أدهم إبراهيم
عقب تنفيذ حركة حماس لهجوم غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر – تشرين الأول الماضي، شنت إسرائيل هجوما ضاريا على قطاع غزة ، طال الكثير من المدنيين والنساء والأطفال في عقاب جماعي وصف بأنه دفاع عن النفس، إلا أنه كان شديد القسوة وغير متناسب مع فعل حماس تجاه إسرائيل والمستوطنين. وقد منعت وسائل الإعلام المختلفة من تغطية الكثير من جرائم الحرب في غزة. كما تم استهداف أكثر الصحافيين العاملين في القطاع المذكور.
ولحسن الحظ في عالم اليوم، أصبح من المستحيل التكتم على مجازر بحق المدنيين، لكون الأشخاص العاديين يمكنهم تغطية كثير من الوقائع بواسطة الهاتف ونشرها.
لقد أدّت الحرب في غزة بالفعل إلى خسائر غير مسبوقة في الأرواح، حيث أفادت مصادر طبية بارتفاع أعداد القتلى إلى أكثر من 28 ألف شخص وقرابة 65 ألف جريح ومعوق، وذلك حتى اليوم 133 من الحرب.
◙ الفظائع التي ارتكبت في غزة والضفة الغربية تظهر فاشية القيادة الإسرائيلية وسعيها للتطهير العرقي والإبادة الجماعية، التي تمثل خيانة للقيم الأساسية للإنسانية
بتسلئيل سموتريش السياسي الإسرائيلي المتطرف، والذي يشغل منصب وزير المالية، عرض تصوراته في حل القضية الفلسطينية نهائيا على أساس تهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو الإبادة الجماعية عند اعتراضهم!
هنالك عائلات بأكملها تم القضاء عليها. وقد نزح الآلاف وهم يحملون أطفالهم. والخوف لا يكمن في وفيات هؤلاء الأطفال، التي قدرت بنحو 11 ألفا و500 طفل وفق صحيفة “هآرتس”، ولكن تيتّم أطفال آخرون وحرموا من الغذاء والماء أيضا.
وهكذا أصبحت غزة وفق اليونيسيف “أخطر مكان في العالم للأطفال”.
خلال زيارته إلى إسرائيل الأسبوع الماضي، أطلق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن انتقاداته العلنية الأكثر جرأة حتى الآن لسلوك إسرائيل في الحرب. وقال إن وحشية هجمات حماس لا يمكن استخدامها لتبرير معاملة الفلسطينيين بوحشية.
وتابع بلينكن قائلا “الأغلبية الساحقة من الناس في غزة ليست لها علاقة بهجمات السابع من أكتوبر، فالعائلات في غزة التي يعتمد بقاؤها على المساعدات التي تسمح بها إسرائيل، هي مثل عائلاتنا تماما، إنهم أمهات وآباء وأبناء يريدون كسب عيش كريم، وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، ويريدون العيش حياة طبيعية، هذا ما يريدونه”.
وتقول جماعات الإغاثة الدولية إنه علاوة على حقيقة أن المدنيين الأبرياء في غزة يتعرضون للقتل والإصابة، فإنهم يتعرضون للتجويع والحرمان من العلاج الطبي.
يحاول بنيامين نتنياهو الظهور كبطل في هذه الحرب هربا من هزائمه السياسية، وقد وصفه المؤرخ الفرنسي شارل سان برو بالـ“فاشي”.
◙ الفاشية والعنصرية ظاهرتان مدمرتان تتناقضان مع قيم المساواة والعدالة والحرية، ممّا سيجعل سقوطها أمرًا حتميًا في نهاية المطاف
فالتطورات السياسية التي جرت في إسرائيل مؤخراً تدل على نزوع كبير نحو الفاشية، وهذا تماما كما جرى في أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية حيث استحوذت العناصر الفاشية على السلطة، والحديث عن فاشية الحكومة الإسرائيلية عبر عنه بشكل واضح وزير الحرب الإسرائيلي المستقيل موشيه يعالون حيث قال في مؤتمر صحفي “هناك قوى متطرفة وخطيرة استولت على إسرائيل. وحركة الليكود زعزعت الاستقرار”.
قبل أربعة أيام من هجوم حماس، نشرت صحيفة “هآرتس” مقالة افتتاحية تحت عنوان “الفاشيّة الجديدة الإسرائيلية تهدد الإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍ سواء”.
وقبل ذلك بشهر، أعلن ما يقرب من 200 طالب من طلاب المدارس الثانوية الإسرائيلية عزمهم على عدم التقدّم للتجنيد، قائلين “مدفوعين بقناعاتنا الخاصة، قررنا أنه لا يمكننا خدمة مجموعة المستوطنين الفاشيين الذين يسيطرون على الحكومة في الوقت الحالي”.
ووصفت النائبة البريطانية عن حزب العمال، كيم جونسون الحكومة الائتلافية الإسرائيلية المشكلة حديثًا بأنها “فاشية”.
كما وصفت منظمة العفو الدولية إسرائيل بأنها “دولة فصل عنصري”
ووفقا لاتفاقية جنيف فإن معاقبة المدنيين على جرائم لم يشاركوا في ارتكابها ترقى إلى ما يعد جريمة حرب.
وعلى هذا الأساس أقامت حكومة جنوب أفريقيا قضية الإبادة الجماعية على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي.
منذ صعود الدكتاتوريين مثل أدولف هتلر وبينيتو موسوليني، شهد العالم عواقب كارثية للسلطة غير المقيدة التي يمارسها القادة الفاشيون مثل الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل برئاسة نتنياهو.
◙ أصبح من المستحيل التكتم على مجازر بحق المدنيين، لكون الأشخاص العاديين يمكنهم تغطية كثير من الوقائع بواسطة الهاتف ونشرها
أن هذه الحكومة الفاشية تمثل الوجه الحقيقي للصهيونية كحركة استعمارية استيطانية.
من إرث الفاشية، يجد العالم ضرورة ملحة لضمان عدم إفلات أولئك الذين يرتكبون الفظائع الفاشية من المساءلة.
ومن الضرورة الأخلاقية السعي إلى تحقيق العدالة غير المنقوصة. فالفاشيون الجدد لا يعترفون بحقوق الإنسان بل يقوضون حق الحياة، إنهم يتغذون على الظلم والكراهية ومعاداة الإنسانية.
إن الفظائع التي ارتكبت في غزة والضفة الغربية تظهر فاشية القيادة الإسرائيلية وسعيها للتطهير العرقي والإبادة الجماعية، التي تمثل خيانة للقيم الأساسية للإنسانية.
إسرائيل التي صورها الغرب كواحة للديمقراطية في العالم العربي، أصبحت بؤرة فاشية، ليس في المنطقة وحسب بل في العالم أجمع.
إنّ الفاشية والعنصرية ظاهرتان مدمرتان تتناقضان مع قيم المساواة والعدالة والحرية، ممّا سيجعل سقوطها أمرًا حتميًا في نهاية المطاف.
نقلاً عن العرب اللندنية