كريتر نت – متابعات
قال أعضاء في حركة الجهاد الإسلامي الاثنين إن قوات الأمن الفلسطينية اعتقلت خمسة آخرين من عناصر الحركة في جنين، مما يمهد لتصعيد بين السلطة الفلسطينية والفصائل، بعد أسبوعين من قيام إسرائيل بأكبر مداهمة للمدينة ومخيمها منذ سنوات.
يأتي هذا فيما تقول مصادر في رام الله إن السلطة الفلسطينية تريد أن ترد بقوة على أنشطة الفصائل في الضفة الغربية لإظهار أنها لا تزال قوية ولم تنته، كما يردد الكثير من الفلسطينيين ويلمح إلى ذلك المسؤولون الإسرائيليون.
وضغطت إسرائيل، التي تقول إن مداهمتها استهدفت المسلحين، على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد حركتيْ الجهاد وحماس اللتين تدعمان العمليات التي تستهدف إسرائيليين في مناطق الضفة وخاصة في المستوطنات.
وتشير المصادر الفلسطينية إلى أن الرئيس عباس سيعمل على إقناع إسرائيل بأنه مازال موجودا وقادرا على ضبط الوضع، ولأجل ذلك ستعمد السلطة الفلسطينية إلى اعتقال النشطاء الذين لديهم علاقة بالخلايا التي استهدفت جنودا إسرائيليين أو مستوطنين، وهو ما سيضعها في مواجهة ليس فقط مع منتسبي حماس والجهاد وإنما أيضا مع عناصر حركة فتح وذراعها العسكرية كتائب الأقصى، وهم الذين باتوا يعتقدون أن أداء السلطة ضعيف وعاجزة عن الوقوف في وجه حكومة اليمين الإسرائيلي.
وزار الرئيس الفلسطيني مخيم اللاجئين بعد مرور أيام على المداهمة، وحرص على إظهار قدر من التصريحات الثورية التي تنتقد إسرائيل، في موقف وصف بأنه محاولة للدفاع عن صورته التي تراجعت بشكل كبير مع استمرار الانتقادات التي تستهدف السلطة وأداءها، وخاصة تمسكها بالتنسيق الأمني في وقت ترفض فيه إسرائيل تقديم أي تنازلات لفائدة عباس.
وتعهد عباس في هذه الزيارة، وهي أوّل زيارة يقوم بها إلى مدينة جنين ومخيمها منذ أكثر من عشر سنوات، بإعادة الإعمار “فورا” بعد الدمار الواسع الذي خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية.
ووصف المخيم بأنه “أيقونة للنضال والصمود والتحدي”، مؤكدا “جئنا لنقول إننا سلطة واحدة، دولة واحدة، قانون واحد، وأمن واستقرار واحد، وسنقطع اليد التي ستعبث بوحدة شعبنا وأمنه”.
واتهمت الفصائل المسلحة السلطة الفلسطينية بالضعف وعدم بذل ما يكفي لمواجهة إسرائيل.
وتصدت حشود غاضبة لمسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، وأجبرت مسؤوليها في إحدى المواجهات على مغادرة تشييع جنائز عشرة أشخاص قتلوا في المداهمة الإسرائيلية، ومن بين هؤلاء المسؤولين نائب رئيس حركة فتح القيادي البارز محمود العالول، في خطوة أثارت جدلا واتهمت فتح حركة حماس بالوقوف وراء ذلك.
ويقول مراقبون إن سلبية الرئيس الفلسطيني وانفراده بالرأي داخل حركة فتح وتعالي الأصوات المعارضة له داخل الحركة ومنظمة التحرير…، كلها عناصر سمحت لحركتي الجهاد وحماس بتوسيع نشاطهما في الضفة ونقله من التظاهر إلى عمليات الاغتيال والتصفية التي تستهدف إسرائيليين، ما ضاعف الضغوط على الرئيس عباس وسلطته.
وما يزيد السلطة وقياداتها حرجًا رواج تسريبات تتعلق باتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على تجميد النشاط العسكري الإسرائيلي في مدينة جنين، ومنح السلطة فرصة لفرض هيمنتها هناك، وفق إعلام إسرائيلي.
ونقلت قناة “14” عن مسؤول إسرائيلي (لم تسمّه) قوله “إن اتفاقا أُبرم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، يقضي بمنح الأجهزة الأمنية الفلسطينية فرصة استعادة السيطرة على المدينة”.
ولفت المسؤول إلى حوار أجري مؤخرا بين إسرائيل والسلطة، تم فيه الاتفاق على أن تجمد القوات الإسرائيلية أنشطتها الاستباقية في جنين.
وقال إنّ “القوات الإسرائيلية لن تعمل هناك إلا عند الضرورة، من أجل منح السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية فرصة للتعامل مع المنطقة المكتظة بالمسلحين”.
وقد يكون هذا الاتفاق وراء الزيارة التي قام بها الرئيس عباس إلى جنين ولاحقا عمليات الاعتقال التي قادت إلى توقيف محسوبين على حركتيْ الجهاد وحماس.
وقال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي داود شهاب الاثنين إن اعتقالات الليلة قبل الماضية ترفع العدد الإجمالي لأعضاء الحركة الذين اعتقلتهم السلطة الفلسطينية منذ المداهمة إلى عشرة أشخاص.
وأضاف أن جماعته كانت تحاول تأمين إطلاق سراحهم من خلال التحدث إلى “العقلاء” في حركة فتح.
وفي وقت سابق نفى مسؤول أمني في السلطة الفلسطينية اتهامات من حركتي حماس والجهاد بشن حملات اعتقال على خلفية سياسية في الضفة الغربية.
وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء طلال دويكات في بيان “لا صحة للإشاعات التي يتم تداولها حول قيام الأجهزة الأمنية باعتقال أشخاص على خلفية سياسية”.
وذكر دويكات أن التوقيف الذي طال بعض الأشخاص مؤخرا “جاء بناءً على مذكرات قانونية صادرة من جهات الاختصاص بعد أن قدم بعض المواطنين شكاوى”.
ويقول مسؤولو السلطة الفلسطينية إن إسرائيل تقوض سلطتهم بانتظام، مما يجعل ممارسة السلطة أو وضع الأساس لدولة فلسطينية مستقبلية في الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل بعد حرب عام 1967، أمرا مستحيلا بالنسبة إليهم.