كريتر نت – متابعات
أبدت إسرائيل مرونة مفاجئة للقبول بهدنة مؤقتة مع حركة حماس تهدف إلى وقف إطلاق النار لتأمين زيادة المساعدات وإطلاق سراح المحتجزين، في موقف بدا أن الهدف منه امتصاص ردود الفعل الغاضبة على جريمة قتل موظفي الإغاثة الذين يعملون لفائدة منظمة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) إثر قصف إسرائيلي.
وعلقت الإمارات، التي ترعى المنظمة، مؤقتا جهود المساعدات الإنسانية عبر الممر البحري انتظارا للمزيد من ضمانات السلامة وإجراء تحقيق كامل.
والإمارات هي الممول الرئيسي للمساعدات عبر الممر البحري إلى غزة، فيما تعمل وورلد سنترال كيتشن على ترتيب طرق استقبال المساعدات.
وقبل أسبوعين استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، إيرين غور، الرئيسة التنفيذية لوورلد سنترال كيتشن، وبحثا مواصلة التعاون بين الجهات المعنية في الإمارات والمنظمة، للاستجابة للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، وضمان إيصال المزيد من المساعدات الإغاثية الكافية إلى القطاع جوا وبرا وبحرا.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن المفاوضين الإسرائيليين سيعودون من القاهرة بعد صياغة مقترح جديد لهدنة في غزة ولتحرير الرهائن.
وذكر مكتب نتنياهو “في إطار المحادثات، وبوساطة مفيدة من مصر، صاغ الوسطاء مقترحا محدثا لحماس”، مضيفا أن إسرائيل تتوقع من الوسطاء أن يضغطوا على الحركة بقوة أشدّ من أجل التوصل إلى اتفاق.
وجاء التفاؤل الإسرائيلي بالتقدم في مفاوضات الهدنة مع حماس في سياق مناقض تماما لمواقف إسرائيل الأخيرة، التي ترى أن الحسم العسكري سيجبر حماس على إطلاق سراح الرهائن وتقديم التنازلات التي تطالب بها تل أبيب.
وربط مراقبون بين التفاؤل الإسرائيلي واستهداف موظفي إغاثة يعملون في غزة وأغلبهم من الأجانب. وأثار الهجوم الإسرائيلي غضبا دوليا واسعا، وهو ما يرجح أن يكون الحديث عن تسريع التفاهمات بشأن الهدنة محاولة من حكومة نتنياهو لصرف الأنظار عن جريمة قتل موظفي الإغاثة والتقليل من تأثيراتها على صورة إسرائيل في الخارج التي اهتزت بسبب الحرب في غزة والأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها المدنيون.
وقالت منظمة وورلد سنترال كيتشن غير الحكومية “إن مواطنين من أستراليا وبريطانيا وبولندا كانوا من بين سبعة أشخاص يعملون لصالحها قتلوا في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت وسط غزة الاثنين”.
وأضافت المنظمة في بيان أن الموظفين، ومن بينهم أيضا فلسطينيون ومواطن يحمل الجنسيتين الأميركية والكندية، كانوا يستقلون سيارتين مدرعتين تحملان شعارها إلى جانب مركبة أخرى.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن القصف الجوي الإسرائيلي الذي أودى بحياة موظفي الإغاثة كان غير مقصود و”مأساويا”.
وعبر الجيش عن “صادق حزنه” ووعد بإجراء تحقيق مستقل في الحادث الذي أثار إدانة واسعة النطاق وزاد الضغوط من أجل اتخاذ خطوات للتخفيف من وطأة الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
ودأبت إسرائيل على نفي إعاقة توزيع المساعدات الغذائية التي يحتاجها القطاع بصورة عاجلة، قائلة إن المشكلة ناجمة عن عدم قدرة منظمات الإغاثة الدولية على إيصالها إلى من يحتاجونها.
وذكرت وورلد سنترال كيتشن أنه على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، تعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودعها في دير البلح، بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي جُلبت إلى غزة عن طريق البحر.
وقالت إيرين غور “هذا ليس هجوما على وورلد سنترال كيتشن فحسب، وإنما على المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف حيث يُستخدم الغذاء سلاح حرب”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن حثت إسرائيل “على إجراء تحقيق سريع وشامل ونزيه لفهم ما حدث بالضبط”. وأضاف بلينكن، خلال حديثه للصحافيين في باريس، “يجب حماية العاملين في المجال الإنساني”.
وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة للتخفيف من حدة الجوع الشديد في قطاع غزة الذي دمرته شهور من الحرب. وتعرض جزء كبير من قطاع غزة المكتظ بالسكان لدمار مهلك ونزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
واتهمت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى إسرائيل بعرقلة توزيع المساعدات من خلال وضع عقبات بيروقراطية والتقاعس عن توفير الأمن لقوافل الغذاء، وهو ما أبرزته كارثة وقعت في 29 فبراير وأودت بحياة نحو 100 شخص كانوا ينتظرون تسلّم المساعدات.
وقالت حماس إن المشكلة الرئيسية في توزيع المساعدات هي استهداف إسرائيل لموظفي الإغاثة. وبعد الواقعة الأحدث أصدرت بيانا قالت فيه إن الهجوم يستهدف ترويع العاملين في الوكالات الإنسانية الدولية ومنعهم من الاضطلاع بمهامهم.
وأمرت محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضي إسرائيل باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية والفعالة لضمان وصول الإمدادات الغذائية الأساسية إلى الفلسطينيين في القطاع ودرء تفشي المجاعة.
وردا على ذلك اتهم مسؤولون إسرائيليون الأمم المتحدة وهيئات دولية أخرى بـ”الفشل” في حل مشاكل إيصال المساعدات إلى الجياع في غزة، قائلين إنها تفتقر إلى القدرة اللوجستية على أداء وظائفها.
وطالبت بريطانيا وأستراليا وبولندا، وهي دول صديقة لإسرائيل، باتخاذ إجراءات لحماية موظفي الإغاثة، وهو ما يسلط الضوء على العزلة الدبلوماسية المتزايدة لنتنياهو بشأن الوضع في غزة.
وأكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي مقتل موظفة الإغاثة الأسترالية لالزاومي “زومي” فرانكوم البالغة من العمر 44 عاما، وقال إن حكومته اتصلت بإسرائيل للمطالبة بمحاسبة المسؤولين.
وأصدرت بولندا، التي فقدت مواطنا أيضا في الهجوم، بيانا اعترضت فيه على “تجاهل القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، بمن في ذلك العاملون في المجال الإنساني”.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون على مواقع التواصل الاجتماعي “نشعر بالحزن والانزعاج الشديد بسبب الضربة التي أدت إلى مقتل عمال إغاثة في وورلد سنترال كيتشن بغزة”.