كريتر نت – متابعات
جسدت الصين أفكارها وخططها الطموحة لاقتحام صناعة النقل الجوي من خلال نجاح أول رحلة تجارية عبر طائرة مصنوعة محليا في مسار طويل بدأ للتو لمزاحمة عمالقة هذه الصناعة.
وأقلعت “بسلاسة” أول طائرة ركاب من طراز سي 919 الأحد تسيرها شركة إيسترن أيرلاينز، ضمن باكورة رحلاتها بالسوق المحلية من مطار هونغكياو في شنغهاي، وهبطت بنجاح في مطار بكين قبل موعدها المحدد بأربعين دقيقة.
ويقول خبراء إن الرحلة التي حملت 130 راكبا وجاءت بعد سنوات من التجارب تمثل نقلة نوعية للصين الساعية لمنافسة الطرازات الغربية الشهيرة كبوينغ 737 ماكس وأيرباص أي 320، وهما من أكثر الطرز شعبية وتستخدم عادة للرحلات المحلية والإقليمية.
وتم تسليم الطائرة الأولى من طراز سي 919 التي تتسع لقرابة 164 راكبا رسميا إلى إيسترن أيرلاينز خلال ديسمبر الماضي.
واستثمرت بكين بكثافة لإنتاج هذه الطائرة محليا في إطار سعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التقنيات الرئيسية بما يفتح لها أبواب الانتشار، لاسيما مع تلقي الشركة الصينية المحدودة للطائرات التجارية “كوماك” المصنعة لهذا الطراز طلبيات العام الماضي.
وفي حين نشرت وكالة شينخوا صورا للطائرة التي كتب على جانبها “أول طائرة سي 919 في العالم”، علقت قناة “سي.سي.تي.في” التلفزيونية الرسمية على الرحلة بالقول “مستقبلا سيكون معظم الركاب قادرين على اختيار السفر عبر طائرات كبيرة مصنعة محليا”.
وقامت كوماك بتطوير الطائرة سي 919، فقد صمم مهندسو الشركة العديد من أجزائها، لكن بعض مكوناتها الرئيسية لا تزال مصدرها الغرب بما في ذلك محركها.
وتخطط الشركة لبناء 150 طائرة من هذا الطراز كل عام على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الحكومية السابقة.
وتتمتّع طائرة كوماك بحقوق ملكية فكرية مستقلة، وتستجيب لمعايير صلاحية الطيران الدولية، وهي من الحجم الكبير وتحتوي على ما بين 158 و192 مقعدا، بمسافة ملاحة قصوى تقدّر بحوالي 5555 كيلومترا.
وبدأ تصنيع هذا الطراز قبل ستة عشر عاما، وقد أجرت أول رحلة تجريبية في عام 2017، وحصلت على شهادة الجودة الصادرة عن إدارة الطيران المدني الصينية في سبتمبر 2022.
وأكد تشانغ تشاوغانغ، مدير التسويق والمبيعات في كوماك، لوكالة شنيخوا أن الرحلة هي تدشين للطائرة سي 919، التي قال إنها “ستتحسن إذا صمدت أمام اختبار السوق”. واعتبارا من الاثنين المقبل، ستطير سي 919 بين شنغهاي ومدينة تشنغدو الجنوبية الغربية، حسب ما ذكرت سي.سي.تي.في.
وفي يناير الماضي صرح تشانغ يوجين، نائب المدير العام لكوماك، لصحيفة “ذا بايبر” الصينية شبه الرسمية بأن الشركة قد تسلمت أكثر من 1200 طلبية لشراء سي 919. وقال تشانغ في ذلك الوقت إن “كوماك تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية السنوية إلى 150 طائرة في غضون خمس سنوات”.
وفي نوفمبر الماضي ذكرت الشركة، التي تأسست في 2008 كجزء من الجهود الحكومية لتحويل الصين إلى مبتكر للتقنيات المربحة وتقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية، أنها حصلت على 300 طلبية لطائراتها الإقليمية ضيقة الهيكل من طراز سي 919.
وقبل ذلك، قالت كوماك إنها تلقت 815 طلبا لشراء طراز 919 ذات الممر الواحد من 28 زبونا معظمهم صينيون، لكنها أشارت أيضا إلى طلبات من جي.إي كابيتال أفييشن سيرفس وسيتي أيرويز في تايلاند.
لكن إيسترن أيرلاينز، هي الزبون الوحيد الذي أعلن عن جدول تسليم ثابت حتى الآن. وتتوقع أن تستقبل أربع طائرات أخرى خلال العام الحالي.
وتعد دول قارة آسيا والصين تحديدا أهدافا رئيسية لشركتي أيرباص الأوروبية ومنافستها الأميركية بوينغ اللتين تتطلعان إلى الاستفادة من الطلب المتزايد على السفر الجوي من الطبقة المتوسطة الصينية. وأعلنت أيرباص الشهر الماضي أنها ستضاعف طاقتها الإنتاجية في الصين، ووقعت اتفاقا لبناء خط تجميع نهائي ثان لطائرة “أي 320” في تيانجين.
وافتتح أول موقع لتجميع الطائرات في المدينة في 2008، ويقوم بإنتاج أربع طائرات “أي 320” شهريا، بينما تأمل أيرباص بزيادة ذلك إلى ست طائرات شهريا بحلول نهاية العام. وتقول كوماك إن السوق المحلية ستحتاج إلى 9284 طائرة جديدة على مدى السنوات العشرين المقبلة لتلبية طلب السوق، بزيادة 200 عن توقعاتها في العام 2021.
وكانت توقعات صانع الطائرات الصينية أعلى من توقعات بوينغ، التي توقعت في أكتوبر الماضي أن الصين ستحتاج إلى نحو 8485 طائرة جديدة في السنوات العشرين المقبلة. وتوقعت الشركة الأميركية أن الصين ستحتاج إلى 6370 طائرة أحادية الممر لدعم شبكتها المتنامية من الخطوط الدولية والمحلية في ذلك الوقت، بينما قالت كوماك إن هناك حاجة إلى 6896 طائرة من هذا القبيل.
وأغلقت بوينغ بالكامل الطلبات في أكبر سوق في العالم للطائرات الجديدة منذ عام 2017، وسط التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، على الرغم من أن شركات الطيران الصينية وافقت العام الماضي على شراء أكثر من 300 طائرة أيرباص ضيقة البدن.