كريتر نت – متابعات
تنذر الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة بحدوث أزمة داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بعد التصريحات الأخيرة للممثل الأعلى للسياسة الخارجية جوزيب بورّيل الذي قال: إن بعض الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل، مثل قطع المياه والكهرباء والحصار الغذائي على غزة، تتناقض مع أحكام القانون الدولي.
جاءت هذه التصريحات على لسان بورّيل في العاصمة العمانية مسقط خلال مشاركته في اجتماع استثنائي لوزراء خارجية الاتحاد مع نظرائهم في مجلس التعاون الخليجي للبحث في أوضاع منطقة الشرق الأوسط، حيث حضّ الدول الأعضاء على زيادة المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين. وأتت تصريحاته بعد ساعات من تصريحات أدلى بها المفوض الأوروبي أوليفر فارهلي الذي أعلن أن الاتحاد الأوروبي سيوقف المساعدات الإنسانية التي يقدمها للشعب الفلسطيني بعد الهجوم الذي شنّته حركة «حماس» على مواقع ومستوطنات إسرائيلية.
وشدّد بورّيل في تصريحاته التي أدلى بها خلال مؤتمر صحافي، على أن الدعم الأوروبي للفلسطينيين سوف يستمر، وحضّ على زيادته بعد ما حصل في المنطقة في الأيام الماضية. وقال: «علينا أن نزيد دعمنا الإنساني لمساعدة ضحايا هذه المأساة»، مشيراً إلى أنه سيطلب من مجلس الاتحاد زيادة المساعدات المقررة لهذا العام بقيمة 28 مليون يورو.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية أوروبية، أن وزراء خارجية الاتحاد أجمعوا على إدانة «حماس»، وعلى ضرورة إبقاء المساعدة الإنمائية التي يقدمها الاتحاد للفلسطينيين، باستثناء المجر (هنغاريا) والنمسا اللتين خرجتا عن هذا الإجماع.
وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد: إن الوزراء الأوروبيين أجمعوا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وعلى ضرورة منع اتساع دائرة العنف إلى الضفة الغربية ولبنان، وأن يتعاون الاتحاد الأوروبي وينسّق مع الجهات المعنية للإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس». وأضاف ألباريس، أن إسبانيا كانت أول من سارع إلى رفع الصوت ضد وقف المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، مشيراً إلى أن المفوضية ليست مخوّلة اتخاذ مثل هذا القرار وحدها، خاصة من جانب أحد المفوضين.
وكان بورّيل قد وجّه الدعوة لحضور الاجتماع إلى وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين ونظيره الفلسطيني رياض المالكي، لكن كوهين اعتذر عن المشاركة واقتصر الاجتماع على الوزراء الأوروبيين والخليجيين.
ورأى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية أن وقف المساعدات الإنمائية للفلسطينيين هو «تصرّف أخرق»، ودعا إلى التمييز بين السلطة الوطنية الفلسطينية و«حماس». وقال: «ليس كل الفلسطينيين إرهابيين. ومعاقبتهم بشكل جماعي تتعارض مع مصالحنا، وتقوّض السلام، وهي خطأ فادح وهدية إلى (حماس)».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أوروبية أن تصريحات المفوّض المجري أوليفر فارهلي أثارت سخط الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية الذي سارع إلى الاستفسار عنها من رئيسة المفوضية أورسولا فون در لاين التي نفت علمها المسبق بها. كما أعرب عدد من الدول الأعضاء عن استياء من تلك التصريحات بوقف المساعدات الإنمائية إلى منطقة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص، نصفهم من الأطفال الذين يعتمدون عليها بشكل كلي.
وكانت المفوضية قد باشرت الاثنين الماضي بالتدقيق في المساعدات الإنمائية المخصصة للفلسطينيين هذا العام بمقدار 178 مليون يورو، إضافة إلى 218 مليون يورو كانت مخصصة للعامين الماضيين، للتأكد من عدم وصول العون إلى أيدي «حماس». وقال بورّيل: إنه لا بد من محاسبة المسؤولين في حال تبيّن أن بعض هذه المساعدات قد ذهب إلى «حماس»، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن ذلك لم يحصل. ويذكر أن المفوّض فارهلي كان قد جمّد في العام الماضي مساعدات إلى الفلسطينيين بقيمة 200 مليون يورو للضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل تعديل نصوص كتب مدرسية قال: إنها معادية للسامية؛ ما عرّض للخطر مئات المصابين الفلسطينيين بالسرطان كانوا يتلقون العلاج بفضل تلك المساعدات.
إلى جانب ذلك، يجدر التذكير أنه عند الإعلان عن تعيين بورّيل ممثلاً أعلى للسياسة الخارجية الأوروبية أواخر عام 2019 أبلغت الحكومة الإسرائيلية الاتحاد الأوروبي احتجاجها على ذلك التعيين، متهمة بورّيل بانحيازه إلى جانب المواقف الفلسطينية. وكان بورّيل الذي سبق أن رأس البرلمان الأوروبي، شغل منصب وزير الخارجية في الحكومة الإسبانية الرابعة التي رأسها الاشتراكي فيليبي غونثاليث أواسط تسعينات القرن الماضي، وغالباً ما كانت تصريحاته تستدعي انتقادات من الحكومة الإسرائيلية.