كتب : أ. عادل الزريقي
جزء أساسي مما يعكس تحضر أي مجتمع وذوقه الرفيع هو اهتمامه بالشجرة ، من ناحية غرسها وتربيتها و رعايتها والحفاظ عليها ، فالاكسجين أو الهواء النقي من الشجرة والجمال يكمن بالشجرة ، والراحة النفسية تأتي من الشجرة ، والظل من الشجرة ، مش الشجرة الذابلة و اليابسة التي صارت هيكل عظمي من أثر الإهمال ، بل الشجرة الوارفة الظلال التي لا تكون إلا بشعور المواطن وحسه الثقافي والجمالي وحبه لوطنه .
طبعا الدافع الوحيد الذي جعلني أتطرق إلى هكذا موضوع هو حالنا اليمنيين وثقافتنا ورؤيتنا القاصرة عن الشجرة ، وعن أهميتها في الحياة ، فنجد مثلا أن المرافق الحكومية المعنية بيئيا أو على وجه الخصوص المهتمة بالشجرة والتحسين تأتي الميزانية السنوية لغرس كذا عدد من أشجار الزينة على جزر الشوارع وعلى ارصفتها وعلى المنتزهات ، فنجد أن ذلك الاهتمام يقتصر فقط على موسم معين ووقت محدد ،هو وقت وصول الفلوس والبدء بالعمل وبمجرد استهلاك تلك الميزانية ودخولها الجيوب ومن ثم إلى أسواق القات ينتهي ذلك الاهتمام ولا يتم مواصلة العناية بالشجرة مما يعني أننا شعب نركز على الفلوس فقط وهي الدافع وراء غرس تلك الأشجار وليس حب الشجرة لذاتها ولفائدتها ، أو الحب والرغبة بإضفاء لمسة جمالية على هذه المدينة أو تلك .
هذه العادة سارية في كل المحافظات اليمنية ولم تكن حكرا على مدينة أو محافظة بعينها ، وإذا جاء مسؤول حكومي مثقف إلى حد ما ، واهتم بالشجرة وحث على مواصلة الاهتمام بها ورعايتها وتقليمها ينتقل هذا المسؤول إلى وظيفة أخرى أو إلى محافظة أو مديرية أخرى فيأتي الخلف فتلقى تلك الأشجار التي غرسها واهتم بها السلف حتفها أو تيبس أثر الجفاف .
الإهمال بالشجرة لم يقتصر فقط بعدم مدها بالماء ، ولكن هناك أساليب أخرى خاطئة تؤدي إلى إنتهاء اشجار الزينة من مدننا وشوارعنا مثل تهور بعض أصحاب السيارات عن طريق الصعود بسياراتهم إلى حيث ماتكون مغروسة على الرصيف فيتم دهسها وقتلها لا سيما أصحاب الشاصات الجديدة التي يكثر تفحيطها بشوارعنا وكذلك أصحاب ومالكي المواشي الهائمة في المدن تقضي على الشجرة وهي ما زالت في الأطوار الأولى للتكون والنمو وكلما بدأت تشب عن الطوق أو تنمو قليلا جاءت بقرة أو غنمة واكلتها .
الشجرة هي الحياة وهي الانتعاش فقد ذكرت في القرآن الكريم وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاهتمام بها في أكثر من حديث بل ونهى عن التخلص عن الأذى تحتها وقال صلى الله عليه وسلم بما معنى الحديث من أتاه الموت وبيده فسيلة فليغرسها واعتبر صلى الله عليه وسلم بأن الشجرة بعد موت الانسان تحتسب عند الله من الصدقات التي تنفعه وتفيده بعد موته .
فما هي المعالجات ؟! وماهي الحلول إزاء هذه الثقافة المتدنية لمجتمعنا نحو الشجرة .
الإجابة هي : تثقيف المجتمع ورفع درجة الوعي لدى المجتمع وتغيير المفاهيم السائدة والمغلوطة تجاه الشجرة .
من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فعلى الكتاب والمثقفين والمفكرين ان يكون لهم دور تنويري وإيجابي تجاه الشجرة بالكتابة وبالرسمة وبالفيديو وكذلك وسائل الإعلام المختلفة العامة والخاصة ، تلفزيون ، صحافة ورقية والكترونية ، والمساجد ، وقبل هذا وذاك الدعوة إلى ممارسة توعوية للأجيال بأهمية الشجرة في المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز الصيفية حتى نربي نشء راقي مثقف يساهم في صناعة بيئة نظيفة ونقية تنعكس على بالصحة والسعادة .