جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، إنه لا يوجد سبب يدعو إلى أن تكون هذه “ضربة قاتلة” للعلاقات. وأضاف “لذلك لا أعتقد أن الباب مغلق أمام أي شيء”.
ويقول ديفيد ماكوفسكي، وهو مدير مشروع كوريت للعلاقات العربية – الإسرائيلية، في تقرير نشره معهد واشنطن “بالرغم من ذلك ليست هذه الخلافات تافهة على الإطلاق وتجب معالجتها لضمان استمرار الدعم الأميركي”.
ويخشى نتنياهو أن تقوم العناصر اليمينية المتشددة أو عناصر الوسط، بقيادة زعيم المعارضة الفعلي بيني غانتس، بإسقاط حكومته بناءً على شكاوى مختلفة؛ من شاكلة أنه “لين” للغاية في خوض الحرب، وأنه لن يدعم أيًا كان موقفهم المفضل.
ويتعلق الأمر بتجنيد اليهود المتشددين، أو أي قضية من القضايا الأخرى. ومخاوفه لا أساس لها من الصحة بالنظر إلى الاحتجاجات المتزايدة في الداخل ودعوة غانتس إلى إجراء انتخابات مبكرة. ويعتقد أيضًا أن الرئيس بايدن لا يهتم بشكل كافٍ بهذه الاحتياجات السياسية.
ويرى المدير التنفيذي للمجلس الأطلسي فريد كيمبي أنه لن يكون من السهل تحقيق أي مما سبق، إذ يتطلب ذلك من نتنياهو التحول من تركيزه على التكتيكات قصيرة المدى إلى إستراتيجية واعدة أكثر وطويلة الأمد. وإلى أن يفعل ذلك، يتوقع كيمبي المزيد من التوترات بين نتنياهو وبايدن.