كريتر نت – متابعات
عززت وثيقة إسرائيلية الاعتقاد في ما تخوّفت منه مصر التي توجّست من وجود مخطط تتبناه حكومة بنيامين نتنياهو لتوطين سكان قطاع غزة في سيناء، مستفيدة من الحرب التي يشنها الجيش ضد المقاومة الفلسطينية حاليا.
وصاغت هيئة حكومية اقتراحا ينص على نقل سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى سيناء، ما أثار إدانة من الفلسطينيين وزاد من حدّة التوتر بين تل أبيب والقاهرة.
وشدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جو بايدن أخيرا على أن مصر “لم ولن تقبل توطين الفلسطينيين في سيناء”.
وقلل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من شأن التقرير الذي أعدته وزارة الاستخبارات ووصفه بأنه ورقة مفاهيمية، لكنه فاقم توجسا طويل الأمد لدى القاهرة من أن إسرائيل ترغب في تحويل غزة إلى مشكلة مصرية، وأحيا لدى الفلسطينيين ذكريات أليمة من النكبة التي مسّت مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا أو أُجبروا على ترك منازلهم عقب حرب 1948.
مؤلفو الوثيقة يقترحون نقل سكان القطاع إلى مدن الخيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد
وقال نبيل أبوردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تعليقا على التقرير “نحن ضد النقل إلى أي مكان وبأي شكل من الأشكال، ونعتبره خطا أحمر لن نسمح بتجاوزه. لن يسمح لما حدث عام 1948 بأن يتكرر”، لافتا إلى أن النزوح الجماعي “إعلان حرب جديدة”.
ويظهر على الوثيقة تاريخ 13 أكتوبر، أي أنها صدرت بعد ستة أيام من قتل مسلحي حماس أكثر من 1400 شخص في جنوب إسرائيل واحتجاز أكثر من 240 رهينة في هجوم سبب حربا إسرائيلية مدمرة على قطاع غزة، ونشرها موقع سيحا مكوميت العبري لأول مرة.
وعرضت وزارة الاستخبارات، التي تجري أبحاثا لكنها لا تضع السياسات، في تقريرها ثلاثة بدائل لإحداث تغيير كبير في الواقع المدني بغزة في ضوء “جرائم” حماس التي أدت إلى حرب “السيوف الحديدية”.
ويرى مؤلفو الوثيقة في هذا البديل الخيار الأفضل لأمن إسرائيل، واقترحوا نقل السكان المدنيين في غزة إلى مدن الخيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد.
وتحدّثت الوثيقة عن إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من الدخول، ولم تذكر ما الذي سيحدث لغزة بمجرد إخلاء سكانها.
ولم ترد وزارة الخارجية المصرية على طلب للتعليق على التقرير على الفور، لكن القاهرة أوضحت منذ اندلاع الحرب على غزة أنها لا تريد أن تصلها موجة من اللاجئين الفلسطينيين.
ولطالما خشيت القاهرة من رغبة إسرائيل في فرض طرد دائم للفلسطينيين إلى أراضيها، كما حدث خلال حرب 1948، وحكمت مصر قطاع غزة بين عامي 1948 و1967، عندما استولت إسرائيل على القطاع، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، لكن جلّ سكان غزة من نسل اللاجئين الفلسطينيين الذين اقتلعوا مما أصبح دولة إسرائيل الآن.
وحذّر الرئيس السيسي من التدفق الجماعي للاجئين من غزة، على أساس أن ذلك سوف يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية، واعتبر أن ذلك سيجلب المسلحين إلى سيناء أيضا، وقد يشنون هجمات على إسرائيل ما يعرّض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين للخطر، واقترح أن تعمل إسرائيل بدلا من ذلك على إيواء الفلسطينيين في صحراء النقب المجاورة للقطاع حتى تنهي عملياتها العسكرية وتعيدهم إلى غزة.
وقال يوئيل جوزانسكي، وهو زميل بارز في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، “إن الوثيقة تهدد بالإضرار بالعلاقات مع شريك رئيسي”. وأضاف جوزانسكي، والذي عمل مستشارا لوزارة الاستخبارات في الماضي، “إذا كانت هذه الوثيقة صحيحة، فهذا الخطأ فادح. وقد يتسبب في شرخ إستراتيجي بين إسرائيل ومصر. أرى أن هذا نتج إما عن جهل أو عن شخص يريد التأثير سلبا على العلاقات الإسرائيلية – المصرية المهمة خلال هذه المرحلة”.
واعتبر مصر شريكا مهما يتعاون مع إسرائيل، وإذا برز علنا أنها تساعد في خطة إسرائيلية متعلقة بالفلسطينيين فقد يكون ذلك “مدمرا لاستقرارها”.
ولن تكون مصر بالضرورة المحطة الأخيرة للاجئين الفلسطينيين، وتحدثت الوثيقة عن دعم مصر وتركيا وقطر والسعودية والإمارات للخطة إما ماليا أو من خلال استقبال سكان غزة المهجرين كلاجئين وحتى مواطنين على المدى الطويل. وأضافت الوثيقة الإسرائيلية أن ممارسات الهجرة “المتساهلة” في كندا تجعلها هدفا محتملا لإعادة التوطين أيضا.
واعترفت الوثيقة بأن هذا الاقتراح “قد يكون معقدا من حيث الشرعية الدولية. سيؤدي القتال بعد إجلاء السكان في تقديرنا إلى عدد أقل من الضحايا المدنيين مقارنة بما يمكن توقعه إذا بقي السكان”.
ونقلت أسوشيتد برس عن مسؤول إسرائيلي مطلع على الوثيقة قوله إنها “ليست مُلزمة ولم تلق مناقشة موضوعية من قبل المسؤولين الأمنيين”. ووصفها مكتب نتنياهو بأنها “ورقة مفاهيمية، تصدر أمثالها على جميع مستويات الحكومة وأجهزتها الأمنية”.
وتابع أن قضية اليوم التالي (لوقف الحرب على غزة) لم تُناقش في أي منتدى رسمي في إسرائيل التي تركز على تدمير قدرات حماس الإدارية والعسكرية.
وترفض الوثيقة الخيارين الآخرين المتمثلين في إعادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إلى غزة، بعد إنهاء حكم حماس للقطاع، أو دعم الحكم المحلي. ويرجع ذلك إلى أسباب، منها أنها لا تردع الهجمات على إسرائيل.
وتقول الوثيقة إن إعادة السلطة الفلسطينية، التي طُردت من غزة بعد حرب 2007 التي دامت أسبوعا ووضعت حماس في السلطة، ستكون “نصرا غير مسبوق للحركة الوطنية الفلسطينية. لكنه سيودي بحياة الآلاف من المدنيين والجنود الإسرائيليين. وهو لا يحمي أمن إسرائيل”.